الرئيسية » , , , , » سبع نصائح من إدغار آلان بو لقصص وقصائد نابضة | ترجمة: موسى بهمن

سبع نصائح من إدغار آلان بو لقصص وقصائد نابضة | ترجمة: موسى بهمن

Written By تروس on الأحد، 27 ديسمبر 2015 | ديسمبر 27, 2015

سبع نصائح من إدغار آلان بو لقصص وقصائد نابضة
ترجمة: موسى بهمن

المنجَز الأدبي إذا كان طويلاً جداً بحيث لا يُمكن قراءته في جلسة واحدة، يجب ضمان توفيره لتأثير هام وثري مستقىً من وحدة الانطباع.

قد لا تكون هناك عبارة مروّعة ضد النساء أكثر من عبارة إدغار آلان بو “موت المرأة الجميلة، هو بلا شك أكثر المواضيع شاعريّة في العالم.” (لعل ملاحظته الساخرة هذه، دفعت سيلفيا بلاث لتكتب بعد أكثر من مائة عام “المرأة هي الكمال / موتها / جسد يرتدي ابتسامة الإنجاز.”) نُشِرَت العبارة في مقال كتبه بو، عام 1846، بعنوان (فلسفة التركيب). وإذا كان هذا العمل معروف بالتبعية الأدبية لما تدعوه إيليزابيث برونفن بـ”جمالية إرضاء الجثة.” – بالإشارة إلى مخاوف عميقة حيال كل من “حياة الأنثى الجنسية والانحلال” – لذا فمن الضروري أن يهتم النسويون والأكاديميون بهذا، وإن لم يكن هذا مهماً للقارئ العادي. ربما.

لكن لدى بو الكثير ليقوله دون أن ينطوي ذلك على العاطفة تجاه النساء المتوفيات. المقال يعرف من عنوانه. وهنا نجد نظرية بو الشهيرة عن ماهيّة الأدب الجيد وإلى ماذا يؤدي. وصولاً إلى ما يُسمّيه “وحدة التأثير.”

نتج عن هذه الحصيلة الأدبية، مجموعة من العناصر الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها -كما يرى بو- في “بناء القصة” التي تُنتِج تأثيراً حيّاً، في القصة والقصيدة على حد سواء.

لتوضيح ما يعنيه، يقودنا بو من خلال تحليل لقصيدته (الغراب) – وكقّراء، نرى أن تحقيق (الغراب) للأثر المطلوب أمر مفروغ منه. لكن كيف فعل ذلك؟

عكس الأفكار السائدة عن الكتّاب “أنهم يكتبون بواسطة صنف جنون حسن – حدس شاطح.” لم تكن لدى بو “أيّة صعوبة في الانتباه لخطوات التقدّم في أي من مؤلفاتي.” خطوات يعتبرها غالباً “حسابية” كما أنه لا يعتبر رفع الستار والكشف عن خدعه خرقاً لـ”قواعد اللياقة.”

هنا وضعنا بشكل مكثَّف، النقاط الرئيسية من مقال بو، والتي تغطي العناصر التي يراها مُهمة جداً لإنتاج أدب “مؤثّر.”

اعرف النهاية مسبقاً، قبل البدء بالكتابة.

يقول بو “أكثر الأشياء وضوحاً هو أن كل حبكة -تستحق هذا المسمى- يجب أن تُعرَف نهايتها قبل حل العقدة.” وقبل السعي بكتابة أي شيء. وعند الشروع بالكتابة على المؤلف أن يضع النهاية “نصب عينيه،” في سبيل “إعطاء الحبكة مساحتها الضرورية من العواقب” والحتمية.

 اجعلها قصيرة – قاعدة “الجلسة الواحدة.”

يؤكد بو أن “المنجَز الأدبي إذا كان طويلاً جداً بحيث لا يُمكن قراءته في جلسة واحدة، يجب ضمان توفيره لتأثير هام وثري مستقىً من وحدة الانطباع. إرغم القارئ على أخذ قسط من الراحة، فـ”تتداخل حوادث العالم” ويُكسَر السِّحْر. “حدود الجلسة الواحدة” هذه، تسمح بالاستثناءات طبعاً. فلا بد من استبعاد الرواية منها. علّق بو ذات مرة على المجموعة الشعرية لجون ميلتون والتي بعنوان (الفردوس المفقود). لأن قاعدة الجلسة الواحدة طُبِّقَت على جميع قصائد ميلتون، كتب بو “فردوس ميلتون المفقود فشل في تحقيق تأثير مستدام.”

حدِّد التأثير المطلوب.

على الكاتب أن يحدّد مسبقاً “نوع التأثير” الذي يرغب بتركه لدى القارئ. هنا يفترضُ بو قَدْرَاً هائلاً من المقدرة لدى الكتّاب في التحكم بمشاعر القرّاء. وكانت لديه الجرأة على التصريح بأن الأسلوب في قصيدة “الغراب” ساعد في توصيف العمل بأنه “مقبول عالمياً.” قد يكون كذلك، لكن على الأرجح لن يؤثر عالمياً بنفس القدرة الجمالية التي “تثير الدموع في الروح المرهفة” – التأثير الذي يريده بو من القصيدة.

اختيار نبرة العمل.

يطمح بو لأكبر قاعدة أساسية ممكنة لعمله -وإن كان ذلك قابلاً للنقاش-. بما أن “الجمال هو الميدان الشرعي الوحيد للقصيدة بشكل عام،” و(الغراب) بشكل خاص، “فالسوداويّة بالتالي هي الأكثر شرعية بين جميع النبرات.” أياً كانت النبرة التي يتم اختيارها، فالطريقة التي يتّبعها بو، وينصح بها، هي “اللازمة” – تكرار رئيسي لكلمة، عبارة، أو صورة تعزز المزاج. في (الغراب) كلمة “ليس إِلَّا” تؤدي هذه الوظيفة، وقد اختارها بو لما لها من وقع صوتي بقدر ما لها من دلالات. صرّح بو أن اختياره للغُراب في توصيل هذه اللازمة نشأ من رغبة في التوفيق بين “رتابة الأفعال بلا تفكير والقدرات العقلية لدى شخصية الانسان.” فقد اختار ببغاء في البداية لهذا الغرض ثم استقرّ على الغراب -نذير سوء الطالع- تماشياً مع السوداوية.

تحديد موضوع العمل وتوصيفه.

هنا يطرح بو موضوع “موت المرأة الجميلة” ثم يضيف، “الشفاه المناسبة لموضوع كهذا هي شفاه حبيب موجوع.” وقد اختار هذه التفاصيل لتقديم موضوعه “الأكثر سوداوية” الموت. وخلافاً لأساليب الكتّاب المتعددة، ينطلق بو من المجرّد إلى الملموس، فيختار الشخوص كأبواق للأفكار.

صياغة الذروة.

قال بو، عن (الغراب)، “الآن يجب عليّ المزج بين الفكرتين. العشيق الذي يرثي عشيقته والغراب الذي يردد باستمرار ‘ليس إِلَّا.'” عند مزجهم، ألّف أولاً المقطع الثالث قبل الأخير، لتحديد “الإيقاع، الوزن، الطول والنسق العام” لباقي القصيدة. أثناء مرحلة التخطيط، يوصي بو أن “تكون بداية الكتابة، عند النهاية.”

تحديد الإطار.

على الرغم من أن هذه الخطوة تبدو الأكثر وضوحاً للبدء في أي عمل، يتركها بو حتى النهاية، بعد أن يقرّر “لماذا” يريد وضع شخصيات بعينها في مكان ما لقول أشياء محدَّدة.

عندما حدّد هدفه وخطّط على نطاق واسع لتحقيق هذا المسعى، يقرر أن “يضع العاشق في حجرته… المؤثّثة بمبالغة.” والوصول لهذه التفاصيل لا يعني أنها نهائية، لكنها مقتَرَحة. “من أجل تنفيذ المخطط الأدبي، عليَّ التقيّد بمساحة ضيّقة، من أجل التأثير خلال عزلة الحدث.” يستمر بو بتأكيد تفضيله لتكرار الكتابة والمسوّدات المتعددة في كل كتاباته. يُبقي “الإبداع في باله دوماً.” لكن الإبداع لدى بو لا “ينبع من الحدس والدافع كما يفترض البعض.” فهو في المقابل يقول، إن ذلك “يتطلب اختراعاً أكثر من النفي.” أي أنّ الكاتب يستفيد من جميع الأحداث والأنماط المألوفة، لكن بنِسَب متفاوتة، يجمعها ويكيّفها لتتطابق والهدف من العمل. فهذا يجعلها خاصة بالكاتب.

بالرغم من أن أغلب الأمثلة حول تقنية بو تتعلق بالشعر تحديداً -كما تشهد قصائده النثرية على ذلك،- لكن من الممكن تطبيق هذه الخطوات في فن القصة القصيرة. ورغم أن إصراره على تصوير الجمال والموت -أو الجمال الكئيب للموت- يُفضي لأعلى الأهداف الأدبية، يجب على الكاتب الحرص على صياغة فكرته بمستوى قلقٍ أقل من قلق المهووسين.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads