الرئيسية » , » شعاع من ضياء الشمس يحضن ألوانك | إعداد وترجمة نزار سرطاوي

شعاع من ضياء الشمس يحضن ألوانك | إعداد وترجمة نزار سرطاوي

Written By تروس on الجمعة، 25 ديسمبر 2015 | ديسمبر 25, 2015

شعاع من ضياء الشمس يحضن ألوانك


 إعداد وترجمة نزار سرطاوي
تعتبر الشاعرة والروائية وكاتبة المقالات أمريتا بريتام أول أديبة بنجابية ذات شأن، وأهم شاعرة في اللغة البنجابية في القرن العشرين. كتبت باللغتين البنجابية والهندية، وحظيت بحب واحترام الجانبين الباكستاني والهندي في إقليم البنجاب. صدر لها خلال العقود الستة التي شهدت نشاطها الأدبي ما يزيد عن 100 كتاب تنوعت بين الشعر والقصة والسيرة والمقالة، علاوةً على كتابٍ جمعت فيه أغاني شعبية بنجابية وآخر عن سيرتها الذاتية. ولعل أكثر قصائدها شهرة هي «اليوم أستدعي وارس شاه» التي تخاطب فيها الشاعر الصوفي البنجابي الذي عاش في القرن الثامن عشر، لتُعبّر عن حزنها الشديد بسبب المجازر التي حدثت إثر تقسيم البنجاب بين الهند وباكستان. أما أكثر رواياتها شهرة فهي «الهيكل العظمي» (1950) التي تتحدث عمّا تتعرض له المرأة من ظلم واضطهاد وعنف. وقد حُولت القصة إلى فيلم سينمائي عام 2003، حاز على أكثر من جائزة.
ولدت أمريتا في مدينة كوجرانوالا البنجابية في 31  آب عام 1919 . وقد سُميت عند ولادتها أمريتا كاور. كان والدها معلمًا وشاعرًا ومحررًا لإحدى الصحف الأدبية وواعظًا سيخيًا. وقد توفيت والدتها ولمّا تتجاوز الحادية عشر من عمرها. بعد وفاة والدتها انتقلت مع والدها إلى مدينة لاهور، واستقرت هناك إلى أن حدث الانفصال بين الهند وباكستان في عام 1947، فرحلت إلى الهند. بدأت تكتب الشعر في سن مبكرة، وقد صدر ديوانها الأول «أمواج خالدة» عام 1936، وكان عمرها آنذاك 16 عامًا. وفي ذلك العام تزوجت من محرر صحفي يدعى بريتام سنغ، وكانت مخطوبة له منذ طفولتها المبكرة. ومنذ ذلك الحين أصبح اسمها أمريتا بريتام. وقد صدر لها منذ زواجها وحتى عام 1943 نحو ستة دواوين شعرية.
نزعت أمريتا في قصائدها الأولى إلى الرومانسية، لكنها في ما بعد انجذبت إلى حركة «الكُتّاب التقدميين» التي نشأت قبل الانفصال. وقد ظهر تحولها الفكري هذا في مجموعتها الشعرية «أوجاع الناس» (1944)، التي وجهت فيها نقدًا لاذعًا للاقتصاد المنهار إثر المجاعة التي اجتاحت إقليم البنغال عام 1943. ومنذ ذلك الحين راحت تعبر عن نفسها بحرية دون خوف من أحد. وقد نشطت في تلك الفترة في العمل الاجتماعي وعملت في محطة لاهور الإذاعية في منتصف الأربعينات.
عاشت أمريتا تجربة الانفصال المريرة بين الهند وباكستان عام 1947. فشهدت المذابح التي راح ضحيتها أكثر من مليون إنسان من المسلمين والسيخ والهندوس. ورغم أنها نجت بحياتها، فقد ظلت التجربة تؤرقها في السنوات اللاحقة بعد أن رحلت إلى مدينة نيودلهي الهندية. في عام 1960 انفصلت عن زوجها بعد تجربة زوجية فاشلة امتدت قرابة ربع قرن. وقد وقعت في حب الشاعر ساهر لودهيانفي (1921 – 1980)، واعترفت بذلك في كتبها وفي المقابلات التي أجريت معها. وحين دخلت حياتَه امرأةٌ أخرى وجدت أمريتا عزاءها في علاقة جديدة مع الفنان والكاتب الشهير إمروز، الذي قضت معه السنوات الأربعين الأخيرة من حياتها. وقد صمملها إمروز أغلفة كُتبها، كما اتخذها موضوعًا للكثير من لوحاته.
نالت أمريتا العديد من الجوائز المرموقة منها جائزة أكاديمية ساهيتيا لعام 1956 عن ديوانها «رسائل»، وجائزة بهارتيا جنانبيث، أكبر جائزة هندية، لعام 1982، وذلك عن ديوانها «الورق والكنفة»، وجائزة بادما فيبهوشان، ثاني أكبر جائزة هندية، وذلك في عام 2004. توفيت أمريتا في 31 تشرين الأول، عام 2005 بعد صراع طويل من المرض.     

 فراغ
كانت هنالك مملكتان لا غير:
أولاهما قذفت بكلينا، هو وأنا، إلى الخارج.
أمّا الثانية فقد هجرناها.
تحت سماء عارية
غرقت أنا لمدةٍ طويلة في مطر جسدي،
وتعفّن هو لمدةٍ طويلة في مطر جسده.
ثم احتسى وَلَعَ السنين كأنها السمّ.
بيدٍ مرتعشةٍ أمسك بيدي.
«هيا بنا ليكون لنا سقفٌ يغطي رؤوسنا لبرهة من الزمن.
أنظري بعيدًا، هنالك
بين الحقيقة والزيف ثمّةَ مساحةٌ صغيرةٌ من الفراغ.
 لسوف ألتقيك مرة أخرى
لسوف ألتقيك مرة أخرى
كيف وأين
لا أدري
ربما سأغدو
شيئًا من نسج خيالك
وربما أنشر نفسي
في خط غامض
على قماشك
أظلّ أحدق فيك.
ربما أغدو شعاعًا
من ضياء الشمس كي
تحضنني ألوانك
لسوف أرسم نفسي على قماشك
لا أعرف كيف وأين–
لكنني سوف ألتقيك لا محالة.
ربما أتحول إلى ينبوع
وأروح أدَلّك جسدك
بقطرات من الماء ذات زبد
وأدع نداوتي تستريح  
على صدرك المحترق
لا اعرف شيئًا
سوى أن هذه الحياة
سوف تسير معي.
حين يفنى الجسد
يفنى كل شيء
لكن خيوط الذكرى
منسوجة من ذرات لا تفنى
لسوف ألتقط هذه الذرات
أنسج الخيوط
وألتقيك مرة أخرى.
 أنا
ثمة الكثير من المعاصرين –
لكن ‹ذاتي› ليست معاصرةُ لي.
ولادتي بدون ‹ذاتي›
كانتقربانًامشوّهًا على لوحة تجميع.
لحظةً من لحمٍ بشري مسجونٍ في لحمٍ بشري.

وحين تَرِد على رأس هذا اللسان اللحميّ
كلمةٌ، يقتل نفسه.
وإن نجا من قتل نفسه،
تهبط الكلمة إلى الورق، حيث تحدث جريمة قتل.
رصاصة –
إذا أصابتني في هانوي
تصيبني ثانيةً في براغ.
فيطفو القليل من الدخان،
وتموت ‹ذاتي› مثل طفلٍفي الشهر الثامن.
فهل ستكون ‹ذاتي› ذاتَ يوم معاصرةً لي؟
 عذراء
حين جئت إلى فراشك
لم أكن وحدي، كنّا اثنتين
امرأة متزوجة وعذراء
لننام معك
كان عليّ أن أقدم العذراء في داخلي
وقد فعلت
هذه المذبحة مسموحة في القانون
وليس الإهانة التي تنطوي عليها
وقد تحملت هجوم الإهانة
في صبيحة اليوم التالي نظرت إلى يديّ الملطختين بالدماء
غسلت يديّ
لكن في اللحظة التي وقفت فيها أمام المرآة
وجدتها واقفة هناك
تلك التي ظننت أنني ذبحتها في الليلة الماضية
يا إلهي! هل كانت العتمة شديدة في فراشك
حتى أنني نويت أن أقتل واحدة، وقتلت الأخرى؟
 رسالة
أنا – كتابٌ في العليّة.
ربما عهدٌ أو كتاب تراتيل.
أو فصلٌ من كاما سوترا،
أو نوبةٌمن العذاباتالخاصة.
لكنني فيما يبدو لست أّيًّا من هذه.
(فلو كنت كذلك، لقرأني أحدهم).
يبدو أنه في  اجتماعٍ للثوريين
اتخذوا قرارًا،
وأنا نسخةٌ مكتوبةٌ منه.
تحمل ختم الشرطة
لكنهم لمينجحوا في تنفيذها.
بل احتفظوا بها من الناحية الشكلية لا أكثر.
والآن تأتي بعض العصافير،
تحمل القش في مناقيرها،
وتجلس فوق جسدي
وتقلق بشأن الجيل القادم.
(كم هو رائعٌ أن نقلق بشأن الجيل القادم!)
العصافير لها أجنحة،
لكن القراراتِ ليس لها أجنحة
(أو أن القراراتِ ليس لها جيلٌ ثانٍ).

أحيانًا أفكر أن أتشمم الرائحة –
ما الذي يخبّئه المستقبل؟
القلق يجعل التزامي يٌؤتي أُكُلَه.
كلما حاولت أن أشمّ
بعض الأبخرة من زرق الطيور.
آه يا أرضي، مستقبلك!
أنا – حالتك الراهنة.
 الكلب الضال
إنّه حقًا لشيءٌ من الماضي –
حين انفصلنا أنا وأنت
دون أن نلوي على شيء
ثمة أمرٌ واحد لا أفهمه تماما..  
حين كنا نقول وداعًا
وكان منزلنا معروضًا للبيع
الأواني الفارغة والمقالي متناثرةٌ فيأركان الفِناء –
ولعلها كانت تحدق في أعيننا
وأخرى غيرها مقلوبةً رأسًا على عقب
ولعلها كانت تخفي وجوهها عنّا.
داليةٌ شاحبة فوق الباب،
لعلها كانت تُسِرٌّ إلينا بشيء ما
– أو تبث شكواها إلى صنبور ماء.
أشياء مثل هذه
لا تخطر ببالي أبدًا.
شيء واحد فقط يظل يقفز إلى ذهني مرةً بعد أخرى –
كيف أن كلبًا ضالًّا –
اشتمّ الرائحة
ودخل يتجوّل في غرفة خاوية
وانصفق البابُ وراءه.
بعد أيامٍ ثلاثة –
حين تغير أصحاب البيت
واستبدلنا المفاتيح بالمال
وسلمنا كل قفلٍ من الأقفال إلى المالك الجديد
وأريناه ا
الحجرات واحدةً واحدة
عثرنا على جثة ذلك الكلب في منتصف إحدى الحجرات...
لم أكن قد سمعت نباحه ولو مرةً واحدة
         كل ماحدث هو أني شممت رائحته الكريهة
وحتى هذه اللحظة أشم تلك الرائحة فجأة –  
تصل إليّ من أشياء كثيرة..
 عنواني
اليوم،
محوت الرقم
عنب يتي
ومحوت اسم الشارع محوًا تامًا
أزلت كل المعالم
والاتجاهات
التي يمكن أن تقودك إلي.
ومع ذلك إن كان لا بد لك أن تجدني
فاطرق بابَ
كلِّ بيتٍ،في كل شارع،
في كل بلد
وأينما أبصرت روحًا حرة
فلتعلم أنك رأيتني
هذه لعنة
لكنها أيضا بركة.
 الكلمات/ المعاني
أحطتُ المعاني بذراعٍ من الكلمات
لأستر عُرْيَها.
الكلمات لا تتوقف مهما طال بها المسير
لا ترفع أعينها لتنظر إليّ!
فقد استدارت لتغتصب المعاني،
وتشعر بالحرج.
 اللقاء مع الذات
فراشي جاهزٌ من أجلك

لكن عليك ان تخلع جسدك
كما خلعت قميصك وحذاءك
وتتركه على الكرسي
لا يهمّ
لكل بلاد عاداتها
 مارتن لوثر كنغ
جوهرك ميت.
لا أقول شيئًا عن يديها المرتعشتين
شفتيها الزرقاوين وعينيها المنتفختين
كل ما أقول هو هذا:
لقد رأيت الجثة وهي تُغسل
وكانت ثمّة قصيدة في الرَحِم.
 الديمقراطية
الفساد ينمو وينتشر
في وسع المرء أن يأكل قدر ما يحب
وأن يملأ دلوَه للاستعمال مستقبلًا.
في وسعهأيضًا أن يجترّه
في أوقات فراغه.

مترجم وشاعر من الأردن

 




التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads