الرئيسية » , » أدب المقاولات وقصائد الليدي غاغا | غدير أبو سنينة

أدب المقاولات وقصائد الليدي غاغا | غدير أبو سنينة

Written By تروس on الجمعة، 25 ديسمبر 2015 | ديسمبر 25, 2015

أدب المقاولات وقصائد الليدي غاغا


في حقبة الثمانينات من القرن الماضي ازدهرت في السينما المصرية، ما كانت تُعرف بـ”أفلام المقاولات”، حتى أنّ عدد تلك الأفلام المعروضة بلغ الـ63 فيلما عام 1984 على ذمّة موقع “ويكيبيديا”. ومن المعروف أن تلك الأفلام التّجارية، رديئة المستوى، اتَّكأت في نجاحها على عوامل عدّة منها توظيف العري والجنس وزجّهما في العمل السِّينمائي بعيدا عن أي مضمون عميق أو قيمة جماليَّة. مع هذا فقد ضمنت تلك الأفلام انتشار بعض الأسماء الفنية العملاقة التي اعترفت أنها اضطرت للاشتراك في تلك الأفلام كي تضمن انتشارها وحاجتها المادية، ثم إنها بدأت تدقّق لاحقا في نوعية الأفلام التي تشارك فيها احتراما لتاريخها، ورغبة منها في ترسيخ اسمها بأعمال لائقة على المستوى الفنّي.
غير أنّي في هذا المقال، سأجيز لنفسي أن أضّم إلى مصطلح “المقاولات” نصوصا أدبية من روايات وشعر وغيرهما، لا تختلف أبدا عن تلك الأفلام باشتراكها في ذات الرداءة وضعف القيمة الفنية، لكن التجارة هذه المرة لن تتوقف عند أبواب التابوهات الثلاثة، بل إن “الوطن” و”الثورة” سيغدوان من الثيمات التي ستنضم بقوة لأدب المقاولات لتجعل من الكاتب اسما مشهورا. وعلى عكس فناني المقاولات، لن يقدم هذا “الكاتب المقاول” اعتذاره للقارئ عن رداءة عمله وغياب قيمه الجماليَّة، بل إن كثرة الاحتفاء به ستوهمه بأنه أعظم من هوميروس.

كتّاب آخرون اعتقدوا أن الإبداع والإتيان بجديد، يعنيان بالضّرورة “أن أقدّم إلى الأدب نصّاً ذا “صرعات” غريبة. صحيح أنَّ القارئ يسعى إلى تقفّي المختلف، وأن الكاتب من حقِّه أن يخلق أُطراً جديدة، بل وأحياناً صادمة، في العمل الأدبي، لكن هل يعني هذا أن كل شيء غريب، هو جميل بالضرورة؟ وهل سيكون ذلك الخلق في الشكل الأدبي كفيلاً بنسيان القارئ لفكرة السّطحيَّة التي أفرط الكاتب في تزيينها؟

ربما يكونُ الشِّعر أكثر قدرة على احتمال هذه الابتكارات من الرواية، ما يجعل من القصيدة تتحول لتكون بمثابة غرفة الأزياء التي سيبدأ الشاعر بتدشينها باعتماد مختلف أنواع الحلي والزينة، متجاهلا -كنظيره الكاتب المقاول- قيمة تلك الحلي التي يعلقها بشكل فجٍّ على قصيدته لتخرج القصائد شبيهة بشكل الليدي غاغا، وهي المغنيّة المعروفة بإطلالاتها الغريبة وتصريحاتها المثيرة للجدل.

على الأغلب ستحملك قصائد الليدي غاغا على التوقف عندها، بل وعند الليدي غاغا ذاتها، حتى وإن لم يعجبك شكلها ومضمونها.

كاتبة من فلسطين مقيمة في ماناغوا



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads