الرئيسية » , , , , , , » امرأة تعشق الدهشة: قصائد ماري أوليفر | ترجمة وتقديم عطية صالح الأوجلي

امرأة تعشق الدهشة: قصائد ماري أوليفر | ترجمة وتقديم عطية صالح الأوجلي

Written By هشام الصباحي on الأحد، 18 أكتوبر 2015 | أكتوبر 18, 2015


".....في أشعارها نحن مدعوون للحديث و للإصغاء، و للولوج في عالم سمح و متواضع وحر من أعمال الخيال، فأعمالها تعلمنا لغة الطبيعة الصماء و تجعلنا ندرك رسالتها التي تتكرر في كل شيء واع : ما الوجود إلا صدى للذات،.. الوجود هو أقدس الأشياء".
                                                                                  مارلين ماكنتاير

فلتتحدث أعمالي نيابة عن عني
ماري أوليفر هي أكثر الشاعرات الأمريكيات المعاصرات شهرة، يمتاز شعرها بالعذوبة والنقاء والنفس الروحاني الجميل، كما تمتاز قصائدها بالعمق والشفافية؛ ونظرا لطبيعتها الانطوائية، فهي نادرا ما تمنح مقابلات صحافية، وقليلاً ما تتحدث إلى وسائل الإعلام، وتجيب عندما تُسئل عن السر في هذا الإقتار قائلة..." فلتتحدث أعمالي نيابة عن عني". وما أكثر الأحاديث التي تثيرها أعمالها. فعلى مدى العقود الخمسة الماضية، تحدثت دواوينها الشعرية إلى عدد لا يحصى من القراء حتى أن صحيفة نيويورك تايمز أشارت مؤخرا لأن دواوين ماري أوليفر هي الدواوين التي تحقق أكبر المبيعات بأمريكا.
ولدت ماري أوليفر في بلدة صغيرة في ولاية أوهايو عام 1935، نشرت ديوانها الشعري الأول عام 1963 وكان بعنوان "لا رحلة.. وقصائد أخرى"، ومنذ ذلك الوقت توالت دواوينها التي أكسبتها مكانة مميزة في الفضاء الشعري الأمريكي. التحقت في شبابها بجامعة ولاية أوهايو، ولكنها لم تنال شهادة جامعية، عاشت لسنوات عدة في منزل الشاعرة إدنا ساينت فنسنت ميلاي بولاية نيويورك، حيث كانت صديقة لشقيقة الشاعرة، وهناك أتيحت الفرصة لها للقاء شخصيات أدبية عديدة ساهمت في صقل موهبتها واتساع معارفها. وهناك أيضا التقت بشريك حياتها المصور مولي مالون كوك و انتقلت للعيش معه ببروفينستاون بولاية ماساشوستس حيث المناظر الطبيعية الخلابة التي كان لها ابرز الأثر في أشعارها.
عُرفت ماري بوضوح وعمق تأملاتها و توظيفها للطبيعة كأداة للتأمل مما أكسبها مكانة راسخة ضمن شعراء الطبيعة الرومانسيون و أدى هذا إلى الانتباه المبكر لإعمالها من قبل النقاد والجمهور.؛ وفي عام 1983 فاز ديوانها "البدائية الأمريكية" على جائزة بوليتزر الشهيرة وحاز على إشادة نقاد الادب في الصحف الرئيسية كالنيويورك تايمز، و لوس انجلوس تايمز. وفي ديوانها التالي " العمل المثالي" (1986) واصلت البحث عن سبل لاستيعاب عجائب والآم الطبيعة، مزاوجة بين حس صوفي ذو ابتهاج غامر و وعي عملي بضراوة العيش ومتطلباته. وتميزت قصائدها في هذا الديوان بغنائية مكثفة، رشيقة أحيانا..و حزينة احيانا أخرى كأنات ناي... وفيه انتقلت من التغني بالطبيعة و إغوائها إلى عالم المعاناة الشخصية والتاريخية.. أو كما قال احد النقاد إلى مواجهة ما لا يمكن تغييره. هذا الانتقال بدا واضحا في ديوانها التالي " مختارات شعرية " الذي فاز بجائزة الكتاب القومي. حيث أبرزت القصائد الجديدة المزيد من تأمل الذات، الطبيعة و الوجود بشكل يزداد ثراء ورشاقة.
استمرت أوليفر في الاحتفاء بالطبيعة في أعمالها التالية، بما في ذلك" ساعات شتاء : نثر، قصائد نثرية، وقصائد" (1999)،" لماذا استيقظ في وقت مبكر" (2004)، "قصائد مختارة، المجلد الثاني" (2004) مما حدا بالنقاد إلى مقارنة أعمالها بأعمال شعراء الطبيعة أمثال ماريان مور، إليزابيث بيشوب، إدنا سانت فنسنت ميلاي، جون موير، والت ويتمان.
تحصلت اوليفر على العديد من الجوائز كما ظهرت مقالاتها في أبرز الصحف الأمريكية. وأختيرت عام 2009 لترأس تحرير مطبوعة أفضل المقالات الأمريكية لذاك العام. كما تستعمل كتبها على نطاق واسع في الجامعات و ورش العمل الإبداعية. ولقد ساهمت في ورش عمل في العديد من الجامعات و تم منحها الدكتوراه الفخرية من معهد الفن ببوسطن (1998)، ومن كلية دارتموث (2007) ومن جامعة تافتس (2008). تقيم الشاعرة حاليا في ولاية ماساتشوستس. فيما يلي ترجمة لبعض من قصائدها:
 

الرحلة
 

أخيرا عرفت
ما عليك فعله،
وبدأت،
رغم...
الأصوات التي 
تقذف نصائحها الرديئة 
و رغم...
اهتزاز البيت...
و رغم الشد في كاحليك.
"اهتم بحياتي.....!! "
كل صوت يصرخ فيك.
لكنك لم تتوقف.
كنت تعرف ما عليك القيام به،
رغم شراسة الرياح 
و قسوة أصابعها 
التي كادت أن تطيح بك،
رغم الحزن
المريع.
فالوقت كان متأخراُ
موحشاً،
والطريق تملأه 
فروع متساقطة.... وأحجار.
ولكن شيئا فشيئا،
ذابت في المسافات أصواتهم،
واحترقت النجوم......
وسط غيومها...،
ثم أتي صوت جديد
أدركت ببطء أنه صوتك..
أنه رفيق رحلتك التي غصت 
العالم فيها 
عازما على القيام
بالشيء الوحيد الذي يمكن فعله --
عازما على....
إنقاذ الحياة الوحيدة....
التي بإمكانك حقا إنقاذها.
 
عندما يأتي الموت
عندما يأتي الموت
كدب الخريف الجائع؛
عندما يأتي..
ويُخرج من محفظته..
نقوده اللامعة ليبتاعني 
عندما يأتي الموت
كالحصبة،
أو يأتي 
كجبل جليدي بين لوحي كتفي،
أريد للفضول...
أن يدفعني عبر ذاك الباب لأتساءل :
كيف هو كوخ الظلام هذا؟..
لذا....
سأرى كل الموجودات كإخوة لي، 
وسأرى الوقت فكرة ليس إلا..
و الخلود مجرد احتمال،
و كل حياة مجرد زهرة وحيدة،
شائعة كزهرة الربيع، 
وكل اسم هو نغم تردده الشفاه،
ويميل، كما الموسيقى، نحو الصمت،
وكل جسد في شجاعة الأسد تعشقه الأرض.
وفي نهايتي.. 
أريد أن أقول :
أنني طيلة حياتي..
كنت زوجة الدهشة.
والزوج الذي احتضن العالم بين ذراعيه 
آنذاك، 
لا أريد أن أتساءل في حيرة
هل صنعت شيئا من حياتي،
لا.. 
لا أريد..
أن أتحسر أو أخاف،
أو أن أغوص في جدال.
أنا فقط أريد..
ألا ينتهي بي المطاف..
كعابرة سبيل... في هذه الحياة.
 
نعم...!...... لا!
 
ما أهمية أن تحكم على الأشياء..!
فالزنابق راضية وهي بالكاد تعلو الأرض درجات،
والصفاء نادر..
ليس موجودا...
كشجرة برقوق تحتضن بتلاتها البيضاء.
ولا....
كبنفسج، على سطح الماء،
يتراقص بوجوهه الزرقاء كمشكاة
ولا....
كتلك الطحالب الممتلئة الخضراء. 
....................
ما أهمية أن تـمـشـي الـهـويـنـا.. 
تتفحص الأشياء..
وتصرخ....،
 نعم!....... لا! 
 فالبجعة، بكل بهائها، 
وثيابها المزدانة بالعشب والبتلات.. 
لا تريد سوى 
أن يسمح لها بالعيش على بحيرة بلا أسم. 
والنباتات بكمالها،... 
والطيور بتغريدها، على حافة الصخور الموحلة.... 
تكاد أن تجن في سعادتها.
ما أهمية أن تحكم على الأشياء..! 
فالخيال 
أجمل
والتأمل..
أجدى.
كاتب وقاص من ليبيا
 Lawgali1@hotmail.com
 


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads