الرئيسية » , , » لن أعود إلا لحضور جنازتي | ميغيل روال

لن أعود إلا لحضور جنازتي | ميغيل روال

Written By هشام الصباحي on الأحد، 18 أكتوبر 2015 | أكتوبر 18, 2015

"ثوم وياقوت أزرق في الطين" 
ت. س. إليوت


أتمدّدُ قلقاً فوق العشبِ 
المبلّلِ. أنفاسُ العالم تنشرُ الضباب 
على سماء الليل، وتشكّل 
اكتمالها الخجول. تنفجر نجمةٌ 
مثل بالون هائل، وتنجرفُ دائرةً حول 
العالم 
إلى الأبد. لسانُ العالم يلعق 
سطحَ القمر 
ليبقيه دائراً. 
يدندن بقٌ بتناسق مؤذٍ. 
الكونُ 
يفرض النظامَ داخل نسيجه 
بلا رحمة. 
لابد أنني جزءٌ 
من هذا اللحن: تحاول يداي الوصولَ إلى 
الشمس، 
وإلى المحيط الأعمق في الوقت نفسه. 
هذا العطش ... 
ـــ يمكنني قتله بسهولة إن قشطتُ 
بعض ثلجٍ 
من سطح الشمس؛ 
بين أسناني 
يصبح البردُ والعظمُ ياقوتاً أزرق.

جثتي، وقد طهّرها لسانُ العالم، 
تتمدّدُ 
فوق العشب المبتلّ ـــ 
اللحمُ 
والطينُ 
لايمكن التمييز بينهما.


أبداً لم أقصد العودة 
إلى المدينة البيضاء التي أنتمي إليها، 
إلى مدينة كئيبة ذات عُرفٍ من الرمادِ 
هش 
لم أقصد العودة أبداً 
ودفن نفسي عميقاً في التربة الرطبة 
تلك التي لا أتعرّف فيها على جسدي. 
ولكن في تلك القطعة من التراب 
المنتفخ 
تقيّدني 
صرخة (.....) 
لن أعود أبداً إلى مدينة 
الرماد 
إلا لحضور جنازتي.

(من "ما هو حيٌّ مجرد حالة عاطفية أخرى")


حزينٌ أنا، بهيجٌ أنا، منتشٍ أنا 
أنا أحتضر. 
لا أحتضرُ مثل عملية متواصلة، بل 
مثل 
حالة وعي متناوب 
لا يرتدُّ إلى الوراء، 
استبصارٌ في ما لا يسبر غوره 
في ذلك الشارع الضيقِ الممسِكِ 
بالعالم مثل 
أطلسٍ جاث على ركبتيه*. الكلمة الساكنة 
تزنُ 
أكثر مما تزن التربة المعتمة. 
إن كتفاً لن 
يقاوم، 
عظماً كتفياً مكسوراً، ترقوة باكية، 
يقسو على جلدٍ أبيض. 
عظامٌ تتحطم بضوضاء بيضاء 
تحطّمُ 
نسيجَ النفس. 
خذ الحبة البيضاء ستشعر بالعافية، اقتل 
الــ 
أضواء 
الموتُ حلمٌ أبيض، أرقٌ 
ذاك الحلم الذي 
ينزف ليلاً 
موتٌ يشبه تمدّدَ النفسِ، 
محلولٌ سايكولوجي، 
مخفّف مثل شعيرة 
ممرٌّ... 
ما هو حيٌّ مجرد حالة عاطفية أخرى.

منسيٌّ كلُّ شيء 
اسمي، 
منسيٌّ 
الآمالُ والرغباتُ 
منسيّة 
الشعرُ عربدةُ الصمت، 
ولهذا 
هو منسيٌّ. 
عيناي 
منسيتان 
دموعي 
منسية 
مخاوفي 
منسية 
أحبائي 
منسيون 
حين تتذكر الشفاهُ ويتذكر الجلدُ، 
يُنسى 
كل ما تبقى.

(من "زهرة نازفة متناقضة")


* شاعر إسباني من مواليد أوفيدو بشمال إسبانيا عام 1992، والقصائد من مجموعته "أجزاء منّا" (2014)

** ترجمة محمد الأسعد


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads