الرئيسية » , , » "خصيان الثور " للشاعر تشارلز بوكوفسكي 1920- 1994 فرج بصلو

"خصيان الثور " للشاعر تشارلز بوكوفسكي 1920- 1994 فرج بصلو

Written By هشام الصباحي on الخميس، 17 سبتمبر 2015 | سبتمبر 17, 2015


مناطق الوعي المكتسب في إبداعات تشارلز بوكوفسكي اشتغلت كثيراً على ماركة التبغ والكحول. استعداده لحشو قصائده بأشياء ملموسة وعادية كان مروعاً. إنه لم يخلي على شيء حتى البارات العفنة من البيرة والبول. والغرض الذي يرفع الأشياء المتتالية المنعدمة الأهمية إلى فكرة تحز في الوعي, هو أساس الغيب الخصوصي جداً, والذي يميز بوكوفسكي عن مبدعين آخرين من عصره. بالرغم من أن كتاباتهم كانت حديثة وحضارية جداً, أو بهلوانية أكثر, لا زالت مفقودة من تلك النقطة الهاربة المتواجدة بمكان ما بين القلب, أحشاء وخصيان الثور التابعة للشاعر. فكما معرفته الوصف بالدقة كيف إنساب مخموراً ومتسخاً في مجاري لوس أنجلوس, في الساعة الثالثة ما قبل الصباح, هكذا لم يتورع من غوصه في الأغوار العتيمة والأكثر قذرة في نفس الإنسان, ليجد هناك بين البؤس والشقاء والوسخ – إنتبهوا ! السبب للعيش. المقولة الإيجابية النيتشية مقولة: النعم للحياة رغم أن كل الأشياء البادية على وجه المسطح تعلن العكس تماماً. 
وكيفما ننظر إلى ذلك فحياة تشالرز بوكوفسكي لم تكن سهلة. إنه ولد في أندرناخ ألمانيا عام 1920. والده هنري بوكوفسكي, كان جندياً أمريكياً من أصل بولندي, وصل لألمانيا أثناء الحرب العالمية الأولى وبقى هناك إلى تزوجه إمرأة محلية. وعام 1923 أنتقلت العائلة للوس أنجلوس للسكن في إحدى الحارات الفقيرة.
فبوكوفسكي حديث السن تألم كثيراً من تصرفات والده العنيفة, ومن مظاهر (الدمل) المراهقة لا على وجهه فقط بل على كافة جسده. فبعد سنتين في الكولج تنحى عن الدراسة وابتدأ بحياة التسول والتنقل في وسط لو أنجلوس, ماضياً أيامه بين الحانات والمكتبات التابعة للبلدية. هناك وجد وهو طالب جامعي يبلغ الثامنة عشرة, الكتاب الذي غير مجرى حياته. "إسأل الغبار" الكتاب الثاني من رباعية جون فانتيه. وبطله أرطورو بانديني, نجل مهاجرين فقير يتسول في الداون تاون (المدينة التحتى) بلوس أنجلوس, يجتهد على البقاء ويحلم أن يصير أديباً عظيماً. وهكذا يصاب بإنقلاب نفسي وذاتي يبغي ان يصبح متابعاً لمسيرة أشخاص مثل دوستوييفسكي وكنوط هامسون وهنري ميلر وف. س سالين. ليرى هدفه الأخير ككاتب أميريكي من طراز جيك لوندون وكرواك وغيرهم.
ومنذ بداية 1971 حين صدور روايته الأولى "الخدمة البريدية" عن دار النشر "الدوري الأسود" حاز على نجاحاً هائلاً. وابتدأ العيش على محاصيله من نتاجه الأدبي, الكتابه والمحاضرات والأمسيات الأدبية, التي عرفت بجميع انوع القرف. من الشتائم, اللعن والبصق على الجماهير وحتى استعمال العنف والمشاجرات. فبدت امسياته كحفلات الروك إند رول والفانك وأصبحت رائجة ومقبولة ككل شيء أدبي رغم كل شيء. إلى أن توفى سنة 1994 وعمره أربعة وسبعين عاماً. 
وكان متابعاً لأسلوبه العنيف رغم الشهرة وكسب الأموال. 
بوكوفسكي أثر على نخبة من الفنانين والمبدعين في شتى المجالات, أدباء, شعراء,
سينمائيين, موسيقيين ... وأبرزهم الممثل شون فان والأديب راييموند كاربر الذي خصه بقصيدة تمجده "ملك الأفواه البذيئة في الشعر الأمريكاني" .
ويمكننا القول: بوكوفسكي رغم يأسه وبؤسه وغيابه في ضباب الخمور, عرف تشخيص الحب ليس من الشموع ونور القمر, بل حتى من الحذاء... 

القرش
القرش يطرقون بابي
يدخلون فيطلبون المعروف
كيف هم يلهثون علي مقاعدي
يتفحصون الغرفة بنظراتهم
بينما يطلبون أوراق-المِلك
نور, هواء, دراهِم
كل ما يستطيعون الحصول عليه
بيرة, دخان, أنصاف الدولارت, الدولارات
الخمسات والعشرات
كل هذا كأنما بقائي مؤكداً
كأنما وقتي ليسه بشيء
وحضورهم ثمنه بالغاً.
أجل! لكل منا قروشه. إنني متأكد
وهناك طريقة واحدة للتخلص منهم
قبلما يقضمون ويمزقون هلاكاً
للكف عن طعامهم, فهم سيجدون
طعماً أخراً, لقد أتخمتهم
بعشرات زياراتهم الأخيرة
والآن أبعثهم خارجاً
إلى البحر.

ملذات الملاعين
ملذات الملاعين
محدودة للحظات سعادةٍ
سريعة
كالبصر في نظرة كلب
كمربع شمع
كنار تشب في دار البلدية
في البلاد 
في القارة
كنار تشب بشعر
الصبايا والمسخ
والجلم تطنطن على شجر الخوخ
البحر يجري بين جوارحها
الزمان 
سكران وندي
كل شيء يلتهب
كل شيء رطب
كل شيء على ما يرام.

جليد النسور
أتذكر مرة تلو الأخرى بالخيول
في ضوء القمر
أتذكر مرة تلو الأخرى كيف علفت الخيول
بالسُكر.
أقراص سكر مستطيلة
أكثر شبهاً بالجليد
وكانت لها رؤوس كما للنسور
رؤوس صلعاء تمكنت من العض
ولم تعض
الخيول كانت ملمسوسة أكثر
من أبي
ملموسة أكثر من الله
وتمكنت دوس 
أقدامي. لكنها لم تدوس
تمكنت ان تفعل بي الضرر
لكنها لم تفعل
كنت فيما يقارب الخامسة
ياإلهي! كم كانت قوية ولطيفة
السنتها الحمراء تفرز لعاباً
من نشاماتها.

بساطة كل شيء في فييتنام
شخص أصيب في ظهره, وهو
يتمسك بجلباب قسٍ شاب
يبدو كإمرأة
ونحن هنا معلقين:
غطاء في الدقة
دراجات نارية في كل شيء, نحلات نائمة.
جنيات صدئة
إقليم مشّوه
ونحن ننفض عظامنا
هاهو ضرير آخر
والجندي يهوي ميتاً
عسكري آخر مات
والآن الجلباب الأسود للقس الشاب
البادي كالإمرأة
يطلى بأحمر ساحر
والدبابات
تقتحم وتمر.

نتذوق الجزر والبحر

إنني أعلم في إحدى الليالي
بغرفة نوم ما
قريباً
أصابعي
ستشق طريقاً
في شَعرٍ رخو
ونقي

هكذا قصائد ليس بمذياع
ليبثها
جمها حزينة, تسخر
من اتخاذ التيار المتدفق.

إمرأة في الشارع

حذائها وحده
كان ينير غرفتي 
كالعديد من الشموع

إنها ذاهبة كما جميع الأشياء
البارقة على الزجاج
ككل الأشياء
التي تغير شيئاً. إنها ذاهبة عني...

ترجمة وتقديم: فرج بصلو 











التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads