الرئيسية » » باسم كل ما أجهله | محمود أبو عريشة

باسم كل ما أجهله | محمود أبو عريشة

Written By Lyly on السبت، 20 يونيو 2015 | يونيو 20, 2015

قيامة في يافا
أحبّ يافا، أحبّ ضحكتها العالية كيف تكسر سقف المقبول
أحب تزاحمها في الوجوه تنبجس من عقر دار الوجع، أحبّ روحها لما يزيح النسيم غبارها أحب بريقها في الشمس، سكونها في الليل. أحبّ قمرها حين يمتلأ فلا يترك نفسي تنام فارغةً مغلوبةً.

أحب صباحاتها السريعة المتأنّية - من لم يبك في شارع الحلوة صباحاً؟ 
يمرّ شارع الحلوة من قلبي.. روحي دخنة الباصات، ندى الشبابيك، لهفة امرأةٍ تقطع الشارع لتجلب الجبن والخبز.

أحب شتاء يافا، الحمامات التي لا تبرح أسلاك الكهرباء عند المطر. وأنتظر يوم الجمعة لأتلصّص عُريها متمدّدةً على أسرّة هدوءٍ فجائيّ، رائحة صدرها المتعب يوم الجمعة، عرق يديها في الطرقات على مقاود العربات.. لماذا تسير عرباتك بطيئةً يوم الجمعة؟ لماذا تتأخّر رائحة البنّ صباحاً ويطول انتشارها في الأزقّة، كم مرّةً تنتشي الركوة في حضن دفئك حتّى تبدو متعبةً مزبدّةً جميلةً هكذا في يد الفنجان؟
ويدي في يدهِ- الفنجانُ، أفكّر عن سرّ الجمال في تعبها: اُلقهوةُ- اُلْيَافَا.

في الشبّابيك سرٌّ عميقٌ قاسي الصّمت، أقلّ بصمةٍ ها هنا تكفي كي يركع لها التّاريخ.. كي يلحس العرق عن ظهر الشّباك المنحني.
التاريخ ها هنا حنان الكفوف إذ تشقّ الشبابيك صباحاً - لمساتٌ تفتّحت ورداً في الذاكرة
من يكتب التاريخ ها هنا سوى الورد على نواصي الشّبابيك، كؤوس البيرة الفارغة المليئة بنشوة الحديث ودخان السّجائر المتطاير؟

أحبّ يافا، وأخشى قيامتها اليوميّة إذ تخرجني روحي وتضيع في الغروب.. عند الغروب، أبحث عن روحي التي ضلّت سبيلها في الجمال. 
لا تجلس القيامة إلا في القلب حين تختفي من الأفق فتشعل سيجارة وتضحك.

وليس ميناء يافا إلا سواعد اليافيين، ليست شباكهم ها هناك إلا قلوبهم وليست ضحكاتهم العالية إلا سقف الحبّ المكسور. 
ولليافيّات أنفة الغزلان، تكفي عيونها ليلاً يحطّ هادئاً على نفوسٍ مطمئنّة.



شمس خضراء
أغمضوا عيونكم
لـتقـرؤوا جـيداً مـا يحشوه هؤلاء الأطفال المتشحون بالسّواد في جدران الملكوت، اضغطوا بأياديكم على زناد قلوبكم لتشعروا بما دوّنوه على أوراق المعلّبات من مشاعر مهرّبة خلال أربعة جـدران وسقفٍ للحزن ما عادت تحدّ من حريّتهم.

أمهاتٌ ها هنا كنّ يمارسن حنـانـهـن سراً قبل أن يُفاجَأن بنارٍ غريبة عن المكان.... دخــــــان صُراخهن أضحى غـمـامــاً كـثيفاً ولا مطـر أو غـيـث.

انظـروا إلى أصابعهن المـحشـوة بهذه الثقوب، من قطّعها ليضمد جراح السفيـنة؟
ثمّة عـيـن مـيـتٍ لا تبارح هذا المكان تصوب نحو أسرّة النائمين سكاكين الملامة، حـنجرة قـديمة سـوف تـأتي عمّـا قليل من مقبرة تبعد عنكم مسافة تراب القلب.. تحكي لكم كعجوز مهملة ووحيدة فيما تنهشون أصابعكم كأطفالٍ يأكلون التشيبس

ها هم السوريون يعودون محملين بقيامتهم
ها هنّ السّوريّات يعدن محملات بقيامتهنّ

صـرخــة هــائـلـة تـحـمل رائحة دمٍ وصدأ وقيء وملح ودموع تتفجّر في وجه هــذا الكون،
شمـسٌ خضراء تـشرق من مـتـوسّـط قـلـب الله.



صلاة
باسم النور الذي يتفتّح من زهر حروفك باسم الصّدى الفخم لموسيقى اسمك باسم الكلمات التي ألاحقها الآن كشرطيٍّ.. وتفرّ مني مكدّسةً بالمحبّة.

باسم بلسم في ريقك.. وأريجٍ في أنفاسك.. وترياقٍ في لعابك: هي أسبابٌ للحياة.

أحبّكَ
باسم قطعة كفرٍ حامضةٍ عالقة في قلبي وملحٍ تيبّس في عيني.. وباسم كل ما أجهله من معالم جمالك..

تكون معي
فيما تتنكّر لي النّجوم.. وتحجب الشّمس عني لألاءها.. وتتنصّل مني حيلتي..
وأهون على النّاس..

وتكون معي
وحدك في هذا المدى الممتد من الحزن..
كتفاي صليبٌ مضرجٌ بالمسامير
ولا ظهر في ظهري

إلّاك.

كم قلباً أنت تملك حتى أنك تحس بنا جميعاً
كم قلباً أحتاج حتّى أحسك؟

لولاك ما أبكاني جمالٌ
ما أشرق بي نورٌ
لولاكَ

ماذا يظلَ من المعنى؟



منفوش الرّيش
مع كل قانونٍ عنصريٍ جديد، مع كل مشهدٍ إسرائيلي أكون ضحيّته المنتقاة:
أصيرُ أخشى على الكناريّ الذي في داخلي،

في الأمس بلّل فراشه.. اليوم رأيته يسنّ أظافره الصغيرة خلسةً
ويعبث في دُرْجِ اُلمطبخ.



أضواء رمضان
الأضواء المتلألئة على عتبات نوافذ وأبواب البيوت في رمضان
أشبه بالحلي الفالصو والمجوهرات المزيفة
المستلقية على نهود السيدات
الحزينات.



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads