الماء المحبوس في المواسير
لا يسمع
ولا يرى
أما الماء الذي على النار فله عيون كثيرة
تكبر وتنفثئ
تكبر لتنفثئ
كأنها رأت شبحا
أو كأنها رأت وعاء أكبر من الذي يحتويها
فيه الكثير من الماء
والأعضاء الغارقة
أما الحائط
فهو أكثر ذكاء من الماء ومن كل هذا
يدعي أنه لا يراني
فيما يقيس ظلي
ويعرف متى أكون أنا
ومتى أكون هو
ومتى أكون لا أحد
على الجانب الآخر من هذا الحائط
من هذا الجبل
طريق ملتو يقود إلى البحر
يقال أنه بحر حقيقي
مليئ بكائنات
ملونة
خفيفة
وقادرة على الطيران
لم أكن هناك يوما
وأريد أن أراها الآن كما هي
علها تراني مثلها كائنا حيا
وأريد أن ألمسها
عارية من أي رمز
مليئة بالحياة
وغير مشغولة بالبحث عن معنى
فيما يشبه حكاية حزينة لا تجلب النوم
أكد لي أنه سيصحو ذات يوم وقد نبت له جناحان
لن يعرف كيف يطير بهما
سيطويهما
ويقعد على حرف الشباك مثل بومة
تتأمل الفراغ
ساعة اليد التي قال البائع أنها تعمل بالهز، وقال صديقه
أنها تعمل بحرارة الجسد، وتتوقف عن العمل إذا أهملها على سطح المكتب،
علمته التوقف عن مراقبة الوقت. هذا عمل ممل، جدير
بالكهنة، أو بملاك أحدب. وهو ليس كذلك، هو حيوان بري يهيئ الجدران لما رسم
البدائيون في قلب الكهوف. يخلط الألوان في باليتة لم تعد بيضاء، ويغرس قوائمه في
اللون كيفما اتفق، ويدوس بها على الأرض والحيطان والسقف، طابعا أثره البهيمي على كل
شيء، على الباب خاصة، ليعرف العابرون أنه هنا، وأنه حي.
وخياله لم يعد يذهب بعيدا
أقصاه هذه الشجرة التي أمام الشباك
وحيدة في خلاء
ولا يعرف اسمها
ربما كانت شجرة زيتون أو تفاح
لا يهم
فهي الآن لم تعد جديرة باسمها
ساق رمادية نحيلة
وشبكة من فروع تصطاد أكياس البقالة
ولا تهنأ بصيدها إلا قليلا
تأخذه الريح
وتتركها عارية
هذه الشجرة أختي
لها ذاكرة قوية
تنغص عيشتي
لم نعد نصلح لشيء
أنا وهي كومة من ذكريات
سندخل النار عما قريب
ننير دائرة في الخلاء
ننضج شايا وخبزا
ورمادا نصير
رمادا نطير إلى ما وراء الطبيعة
نرجع من جديد
شجرة تفاح أو شجرة زيتون
لا يهم
وربما يصب طفل قليلا من الماء على بعض الرماد
ويعمل منه تمثالا صغيرا
يعلقه في فرع من فروعك الجديدة
يا أختي
الرصيف كان مزدحما، مسافرون مثلي، حقائب على الأرض وأكياس،
وباعة جائلون
ربما كانت نهايات الربيع، الجو حار، وخليط العرق بالمازوت
خانق. حقيبة خفيفة على كتفي
والقطار الذي أريده فات، ولم يكن في خاطري سوى أن أسلم
نفسي لرتابة الهز وصوت الفلنكات
أنام وأصحو
يقص علي جاري حكاية لا تنتهي، وأحكي له حكاية أدعي أنها
لا تخصني، ندخن معا في الفاصل بين عربتين
أسرح في سفر الأعمدة وعباد الشمس، أغمض عيني قابضا على
طيف جميلة وهي تنفلت هاربة من سجادة الساحر.