الرئيسية » » بهية | يوسف مسلم

بهية | يوسف مسلم

Written By هشام الصباحي on الأحد، 26 أبريل 2015 | أبريل 26, 2015

لبهية
أن تعيد ترتيب الكواكب والسدوم
في سماواتي المثقبة
ولي أن أغني على إيقاع خيولها
حين يرقصها نشيد العنب في دمي
فرحت سنابك الخيل،
فرح الصهيل،
فرحت جحور النمل في إبطي،
فرحت اسطوانات فيروز تحت جلدي،
فرح العسل في عينيها،
فرح الدخان والنبيذ،
وأنا فرحت

"لم يبق من سجائرنا إلا القليلُ
والكأس يضيئه قمرٌ
من بقية نبيذنا
فاشرب
ريثما أعيد خلقك حسبما تريد
فماذا تريد؟"
قالت بهية
وهى تلملم ليل فستانها نجمةً نجمةً
كي تغادر حلمي
مخلفةً على جسدي ألم منفاها
وكل تذكاراتها التي
تفر بها من عيون العساكر.

قلتُ:
"تكفينا سيجارة واحدة
وحول كأسنا الوحيد
سنبني بيتا
جدرانه الريح وموسيقى
فأكون حلمك الوحيد"
ثم غابت مع آخر رشفة
فأشعلت جسدي العاري
كي أضيء غربتها اشتياقا

لا اللغة تسعف قلبي،
ولا الصمت قادر 
على تأويل هذا الخفقان
مع كل فرار لغيمة 
ترعش كفي ولادتها
فتنظف هوائي من غبار البارود
على سطح دارنا مددت خيطي
كي أوجه سحابة حبلى بماء الورد
لتجتاز قارتين ومحيط
وترتل صلاة رذاذها
فتقشر عن بهية
اغترابها  
   وانتظارها
       واحتراقي
وحين راوغنا الفراغ
وانعدام الوزن
والمسافات تتربص بندف حلمنا
فتحت شباكا ليطل الله عليها
حين تسند رأسها على فخذي
في هبوب العاصفة
عله يندم لأنه لم يمنح الهواء
طعم لسان حبيبتي
فربما أصبح السجانون
     مطيري حمام

سألتقط من صدري مشطا
كي أسرح الموج في شعرها
حتى أُثَوِّرُ فيه طوفانا
يغسل كل دماء العالم
ثم أغنيها حتى تنام

نامت بهية
بيني وبين قبلتي الشريدة
فصرت ياسينها المطارد
تحاصرني الهجين
لتصطاد الغناء من شفتي
ومن لغتي
ومن إيقاع الحزن
في رقصي الحافي على زجاج غيابها
قالت:
" اكتبني كي أكون خيطًا
يرفو الفتوق التي خلفتها في قلبك
أسنان الكلاب"
وأكملت
"كل شيء حقيقيٌ هنا
فلا مجاز سوى ما فعلت بك الأقدار"
وأنا لست سوى ضلالة تسير على حقيقتين
حبكِ والبلاد التي حلمنا بها

البلاد البعيدة بلادنا
هذي البلاد القريبة
تقيأت تاريخها الدموي في فمي
قضبانا وكرابيج
ومارشات عسكرية 
تتلى في صلوات الجمعة
وأنيابا تعض أدعيتنا 
فلا تصعد للسماء

قالت:
"اهدأ فهذى السماء لا تأبه بنا"
قلت:
"لو أنني أملك آلة زمنٍ
لخطفتك داخلها
وعدت بك مائة عام إلى الوراء
ليكون حبنا أكثر صعوبة
فأحبك أكثر
وأتعب أكثر"

وتقوم عن فخذي
لتخط آية الكرسي على كأس النبيذ
وترسم صليبها
وتدق في كفي قرنفلتيها الناتئتين
في بياض نهديها
فتنهار الكنائس والمساجد
ويولد من نزيفي
وهج غجرٌ
يطرزون بالموسيقى
قمصان بنات أحلامهم
ويرقصون حين يبكي رب الحرب
فوق مقعده المتحرك
على أشراره الهالكين



فبراير - مارس 2015 


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads