ذات مرة قلدت المؤذن الأعمى الذي بلا أهل، صعدت فوق نادر التبن وأذنت. كانت السماء صافية واللقالق تهاجر في صف كالمصلين فوق سجّادة السحاب، كنت أرتدي قشابة فقط، بعد الختان، دون تبان، وكانت بنت الحصّاد حافية أسفل النادر، تراني من هناك، في يدها باقة من البابونج. كانت ترى كل شيء بعينين خضراوين كالنعناع الخشن، نظراتها آلمت شيئي المختن بمقص فرقة عبيد الرمى.
كانت القرية مهجورة من سكانها، صبيحة السوق، وبنت الحصّاد الجميلة لم تكن تعرف ما معنى كلمة صلاة. كان أبوها أبكم بلا زوجة وبلا حقل، تمشط شعرها بأصابعها أمام مرآة منجله. بنيت لها عشا داخل الحصيدة، لأعلمها فيه الصلاة، كان يؤلمني الخشوع كلما ركعت، ويؤلمني قلبي كلما ألقت الريح تبن شعرها على وجهي، وآلمني الختان حين سجدت فوق سرتها.
كانت الأيام كلها من ذهب التبن وفضة السواقي ونحاس الشمس.
ضفرت لها تاجا من باقة البابونج، وأهدتني طاووسها.
كان ذلك أول زواج لي بسنبلة الحَصَاد الوحيدة، التي لم أجدها بعد ذلك، أبدا، في أي حقل.
كيف ستشرح ذلك لشخص من المدينة؟ كيف ستصف له كتاكيت الطاووس؟