من قديم الزمان ، | |
وأنا أرضعُ التبغَ والعار | |
أحبُّ الخمرَ والشتائم | |
والشفاه التي تقبّلْ ماري | |
ماري التي كانت اسمها أمي | |
حارّة كالجرب | |
سمراء كيومٍ طويل غائم | |
أحبُّها ، أكره لحمها المشبعَ بالهمجية والعطر ، | |
أربضُ عند عتبتها كالغلام | |
وفي صدري رغبةٌ مزمنه | |
تشتهي ماري كجثة زرقاء | |
تختلج بالحلي والذكريات . | |
من قديم الزمان .. أنا من الشرق .. | |
من تلك السهول المغطاةِ بالشمسِ والمقابر | |
أحب التسكعَ والثيابَ الجميله | |
ويدي تتلمس عنقَ المرأة البارده | |
وبين أهدابها العمياء | |
ألمح دموعاً قديمةً تذكرني بالمطر | |
والعصافير الميتة في الربيع | |
كنت أرى قارةً من الصخر | |
تشهقُ بالألم والحرير | |
والأذرعِ الهائجة في الشوارع . | |
فأنتم يا ذوي الأحذية اللامعه | |
والسلاميات المحشوةِ بالإثم والخواتم | |
ماذا تعرفون عن ماري الصغيرةِ الحلوه | |
ذات الوجه الضاحك كقمرٍ من الياسمين | |
ماذا تعرفون عن لحمها الذي يتجشَّأُ العطر والأصابع | |
حيث الشفاهُ المقروءةُ الخائفه | |
تنهمر عليها كالجراد | |
وهي ترنو إلى الطرقات الحالكه | |
بعد منتصف الليل | |
والنوافذ المفروشة بالزجاج والدم | |
قابعة كالحثالة في أحشاء الشرق | |
تأكلُ وتنام | |
وتموت قبلةً إثر قبله | |
تحلم بملاءةٍ سوداء | |
ونزهةٍ في شارع طويل | |
ممتلئٍ بالضجَّة والدفاتر والأطفال | |
وثغرُها الطافحُ بالسأم | |
يكدح طيلة الليل لتأكل ماري | |
الأفران مطفأةٌ في آسيا | |
والطيورُ الجميلة البيضاء | |
ترحل دونما عودة في البراري القاحله . |
الرئيسية »
محمد الماغوط
» "في المبغى" | محمد الماغوط
"في المبغى" | محمد الماغوط
Written By Lyly on الثلاثاء، 10 فبراير 2015 | فبراير 10, 2015
0 التعليقات