الرئيسية » » يُنادي باسمها ليصبح العالم مُمكناً | علي محمود خضيّر

يُنادي باسمها ليصبح العالم مُمكناً | علي محمود خضيّر

Written By Lyly on الجمعة، 16 يناير 2015 | يناير 16, 2015


عن السفينةِ التي تُريدُ أن تغرق

مُذ وعيتُ عَلَى السَّماءِ التي لَم أطُلها، كنتُ مُحتشداً بِالجميع، أموتُ مع الميتينَ وأشمُّ ترابَ لحودهم، لكنَّ الظُّلمةَ تُؤنسُني، أمرضُ مع المرضى وأَرى الحَيَاةَ تَضيقُ وتَتلاشى كأنَّها لَم تَكن، أشربُ مع المـُنتحرينَ أشرطةَ أدويتِهِم وأغيب؛ كحلمٍ في رأسِ طفل استيقظَ ولم يتذكر ما رأى..

فِي شراييني أطفالٌ منكودون
أُخفي أزهاراً ميتة في جيوبي
إِلَى النَّهرِ أرمي شِباكاً مثقوبة
وأُصافح أشجاراً في المـُنعطفات.

أنا المـُحتشدُ الممرور،
الـمـتَأهبُ المسموم،
أنا سجينُ الصَّحراء وحرُّ الغرفةِ المـُوصدة.

أنا السَّفينة التي تريد أن تَغرق
ولا تستطيع.


تسجيل خروج

"لا تسكتْ، أنزِلْ بِالآخرين ما رَأَيت".
هَذَا ما هَمهَمَهُ وهو ينزِلُ قاعَ الحِكايةِ
رأوه يَلُمُّ بَقِيَّةَ النُّورِ مِنَ الشَّوارعِ ويَغيب
رأوا بَقِيَّةَ النُّورِ فِي الشَّوارعِ تَلحقهُ ويغيبان
لم يُحركوا ساكناً.

ثُمَّ شاعتْ أخبارهُ فِي البُيُوتِ
وتحت صحائف السَّماء

قالوا:
كانَ خفيفاً،
كخفقةِ مَلاكٍ فِي مِحراب.

آخرونَ أَنبَأَوا:
"نَعرِفهُ رجُلاً،
فَقَدَ حاسةَ البُكاء،
لم يَكُّ يَبكي،
نَفدتْ دُموعه،
لقد ذَرَفها في الاتجاهات كُلِّها".

سِواهم كتَب:
ظَلَّ يُنادي بِاسمها ليُصبحَ العَالم مُمكناً..

...

لم يَرَهُ حِينَ غابَ غيرُ طِفلٍ بِسَاقٍ واحدة
- مُنهكاً مَضى أَيُّها النائمون،
كَانَ يُلَوِّحُ لِشَيءٍ لَم أرهُ،
ويَقول:
"أُولاء أهلي مَن تَشفِيهم كلماتٌ
وتُسقِمهُم أخرى".


بُرهَانُ المَسَافَات​

المـَسَافَاتُ كفّارةٌ،
كُلُّ خَطوَةٍ تَنشُرُهَا فِي الدُّروبِ
كفّارةٌ عَن سُؤالٍ أَو نَدَمٍ أَو خُذلان.

تَمشِي فَتسّاقطُ مِنكَ أَسمَاءُ الـمَاضي،
تَمشِي فَتَفِرُّ مِن كَتفَيكَ غربانُ الآتي،
تَمشِي فَتخفُّ أَو تَطَير.

كُلُّ مَشَّائي التِّيهِ قَالوا إنّ المَسَافَاتِ كفّارةٌ
مَكِيدَةُ المـُبتَلى وَنَبلةُ الـمُسَالمِ،
صَنيعةُ مَن لا شِرَاعَ بِيَدَيهِ
فِيمَا العَاصِفَةُ تشتدُّ عَافِيَة.

أنْ تَنهَضَ قَبلَ الفَجرِ،
قَبلَ اِشتبَاكِ مَخَالِبِ النَّهَارِ بِشَرَايينِ المـَارَّةِ
نافضاً المـَتَاريسَ الَّتِي دوّت فِي رَأسِكَ لَيلَ البَارِحَة.
أَن تُحضِّرَ الشَّوَارِعَ لِعابريها،
تُهَيئَ المـَصَاطِبَ لِعُشاقِ المـَسَاء.
أن يَصِيرَ الوَقتُ فَرَاشاً بينَ أَصَابِعكَ
ولا يبقىَ غَيرُ رَفِيفِهِ الهَشِّ.

سَتَتعَبُ، فَتَجلِسُ بِمُنعَطَفٍ تَرقُبُ العَابِرين،
تَرَى أَنفَاسَ من مَرّوا عَلَى الطُّرُقَاتِ،
يَنسَاكَ السّكَارَى وَالمـَجَانينُ وَالعُبَّادُ وَالشّحاذون،
تُفَكِّرُ بِأحلامِ مَن سَقَطوا تَحتَ أَقدَامِ الرِّيحِ،
تَندَمُ مَرَّةً مَعَ القَاتِلِ
وَتَبكي مَرَّتَينِ مَعَ الطَّرِيق.

تَمشي
وَتَمشي
لا لِشَيءٍ
سِوَى أنْ تَكونَ تَائِهاً وَمُنفرداً وحُرَّاً.

اليَوم الَّذِي يَضغَطُ عَلَى يَومِكَ، يَكَادُ يَنفَد
الشَّمسُ، حَبَّةُ خَوخٍ نَاعِسَةٌ لا زالتْ تُحَاوِل
ظِلَالُ المـَارّةِ تَذوِي
راعشةً
عَلَى الأرصفة.

وَلَيسَ لَكَ فِي نِهَايَةِ يومكَ إِلَّا جِلدُ القِصَّةِ
مِرآتُها الـمُضِلَّة،
عُشبُها المعكوسُ فِي وَجهِكِ.

لا تَرجِع.
لا تَمشِ إِلَى بَيتِكَ..
فالمـَسَافَاتُ كفّارة


لا أحدَ يفعلُ شيئاً

1
لا أفعلُ شيئاً
سِوى أني آخذُ الشِّعر من يدهِ
بينما يتمشى
وحيداً
فِي شوارعِ طفولتي.

2
لا تفعلُ شيئاً،
سِوَى أنها تَسمعُ الاستغاثة فِي قلبها
واضحةً
فتتركُ العَالَم
وتركضُ،
مُغمضةَ العينين.

3
لا يَفعَلونَ شيئاً
سِوَى أنهم يطيرون،
أولاء الأطفال،
كُلَّما فشلوا بإِقناعِ الطَّائرة
أن تنسى رمي بيضتها.

4
لا تفعل شيئاً هَذِهِ الفراشة
سِوى أنها تضربُ بجناحيها
فيرجفُ قلبُ البحر.

5
لا أحدَ يفعلُ شيئاً
إنَّهُ العَالَمُ
يُؤدي رقصتَهُ بالجميع
ويصفِّقُ لأدوارِنا فِي السّيرك

نحنُ محضُ مهرجين
أصباغُ وجوهِنا تَضحكُ
ونلوكُ قُلُوبنا خلفَ الكواليس.


قدر

قدرُكَ؛
أن تظلَّ مُنصِتاً
لقصصٍ لا دورَ لَكَ فيها،
لِلرِّيحِ،
لحفيفٍ يعبرُ
دونَ أن يَمَسَّ قَلبَكَ.

قَدَرُكَ خَشَبُ المسرح
لا المسرحية.


* شاعر من العراق



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads