الرئيسية » » حَيَوَاتٌ مَفْقُودَةٌ ١ - شريف رزق

حَيَوَاتٌ مَفْقُودَةٌ ١ - شريف رزق

Written By كتاب الشعر on الأحد، 30 نوفمبر 2014 | نوفمبر 30, 2014

حَيَوَاتٌ مَفْقُودَةٌ (1)
I
على حينِ بغتَةٍ رأيتُهُ ، بينَ أسْرَتِي ؛ بشرودِهِ المُسْتديمِ وَأوْرَاقِهِ ، بعينيْهِ المُتَحيِّرتينِ خَلْفَ نظارتِهِ وَإرْهَاقِهِ ، بملابسِهِ المنزليَّةِ الرَّثَّةِ ، وَخُطواتِهِ المُتكرِّرَةِ بينَ المَكتبَةِ وَالأريكَةِ ، شَايهِ وتوتُّرِهِ ، كَانَ طيفُهُ على الأرْجَحِ ، في جَسَدٍ مُطابقٍ ، زَلْزَلَنِي ، لِلَحْظَةٍ ، وَتوَلَّى ، هُوَ الَّذي لمْ أعُدْ واثقًا بوجودِهِ تمامًا أوْ غيابِهِ .

بوجودِي بينَهُمْ أوْ غيابِي
لمْ أعُدْ أرَاهُ بينَهُمْ
وَلمْ أعُدْ بينَهُمْ على الأرْجَحِ .

II
وَمِنْ عَادتِي ، أنْ أتطلَّعَ إلى تقاطيعِ وَجْهِي ، في كُلِّ صَبَاحٍ ، وَأنْ أتخلَّلَ ، بأصَابعِي ، شَعْري الطَّويْلَ ، وَأنْ أتهيَّأَ لِحِلاقَةِ ذقنِي ، هَكَذَا ، دَائمًا، في كلِّ صباحٍ ، غيرَ أنَّني ، في هَذا الصَّبَاحِ ، تنبّهتُ إلى أنَّني لسْتُ في الَّذي في المِرْآةِ ، وَمِنْ ذهولي ، إلى أمِّي خَرَجْتُ ، بلا غايَةٍ ، مُتمَاسِكًا ، وَمَشْطُورًا ، مَعًا ، مَعًا ، غيرَ أنَّها وَاصَلَتْ انْهِمَامَهَا بشَاي الصَّبَاحِ ، وَوَاصَلْتُ ، في مَيَادينِ الجَسَدِ الغَريْبِ ، الصُّرَاخَ ، وَلمْ أزَلْ ، فيْمَا أواصِلُ أدَاءَ الدَّورِ المُحَتَّمَ ، هَادِئًا ، في كلِّ مَكَانٍ ، وَالحَقيقَةُ الَّتي لا لَبْسَ فيْهَا هِيَ أنَّني الآنَ لا أحَدَ ، الـ لا أحَدُ الأكيدُ ، وَأنَّني أتقبَّلُ ، بمُنْتَهَى الآليَّةِ وَالاسْتسَلامِ ، هَذَا الوَضْعَ الألِيْمَ ، وَعليَّ ، إلى النِّهَايَةِ ، مُوَاصَلةَ أدَاءِ الدَّورِ باقتدَارْ .

III
أسْتيقِظُ كَالعَادَةِ مُرْهَقًا ، جَسَدِي لايزَالُ منزِلاً مَهْجُورًا ، كيْفَ لمْ تنْتَبِهْ أمِّي إلى أنَّني لسْتُ في جَسَدِي ؟ ، أحْلُمُ ، أحْيَانًا ، بأنَّني ، صَغِيْرًا ، أصْعَدُ سَلالمَ لا تنْتَهِي ، وَأنَّنِي أقطَعُ طريقًا زراعيَّةً تحُفُّهَا المَقَابرُ ، في ليالٍ شتائيَّةٍ حَالكةٍ ، كُلَّمَا أسْلَمْتُ جَسَدِي إلى السَّريرِ أشْعُرُ، خَائفًا ، أنَّني لسْتُ وَحْدِي ، وَأسْمَعُ بُكَاءَ صَوْتٍ ليْسَ غريبًا على سَمْعِي .

IV
على هَذِهِ الطَّاولةِ كَانَ يجْلِسُ
حِيْنَ رَأيْتُهُ قلْتُ إنَّهُ أنَا
بإطْرَاقتِهِ المُسْتديمَةِ وَإشْرَاقَاتِهِ
هَاهُنَا كَانَ يَجْلسُ
بأوْرَاقِهِ الَّتي يتأمَّلُ فيْهَا وَيَسْهُو
خُلْسَةً توَلَّى وَلمْ يَعُدْ
تارِكًا على الطَّاولةِ أوْرَاقَهُ المُنْتَظِرَةَ
أوْرَاقَهُ الَّتي حِيْنَمَا اقترَبَتُ مِنْهَا قَرَأتُ :
حَيَوَاتٌ مَفْقُودَة
شريف رزق

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads