الرئيسية » » وحيدٌ فى المدرَّجِ شعر : محمد دياب

وحيدٌ فى المدرَّجِ شعر : محمد دياب

Written By هشام الصباحي on الخميس، 2 أكتوبر 2014 | أكتوبر 02, 2014

وحيدٌ فى المدرَّجِ
شعر :
محمد دياب
.
فى الكليةِ
كنتُ أحبُّ البنتَ كثيرًا
كانتْ ظلىَ
لا تتركنى حينَ أروحُ وحينَ أجئُ
وفى لحظاتٍ دونَ مقدمةٍ داستنى
و فضَّلتِ الدكتورَ علىّ
.
قدْ قررتُ - بكلِّ هدوءٍ - أنْ أنسحبَ
فأنا لا أتحملُ نفسى
لا أتحملُ شجنًا مرًا يعصرُ قلبى
ولا أتحملُ أبصرُ هذى البنتَ أمامى
ولا أتحملُ أن يرمقنى
هذا الدكتورُ الإنسانُ طوالَ العامِ
بكلِّ محاضرةٍ يأتينا - ولا يتكلمُ -
لا أتحملُ نظراتِ الدكتورِ إلىّ
ولا أتحملُ همسَ البعضِ علىّ
.
ولا أتحملُ همسَ الأشجارِ المهتزةِ والمزروعةِ بالطرقاتِ
ولا أتحملُ همسَ الأزهارِ المعذورةِ والمغروسةِ بالكافتريا
ولا أتحملُ همسَ مدرجنا الثرثارِ
ولا أتحملُ همسَ الطيرِ الواقفِ بالنافذةِ يغنى
كلَّ محاضرةٍ ويطيرُ ولا يرحمنى
لا أتحملُ عينَ الرقباءِ الأشرارِ
ولا هذا الذبحَ اليومىّ
.
فى هذا اليومِ جلستُ وحيدًا
بمدرجِ أولِ حبٍّ لى قلقًا سرحانًا وشريدًا
وركنتُ على "البنجِ" وغفوتُ
وأفقتُ على صوتِ العاملِ ونظرتُ إليهِ فقالَ :
استيقظْ إنَّ عصافيرَ الكليةِ طارتْ للبيتِ جميعًا
فوقفتُ وسرتُ بدونِ كلامٍ تعِسًا منهزمًا تعبانًا
ومشيتُ بقلبِ الشارعِ ريشًا محترقًا فحمًا ودخانًا
لا أعرفُ إنْ كنتُ وصلتُ إلى الدارِ ؟
أمْ أنى حينَ مشيتُ طريقى
قدْ أغمَى فى الحالِ علىّ ؟
.
أنا لا أعرفُ كيفُ وصلتُ البيتَ ولا منْ كانوا حولى؟
يبدو أنى غبتُ عن الوعى كثيرًا
لمَّا كنتُ أفيقُ ثوانىَ قالوا :
بأنى كنتُ أخرِّفُ فى قولى
كنتُ أشاهدَ وجهَ طبيبىَ والزوارَ ومَنْ هم حولى
ثمَّ أغيبُ أغيبُ أغيبُ
وأدخلُ فى شطحاتِ الوعى معَ اللاوعى
كأنى كالمغشىِّ علىّ
.
منْ هذا اليومِ
وأنا أبصرُ نورَ اللهِ يحيطُ الحجرةَ كى يرعانى
منْ هذا اليومِ
أطوفُ العالمَ وأنا أجلسُ فوقَ سريرى
ولا أتحركُ منهُ مكانى
منْ هذا اليومِ
وأنا أشعرُ أنى مرضِىٌّ ورضِىّ
.
منْ هذا اليومِ
وأنا أشعرُ أنى محبوبٌ وولىٌّ
أشربُ خمرَ الجنةِ نورًا لا أتوقفُ
كلُّ طعامى يأتى منْ فوقٍ أنوارًا
أجلسُ فى حلقاتِ الذكرِ أشعةَ ضوءٍ
تخرجُ منْ جسدى الأقمارُ
كألفِ نبىٍّ ألفِ نبىّ
.
ويومُ الجمعةِ حينَ يجئُ
أزورُ اللهَ فَرَاشًا أخضرَ كى أبيضَّ
أملأٌ ذاتىَ نورًا منهُ أملأُ روحىَ نورًا منهُ
أملأُ قلبىَ نورًا منهُ أملأُ عقلىَ نورًا منهُ
أملأُ جسمىَ نورًا منهُ
أملأُ كلِّىَ نورًا منْ نورٍ قدسىّ
.
منْ يأتينى لا يتحملُ هذا النورَ
منْ يبتعدُ لا يتحملُ هذا البعدَ
ويصبحُ كالشجرِ الفضىّ
وأنا مأخوذٌ بالنورِ وفىَّ صعودٌ
مشغولٌ بالحىِّ عن الحىّ
وأسبحُ فى فيضٍ علوىّ ..!.
-
محمد دياب
من ديوان : " لن أحب بعدك " .

***


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads