XI
وَضَعَتْنِي أمِّي في ليْلَةٍ شَاتيَةٍ
كَانَ صَوْتُهَا مُنْشَرِخًا ، وَكَانَتْ تُلاحِقُنِي
بعينيْنِ دَامِعَتيْنِ وَمُعَذَّبتَيْنِ
كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ جَدَّتِي
تُبَسْمِلُ حَانيَةً وَتُصَلِّي على النَّبيِّ
فيْمَا يَدْخُلُ في المشْهَدِ شَيْخٌ قصِيْرٌ
يتلقَّفُنِي،
وَيُغَمْغِمُ في أذُنِي بكلامٍ ،
ثُمَّ يَتْفُلُ في فَمِي
،وتُكبِّرُ جَدَّتِي .
XII
اصْطَدَمَ بي صََبَاحَ هَذَا اليَوْمِ وَحَيَّانِي مُعْتَذِرًا
كَانَ مِنْ الواضِحِ أنَّهُ لمْ يَعُدْ يَعْرِفُنِي
أوْمَأتُ إليْهِ بابتسَامَةٍ وَأنَا أكْتُمُ غُصَّةً
زَميلُكَ في الابتدائيَّةِ يَا أبِي .
XIII
آلو
كَيْفَ أنْتِ الآنَ يَا أمِّي
؟، طَمْئِنِيْنِي عَليْكِ
الحَمْدُ للهِ
نَحْنُ مُذْ مِتِّ في انْتِظَارِكِ دَائِمًا
خَالتِي أحْوَجُ مَا تكونُ إليْكِ حَاليًا
وَنَحْنُ قَدْ هَرِمْنَا في غِيَابِكِ
، في المنزلِ الَّذي أصْبَحَ مَقْبَرَةً عَجُوزًا
سَأُبَلِّغُهُمْ جَمِيْعًا يَا أمِّي .
XIV
أَضَعُ جَسَدِي على السَّريرِ
أُقدِّمُ الوَجْبَةَ اليوميَّةَ لِلْكَوابيسِ .
تُوقِظُنِي ، مُنْذُ مَاتَتْ ، أمِّي ، وَلا أرَاهَا .
قِطَارٌ يَعْوِي وَحْدَهُ في الظَّلامِ .
قِطَّةٌ ، على عَتَبَةِ البَيْتِ ، في وَدَاعِي ، دَائِمًا ، بِنَظْرَةٍ حَانيَةْ .
جَحِيْمٌ في انْتِظَارِي ، كُلِّ شَارعٍ .
أنَا مَرِيْضٌ بِكِ ، وَأعْرِفُ ، بالتَّحدِيْدِ ، دَوَائِي .
XV
تَكَادُ أنْ تَمُوتَ مِنْ الرُّعبِ
، وَأنْتَ عَائِدٌ إلى شقَّتِكَ ليْلاً
حِيْنَ تَجِدُ مَارِدًا أسْوَدَ في انْتِظَارِكَ
يَدْعُوكَ باسْمِكَ
أنْ تتبعَهُ في هدوءْ .
XVI
حُجْرَتِي
هِيَ الرَّحِمُ الَّذي أعودُ إليْهِ آمِنًا
وَأُغْلِقُ بَابَهُ عَليّْ .
XVII
أنْ أجِدَ البَابَ مَفْتُوحًا
وَأنْ أدْخُلَ على وَجَلٍ مُحَاذِرًا
وَأنْ أجِدَ الجَريمَةَ في انْتِظَارِي
وَأنْ أتَلاشَى في جُثَّتِي .