الرئيسية » » قصيدة: "أفتح فمي للواو" شعر: محمد عيد إبراهيم

قصيدة: "أفتح فمي للواو" شعر: محمد عيد إبراهيم

Written By هشام الصباحي on الخميس، 25 سبتمبر 2014 | سبتمبر 25, 2014

قصيدة: "أفتح فمي للواو" 
شعر: محمد عيد إبراهيم

لَكَأنّني أنتقِمُ!

... فاشتَقتُ أن تموتي 
تحتَ لُوريٍّ ثقيلٍ
كلُّه حَدايد، وحُمولتهُ شياطِينُ خلودٍ. 
بعدَها أتَنَطَّطُ فوقَ خاصِرَتَيكِ، 
أمضغُ كُليَتِكِ 
ثمّ أَهرِسُ ما تَبَقَّى 
كزَخرَفَةٍ تفِيضُ عن الحاجَةِ 
من عضلاتِ جسمِكِ الواهنِ، فيطِيشُ 
على أرضِيّةِ المارةِ 
وهم يتقيّأون ـ

يكسِرُهُم إبرِيقُكِ المتكَسِّرُ.

بينما أَتطَوَّحُ في سُعارٍ بقِطعَةِ فَمِكِ 
أو ألعَبُ بعِظامِكِ 
أو أُهَدِّمُ في عُمرانِ جُمجُمَتِكِ.

أَهَبُ لأمّكِ شَعرَكِ الطويلَ 
كفَحمةٍ متلَبِّدةٍ 
علّها تنشِجُ على حالي، 
راجياً أباكِ أن يتمَهّلَ في حُكمهِ 
وهو يعدو عليّ بما يجهلُهُ.

رَبَطْتُ على إصبَعكِ 
ونَزَعتُ 
في عَطَشِ الزئيرِ إلى القدرةِ 
الأقربِ من الانفجارِ
بسِردابِ قلبي الذي اسوَدّ عليكِ.

وكما في الحريقِ 
ارتَكَنتُ على جَنبي، أراكِ ـ 
قَمِيصُ لَحمِكِ مَنقورٌ 
وأفتَحهُ بتَهَيُّجي: تلكَ جُثّتُكِ تَحَرَّرَت، 
مثلَ كلبٍ حَجريٍّ 
انفَجَرَ، فَصَفَّقْتُ أستَحسِنُ.

راقَني دائِماً أن أهزِمَكِ!

أَمْسَكتُ قِربتَيْ ثَديَيكِ كالعَجِينِ، 
وبالضغطِ فوقَ الحُلمَتَين والعَصْرِ 
أفرَغتُ 
ما تَخَلَّفَ من أُكسجينَ، 
وخَلَّطْتهُ بالمُخاطِ والدمِ،

حَزَّزْتُ بسِكّيني طائراً 
عيناهُ حمراوان ويُشبِهُ البومَةَ، 
بطنهُ دائرٌّ 
وله ما يزيدُ عن ساقَين وجَناحَين، 
نَفَختُ فيهِ مِن روحي، فطارَ...

لكني. وبالتَحَكُّمِ عن بُعدٍ 
صِرتُ أُثقِلُهُ، راسِماً نَدبتَي رَصاصٍ 
على رأسهِ، قربَ مِروَحةِ الذيلِ، 
فانبَهَم، 
عائداً في تَخَبُّطٍ وهو يلفِظُ حُمَّاهُ الأخيرةَ.

كنتُ أنحني، 
ابتَسَمتُ أني أُهلِكُكِ.

(مرةً، في صالةِ السينما، شاهدتُ هاملت "براناجَ" معَكِ، 
ورأيتُ أن المخرجَ لم يعِ الأحداثَ إلا بعدَ قَضائِها، 
وضَحِكتُ على شكسبيرَ، الضليعِ، من كَمِّ هذا القتلِ والحُبكَةِ المُضمَرَة: 
ـ كان لا بدّ أن يقتلَ عَمَّه بعدَ لقاءِ الشبحِ، 
ولا تُجَنُّ أوفيليا أو تموتُ، 
بالإمكانِ أن يتّصلَ أحدٌ بسيارةِ الإسعافِ بعدَ مبارزةِ هاملتَ 
ليُعالَج من السُّمّ، وكيفَ بالصدفةِ انهارَت المَملَكَةُ 
على يدِ شَيخٍ مُخرِّفٍ وغُلامٍ يغتَصِبُ تاجاً كبيراً على عمرهِ!

... وأنا كنتُ أبكي،

مُعَلَّقاً كالخَشَبةِ، وسطَ جمهورٍ خَفِيفٍ ونورٍ أَخَفَّ. 
رفضتِ أن تبكي، 
لكن أصابِعَكِ ابتلَّتْ في يدِي 
من حنينٍ لكي أحضِنَكِ. 
يومَها عاوَنتُ نفسي أن أنامَ 
كعلامة استفهامٍ ـ على نُقطَتِكِ...)

جِسمُكِ الحارُّ/ منقَلِبٌ معي الآنَ:

أرفو الرقبةَ لأصونَ
صوتَ حبيبتي أن يراهُ المَلاكُ 
برأفَتِهِ، فيُعِيدَ الحِسابَ!

(*) كُتبت القصيدة 1998، ونُشرت في ديواني "مخلب في فراشة"، دار الانتشار العربيّ، بيروت، 2000 
(*) اللوحة، للفنان السوريّ: نذير نبعة

قصيدة: "أفتح فمي للواو" 
شعر: محمد عيد إبراهيم 

لَكَأنّني أنتقِمُ! 

... فاشتَقتُ أن تموتي 
تحتَ لُوريٍّ ثقيلٍ
كلُّه حَدايد، وحُمولتهُ شياطِينُ خلودٍ. 
بعدَها أتَنَطَّطُ فوقَ خاصِرَتَيكِ، 
أمضغُ كُليَتِكِ 
ثمّ أَهرِسُ ما تَبَقَّى 
كزَخرَفَةٍ تفِيضُ عن الحاجَةِ  
من عضلاتِ جسمِكِ الواهنِ، فيطِيشُ 
على أرضِيّةِ المارةِ 
وهم يتقيّأون ـ 

يكسِرُهُم إبرِيقُكِ المتكَسِّرُ. 

بينما أَتطَوَّحُ في سُعارٍ بقِطعَةِ فَمِكِ 
أو ألعَبُ بعِظامِكِ 
أو أُهَدِّمُ في عُمرانِ جُمجُمَتِكِ. 

أَهَبُ لأمّكِ شَعرَكِ الطويلَ 
كفَحمةٍ متلَبِّدةٍ 
علّها تنشِجُ على حالي، 
راجياً أباكِ أن يتمَهّلَ في حُكمهِ  
وهو يعدو عليّ بما يجهلُهُ. 

رَبَطْتُ على إصبَعكِ 
ونَزَعتُ 
في عَطَشِ الزئيرِ إلى القدرةِ 
الأقربِ من الانفجارِ
بسِردابِ قلبي الذي اسوَدّ عليكِ. 

وكما في الحريقِ 
ارتَكَنتُ على جَنبي، أراكِ ـ 
قَمِيصُ لَحمِكِ مَنقورٌ 
وأفتَحهُ بتَهَيُّجي: تلكَ جُثّتُكِ تَحَرَّرَت، 
مثلَ كلبٍ حَجريٍّ 
انفَجَرَ، فَصَفَّقْتُ أستَحسِنُ. 

راقَني دائِماً أن أهزِمَكِ! 

أَمْسَكتُ قِربتَيْ ثَديَيكِ كالعَجِينِ، 
وبالضغطِ فوقَ الحُلمَتَين والعَصْرِ 
أفرَغتُ 
ما تَخَلَّفَ من أُكسجينَ، 
وخَلَّطْتهُ بالمُخاطِ والدمِ، 

حَزَّزْتُ بسِكّيني طائراً 
عيناهُ حمراوان ويُشبِهُ البومَةَ، 
بطنهُ دائرٌّ 
وله ما يزيدُ عن ساقَين وجَناحَين، 
نَفَختُ فيهِ مِن روحي، فطارَ...  

لكني. وبالتَحَكُّمِ عن بُعدٍ 
صِرتُ أُثقِلُهُ، راسِماً نَدبتَي رَصاصٍ 
على رأسهِ، قربَ مِروَحةِ الذيلِ، 
فانبَهَم، 
عائداً في تَخَبُّطٍ وهو يلفِظُ حُمَّاهُ الأخيرةَ. 

كنتُ أنحني، 
ابتَسَمتُ أني أُهلِكُكِ. 

(مرةً، في صالةِ السينما، شاهدتُ هاملت "براناجَ" معَكِ، 
ورأيتُ أن المخرجَ لم يعِ الأحداثَ إلا بعدَ قَضائِها، 
وضَحِكتُ على شكسبيرَ، الضليعِ، من كَمِّ هذا القتلِ والحُبكَةِ المُضمَرَة: 
ـ كان لا بدّ أن يقتلَ عَمَّه بعدَ لقاءِ الشبحِ، 
ولا تُجَنُّ أوفيليا أو تموتُ، 
بالإمكانِ أن يتّصلَ أحدٌ بسيارةِ الإسعافِ بعدَ مبارزةِ هاملتَ 
ليُعالَج من السُّمّ، وكيفَ بالصدفةِ انهارَت المَملَكَةُ  
على يدِ شَيخٍ مُخرِّفٍ وغُلامٍ يغتَصِبُ تاجاً كبيراً على عمرهِ! 

... وأنا كنتُ أبكي، 

مُعَلَّقاً كالخَشَبةِ، وسطَ جمهورٍ خَفِيفٍ ونورٍ أَخَفَّ. 
رفضتِ أن تبكي، 
لكن أصابِعَكِ ابتلَّتْ في يدِي 
من حنينٍ لكي أحضِنَكِ. 
يومَها عاوَنتُ نفسي أن أنامَ 
كعلامة استفهامٍ ـ على نُقطَتِكِ...) 

جِسمُكِ الحارُّ/ منقَلِبٌ معي الآنَ: 

أرفو الرقبةَ لأصونَ
صوتَ حبيبتي أن يراهُ المَلاكُ 
برأفَتِهِ، فيُعِيدَ الحِسابَ! 

(*) كُتبت القصيدة 1998، ونُشرت في ديواني "مخلب في فراشة"، دار الانتشار العربيّ، بيروت، 2000 
(*) اللوحة، للفنان السوريّ: نذير نبعة
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads