الرئيسية » » رسالة محترقة | بهاء الدين إيعالى

رسالة محترقة | بهاء الدين إيعالى

Written By هشام الصباحي on الخميس، 7 أغسطس 2014 | أغسطس 07, 2014


أجمل التحيات عند المساء
وما ببالي شيء أقوله لك
لا أدري من أين أبدأ
ولا من أين أنتهي
فدورة الأفلاك لا متناهية
وما يجيش في فؤادي
ليس سوى أشواق للحياة
تركض هاربة من جحيم الموت
ولا تشم ريحاً للجنة
أين هذه الجنة
وأنا في دفتري كلمات جارحة
تصرخ وجعاً على نبضات قلبي
فكل ما يروى على لسان صديقتي
لا يداوى بقرص السيتامول
ولا تشفيه عملية الزائدة
***
قل لوالدتي
أنني مغترب في هذه الدنيا
وأنا على متن قاربها
قل لها إنني بخير
قل لعصفور حديقتي
أنني لا أزال على ما يرام
فما زال في العيون نظر
يرى تدفق السيول الأرجوانية
ما زال في السماء نجوم
أغفو معها منشداً قصائدي
تصور يا صاحبي
أنني صرت شقيقاً للتراب
فبكائي أملح سطحه وأجرده
كل ليل أنام مفترشاً له
ملتحفاً الغيوم
مثلما ينام الكثيرون اليوم
***
حينما غادرتني الحياة
عرفت حقيقة ميتة
عرفت كم جميلة الحياة
صرت أجلس على حافة البحر
ودموعي تنصهر مع ملحه
كم لذيذ طعم مياه البحر
بعدما جفت ينابيع عطف أمي
تصور يا صديقي
صرت أستلذ بطعم الكينا
حينما صارت شجرتي عقيماً
كل هذا صار من الذهول
***
كل صباح أفتح شرفة غرفتي
أرتشف القهوة مع حبيبتي
تقول لي إن الدنيا بخير
أن الجميع في رحابها بخير
فكيف حال حديقتي
أما زالت الطيور تراودها
كيف حال ساقية بلدتي
منبع حبي وكينونتي
أما زالت ترنم خواطري الهادئة
الله يا حب من هذا الزمان
زمان جعل روحي تنيناً
قد أطلق العنان لألسنته الغاضبة
لتصرخ من شدة الألم والأسى
***
ذئب جائع قد استيقظ
يطاردني أينما مضيت
ما الذي فعلته يا صديقي
ما الذي فعلته
حتى أرى هذه النقمة
ما الذي فعلته
حتى أتذوق مرارة الغرق
وأنا على متن قاربي
أتعلم يا صديقي
أتعلم أنني منهك بالداء
فقلبي مليء بالأسى
ورسالتي للحبيب قد احترقت
وطعامي بات رغيفاً يتيماً
وحبة صغيرة من البصل
آآآآآه من هذه الغربة
آآآآآه من الذي حل بي وأنا بمكاني
***
ترى
هل سيذكر التاريخ مهاجراً
غادر الحياة
وهو على متن سفينتها
يا غابات الزيتون
هل ستذكرينني
حينماً كنت طفلاً وقتلوا براءتي
وأخذوا بقلبي نحو الغربة الحزينة
هل ستذكرينني يا حديقتي
أنني كنت على ثراك إنساناً
ولا أزال إنسان
هل ستحنطين جثتي
"وتخطين عليها: "شهيد الحب والحياة
هل ستذكرني يا صديقي
أنني كتبت لك هذه الحروف من نار
نار الغربة التي لا نراها
ما قيمة الإنسان
إذا لم يذكره الزمان
ما قميتي
إذا لم يحضنني الثرى الذي أهواه
ما قيمة الصديق
إن لم يتذكرني وقت شدتي
ما قيمة الحياة
وهي لم تعد حياة
***
إن أجمل الأماني
أن اصلبوني على جذع نخلة
فلن أتهاون في الرحيل
فهذه الدنيا لم تعد لأمثالي
لا بل هي لأمثالي
كنت قديماً أغني
أغني والنجوم تلك الأغنية
أغنية تقول
إن فؤادي ليس رزمة من الألم
وليس ظلاماً تعشقه الغربان
فؤادي
هو انتفاضة الغريب على أرضه
هو اشتعال النار تحت الرماد
فيا معالي الذيب
خذها كلمة مني
بأنني لن أتهاون...لن أتهاون...لن أتهاون
***
25/10/2013

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads