كان فيما مضى من الدهر بيتُ
أحمد شوقي
كان فيما مضى من الدهر بيتُ | من بيوت الكرام فيه غزال |
يَطعَم اللَّوْزَ والفطيرَ ويُسقى | عسلاَ لم يشبه إلا الزَّلال |
فأَتى الكلبَ ذاتَ يومٍ يُناجيـ | ـهِ وفي النفسِ تَرحَة ٌ وملال |
قال : يا صاحب الأمانة ، قل لي | كيف حالُ الوَرَى ؟ وكيف الرجال؟ |
فأجاب الأمين وهو القئول الصّـَ | ـادِقُ الكامل النُّهَى المِفضال |
سائلي عن حقيقة الناس ، عذراً | ليس فيهم حقيقة ُ فتقال |
إنما هم حقدٌ ، وغشٌّ ، وبغضُ | وأَذاة ٌ، وغيبة ٌ، وانتحال |
ليت شعري هل يستريحُ فؤادي ؟ | كم أداريهم ! وكم أحتال ! |
فرِضا البعض فيه للبعضِ سُخْطٌ | ورضا الكلِّ مطلبٌ لا يُنال |
ورضا اللهِ نرتجيهِ ، ولكن | لا يؤدِّي إليه إلا الكمال |
لا يغرَّنكَ يا أخا البيدِ من موْ | لاكَ ذاك القبولُ والإقبال |
أنتَ في الأسرِ ما سلمتَ ، فإن تمـ | ـرض تقطَّعْ من جسمك الأوصال |
فاطلبِ البِيدَ، وارض بالعُشبِ قوتاً | فهناك العيشُ الهنِيُّ الحلال |
أنا لولا العظامُ وهيَ حياتي | لم تَطِبْ لي مع ابنِ آدمَ حال |