في خيمة الليل
أَرَقٌ ، أَرَقْ .
| |
الليلُ يسكُنُ خَيمةً شتويَّةً
| |
رسَمَت ملامحَها الكواكِبُ و النُّجومُ..
| |
و ثبَّتت أَوتادَها في الأَرضِ أَرسانُ الأَرَقْ .
| |
مُتأهِّباً للنَّومِ،
| |
أَرخى فوق عَينِ الكونِ سِتراً أَسوَدا .
| |
و على بِساطِ الأرضِ نامَ مُمَدَّدا .
| |
نظَرَت إلى الأُفْقِ البعيدِ عُيونُهُ .
| |
هوَ لا يكادُ يرى يَدَيهِ
| |
و ليسَ يسمعُ في الفضا إلاَّ الصَّدى
| |
أَحلامُهُ ماتَت على شَفَةِ السؤالِ
| |
تنازَعَتها وحشةٌ،
| |
و نُيوبُ ذئبٍ بربرِيٍّ ..
| |
لم يزل يَطأُ الجِراحَ ، النَّهرَ ،
| |
ألعابَ الصِّغارِ ، الوَردَ ،
| |
آياتِ الكِتابِ ، منازِلَ الشُّرفاءِ ،
| |
مكتبةً ..
| |
بكُلِّ صغيرةٍ و كبيرةٍ زَخَرَت ،
| |
و حِبراً داعَبَت قطراتُهُ وجهَ الوَرقْ .
| |
***
| |
أَرَقٌ ، أَرَقْ .
| |
الليلُ يسكنُهُ الأَرَقْ
| |
و أنا سأسكنُ خيمةَ اللَّيلِ الذي أَبصرتُهُ
| |
يبكِي لأَوَّلِ مرَّةٍ
| |
و لطالما صَدَرَت على ساعاتِهِ أَحكامُهُم :
| |
هوَ ظالمٌ ،
| |
هوَ مُظلِمٌ ،
| |
هوَ باعِثٌ للحُزنِ فليُشنَق على بابِ الفلقْ .
| |
أَو تُحبس الأَنسامُ عنهُ
| |
ينُوءُ بالنَّجمَاتِ ، بالقمرِ المُنيرِ بأفْقِهِ ،
| |
بسكُونِهِ ،
| |
بجلالِهِ ،
| |
بجمالِهِ ، بسَوادِهِ ،
| |
يهوِي إِلى أَرضِ النِّفاقِ فيحترِقْ.
| |
يا أَنتِ هيَّا نُوقدُ النِّيرانَ ،
| |
أَضيافُ الدُّجى قد أَقبَلوا..
| |
مِن كُلِّ فجٍّ حاملينَ جِراحَهُم ،
| |
و وُرُوُدَهُم ،
| |
و كُؤُوسَ لهفتِهِم إلى شهدِ اللِّقاءِ
| |
فهيِّئِي مِن خيمةِ اللَّيلِ الوِسادَ
| |
و عطِّرِيني مِن أَرِيجٍ ليس يعرِفُهُ سوانَا
| |
رُبَّما لو تُهتُ عنكِ يدلُّنِي سِحرُ العَبَقْ .
| |
***
| |
أَرَقٌ أَرَقْ
| |
الليلُ يُوشِكُ أَن ينامَ على ذراعِ الفَجرِ
| |
قد ثقُلت عليهِ همومُهُ .
| |
أَتُراهُ يتركني وحيداً ..
| |
لا نديمَ سوى التَّذكُّرِ ..
| |
حين يقطعُ طيفُكِ القمريُّ آفاقَ اغترابي
| |
تاركاً لي قصةَ الحُبِّ الطفوليِّ ،
| |
ابتسامتَكِ البريئةَ ،
| |
لونَ عينيكِ ،
| |
الرُّؤى ،
| |
قاموسَ أيامِ الرعونةِ و النَّزَقْ .
| |
***
| |
أرَقٌ أرَقْ .
| |
الليلُ يضحكُ لِي ،
| |
يُودِّعنِي ،
| |
و يمضِي حيثُ يأخذُهُ الصَّباحُ إِلى البعِيدِ
| |
و لم أَزل أَقتاتُ عشبَ الحُزنِ
| |
أَلتحِفُ الأَسى ،
| |
و النومُ يأبى أَن يُصالِحَ مُقلتي .
|