أبُوهُ المُسنُّ الّذي لَم يَلْمَس حاسوباً يوماً، لم يَلمِسْ أيضاً قلَماً قطُّ.. عندما اشترى لابنِه الحاسُوب، طرَد بقيّة إخوته الصّغار من حوله وحذّرهُم مِن لَمسه، لأنّه خاصٌ بأخيهم الأكبَر فقطّ..
أبُوهُ المُسنُّ الّذي لَم يُرَ حَزيناً يوما ما، كانَ بسيطاً، يرفعُ المِعولَ لتصريف المياهِ إلى الأحواض.. كان صامِتاً في أغلبِ الأوقات.. وكان مُفرطاً في كُلّ شيء كأي بدويّ.. يُحبُّ أبناءَه حدّ القَسوَة..
أبُوهُ المُسنُّ مُمدّدٌ الآن على فِراش قَديم، يحتَفظُ بصَمتِه الأوّل، ويُشاهِدُ ما حوله دون أيّ حركة.. يسعلُ يقوّة وقَد تمكّنَ السّرطانُ من لحمهِ ودَمه..
أبُوهُ المُسنُّ قَد يَموتُ بعدَ أيام.. وابنهُ الأكبَرُ يُراقِبُهُ الآن وهُوَ يُفكّرُ -فقطّ- في الكلِمات المُناسبة لنَقل خَبر وفاتِه إلى الفايْسبُوك.. كلمات تجعلُ من الأمر مُؤثّراً وداعياً إلى تفاعُل أصدقائه الّذين لَم يلتَقِهم قطُّ..