شـجرة جـوافة.. تنـام في سـريره
"من سيرة العطش"
فارس خضر
وأنَا أجْلِسُ على رأسِكِ المقطوعِ
صرَختُ:
أنا الرَّحْـمَةُ
كنتُ أمرُّ بأصابِعي الْـمُبَـلَّلةِ
على شفاهِكِ..
أنا ... النائمُ
هَـرَبًا مِـنْ وُحُـوشِ اليقَظةِ.
أنَا... الْـمَـاءُ
الَّذِي حَفَـرَ دَرْبًا إليكِ
لِيَقْتُـلَ العَطَش.
اليدُ الْمُجَـرَّحَـةُ
بفأسٍ مَغْـمُوسٍ في الألم.
الحطَّابُ الفاشلُ
الذي نفَخَ في رُوحِكِ بِـمَاءٍ شَـحِيـحٍ
ومَـحَبَّـةٍ غَـزيرة.
أنامُ والأكُفُّ المقطوعةُ
على رَقَبَـتي
رقبتي الطويلةُ الناحلةُ
تَـخْنُـقُها في الليلِ
ألفُ نظرةٍ ناشفة.
...
لم يَبْـقَ مِنْ مَاضِيكِ
سوى هذا العنُقِ اليابسِ
ولا مِنْ حَاضِرِكِ
سِوَى العَطَش.
أحلامي تنامُ على جِذْعِـكِ
برؤوسٍ مقطوعةٍ
أيضًا.
حَـلْقِي مُـمَـرَّرٌ..
بالذِّكْـرَى.
صِـرْتُ
والعطشَ صديقيْنِ.
أَحَنَّ من أن أقسُوَ عليكِ
وأرَقَّ مِنْ جُـرْحٍ
زاهدٍ في ظِـلِّك..
بينَ السَّـريرِ والدُّولابِ
تُظِـلِّينَ أطفالي بِـوَرَقٍ مُصْفَرٍّ
وتَقْذِفِينَهُمْ بالثَّـمَرات
أمشي.. فتَمْشِينَ
وأشوِّح بذراعَيْنِ مُنفعِلَتَـيْنِ
فينحَشِـرُ الكومودينو واللابُ
بـينَ الأغصانِ
أطفالي يَشْخَبُونَ فاكِهَتَكِ.
فاكِهَتَـكِ المهمَلةَ على الأرضيةِ
مثلَ ذكرياتي.
صارتْ أغصاني عاريةً في الرِّيحِ
الكراسيُّ تلتَفُّ حَـوْلِي
بِـحَنِـينٍ مُعَتَّـقٍ
جِذْعِي يُسِـرُّ لِـخَشَبِ السُّـفْرَةِ
بحكايةٍ
عن شَـجَـرةٍ مَشَتْ
أرْبَعِــينَ سنةً مِنَ العَطَـش..
وأنتِ
تَضْغَطِـينَ بأصابِعَ خَشِـنَةٍ على رقبتي
تَـحَسَّـسِي خُيُوطًا وَرْدِيَّةً على جِذْعِي
عُـرُوقًا نافرةً..
ثُـمَّ اذْبَـحِي غَضَـبي،
ثورتي
التي رَبَّيْـتُها كُلَّ هذهِ السنواتِ
بِلا طَـائِـلٍ
اُقْتُـليـني
بِأَسْـرَعَ مِـمَّا يفعلُ الحنين.
ألا تذكُرُني
الآنَ..؟
لا بأسَ
فالعَطَاشَى
لا يَذكُرونُ
وُجُــوهَ قاتِلِيــهِمٍ.
*من ديوان:"بعين واحدة..وبصيرتين"
يصدر قريبا عن سلسلة أصوات بالهيئة العامة لقصور الثقافة
نشرت في عدد يوليو من مجلة" أدب ونقد"
"من سيرة العطش"
فارس خضر
وأنَا أجْلِسُ على رأسِكِ المقطوعِ
صرَختُ:
أنا الرَّحْـمَةُ
كنتُ أمرُّ بأصابِعي الْـمُبَـلَّلةِ
على شفاهِكِ..
أنا ... النائمُ
هَـرَبًا مِـنْ وُحُـوشِ اليقَظةِ.
أنَا... الْـمَـاءُ
الَّذِي حَفَـرَ دَرْبًا إليكِ
لِيَقْتُـلَ العَطَش.
اليدُ الْمُجَـرَّحَـةُ
بفأسٍ مَغْـمُوسٍ في الألم.
الحطَّابُ الفاشلُ
الذي نفَخَ في رُوحِكِ بِـمَاءٍ شَـحِيـحٍ
ومَـحَبَّـةٍ غَـزيرة.
أنامُ والأكُفُّ المقطوعةُ
على رَقَبَـتي
رقبتي الطويلةُ الناحلةُ
تَـخْنُـقُها في الليلِ
ألفُ نظرةٍ ناشفة.
...
لم يَبْـقَ مِنْ مَاضِيكِ
سوى هذا العنُقِ اليابسِ
ولا مِنْ حَاضِرِكِ
سِوَى العَطَش.
أحلامي تنامُ على جِذْعِـكِ
برؤوسٍ مقطوعةٍ
أيضًا.
حَـلْقِي مُـمَـرَّرٌ..
بالذِّكْـرَى.
صِـرْتُ
والعطشَ صديقيْنِ.
أَحَنَّ من أن أقسُوَ عليكِ
وأرَقَّ مِنْ جُـرْحٍ
زاهدٍ في ظِـلِّك..
بينَ السَّـريرِ والدُّولابِ
تُظِـلِّينَ أطفالي بِـوَرَقٍ مُصْفَرٍّ
وتَقْذِفِينَهُمْ بالثَّـمَرات
أمشي.. فتَمْشِينَ
وأشوِّح بذراعَيْنِ مُنفعِلَتَـيْنِ
فينحَشِـرُ الكومودينو واللابُ
بـينَ الأغصانِ
أطفالي يَشْخَبُونَ فاكِهَتَكِ.
فاكِهَتَـكِ المهمَلةَ على الأرضيةِ
مثلَ ذكرياتي.
صارتْ أغصاني عاريةً في الرِّيحِ
الكراسيُّ تلتَفُّ حَـوْلِي
بِـحَنِـينٍ مُعَتَّـقٍ
جِذْعِي يُسِـرُّ لِـخَشَبِ السُّـفْرَةِ
بحكايةٍ
عن شَـجَـرةٍ مَشَتْ
أرْبَعِــينَ سنةً مِنَ العَطَـش..
وأنتِ
تَضْغَطِـينَ بأصابِعَ خَشِـنَةٍ على رقبتي
تَـحَسَّـسِي خُيُوطًا وَرْدِيَّةً على جِذْعِي
عُـرُوقًا نافرةً..
ثُـمَّ اذْبَـحِي غَضَـبي،
ثورتي
التي رَبَّيْـتُها كُلَّ هذهِ السنواتِ
بِلا طَـائِـلٍ
اُقْتُـليـني
بِأَسْـرَعَ مِـمَّا يفعلُ الحنين.
ألا تذكُرُني
الآنَ..؟
لا بأسَ
فالعَطَاشَى
لا يَذكُرونُ
وُجُــوهَ قاتِلِيــهِمٍ.
*من ديوان:"بعين واحدة..وبصيرتين"
يصدر قريبا عن سلسلة أصوات بالهيئة العامة لقصور الثقافة
نشرت في عدد يوليو من مجلة" أدب ونقد"