الرئيسية » » جدران حياة مثقوبة بالموت محيي الدين جرمة

جدران حياة مثقوبة بالموت محيي الدين جرمة

Written By غير معرف on الأربعاء، 13 فبراير 2013 | فبراير 13, 2013



جدران حياة مثقوبة بالموت

محيي الدين جرمة

ظلّ أخضر في شموس يابسة.
خيالي الصامت
وثمّ حضور لامع
لأحذية مشغولة بجلد موروث.
نوم نائم في يقظة مهرّج.
فضائحية مباشرة.
تحت سقف المرفوع
كفتحة مُقدَّرة على آخره.
لا تقرأ حياتك لصديق الغد الماضي.
أو تتنهّد بشكل مرتفع.
ستجدها منشورة في الليل التالي.
على جدار جريدة.
لكن ذلك ليس مهمّاً.
الأهمّ في الأمر
ما لا يهمّ.
إخفض الماء أعلى ما تستطيعه
من حنفية حضورك.
في لحظة منشورة
على صفحة سوداء
أو بازار بأسعار منافسة.
قد تفقأ عين توقّعك
أو تفقد مزاجك
حينما تجد جزءاً كبيراً
من حياتك المسروقة
منشوراً دون أي اعتذار.
ثمة من يتصرّف بحياتنا
نتيجة موتنا عن الانتباه.
حياتك ليست حياتك.
لأنك لا تجيد الإصغاء
إلى حياتك.
لأنك تقرأها غالباً
على حبل غسيل أحمر
في السطح المصوّب كفوّهة.
تلك حياتك التي لا تنشرها بشكل أفضل.
أو تنشّفها في مغسلة بخار نظيفة.
لا تقرأ حياتك إذاً لبعض موتك.
قد تفقدها
كما يفقد عاملٌ ساهٍ إبهاماً
أو سبّابة في مخلب آلة
أو ماكنة بلا عقل.
لا تقرأ حياتك أو تنشرها في سطح وعي
يبول إرادياً على نفسه كلّ يوم
كنوع من الاحتجاج.
لا تقرأ حياتكَ لأحد.
أنت حُرّ:
على افتراض كونك لست كذلك.
يمكنك فعل ما لا تريد،
أنت حرّ بالفطرة
لا بالاكتساب.
أنت حرّ.
كعريك في الولادة.
أن تنشر حياتك مثلاً على مشجب الريح.
أو في صحيفة بازار.
سيكون أجدى من ملاحق الصرف.
إن نشرت في بازار ستقرأ حياتك مجاناً
وستوزع حياتك بالآلاف.
سيقرأك الباحث عن وظيفة.
والعقاري.
وسيكتب عنك مراسلو «رويترز
و الإسشتد يوبريس» خبراً عاجلاً.
سيقرأك الباحث عن حياة بالتقسيط
أو «قبر» للإيجار.
ستنتشر حياتك كثيراً في بازار فحسب.
ويمكن لحياتك أن تعيشكَ بدلاً منك.
( كدعسات متروكة على الباب)
لا تفرط كثيراً في كتابة حياتك.
قد تضيع منك حياتك.
بمجرّد عبورك سلّة مهملات.
وقد يمرّ حوت النظافة فيلتهم حياتك
مثل «شوارما» أو«بيتزاهت».
قد تفقد موتك العزيز في حافلة
بسبب أنك لا تقرأ دعاء السفر
أثناء خروجك من الحمّام.
لا تقرأ حياتك المخنوقة بأصدقاء الوهم:
من. يخيطون جسد حياتك كلّ يوم
بـ( إبرة الغياب).
حياتك التي قد تجدها منشورة في خازوق كبير
لثقب صغير.
سفراء النوايا التي لم يُكتشف لونها بعد.
انتبه من المرور في إشارة المرور.
ليكن جيبك مرقوعاً بدقة.
تحسّس حياتك في جيب أنفك النازف.
تحسّس الهواء بحذر على الورقة.
وأنت في خطّ طويل
على متن سيارة «فرنسية»
تأكل الطريق بعجلاتها.
كما بعجلتهم المتأخّرة دائماً.
لا تقف ولا تنتظر.
لا تقرأ حياتك.
حتى في صمت صمت جدران غرفتك الواسعة.
إذا لم تجد حياتك اليوم أو غداً
قد تقرأها منشورةً في صفحة الهويّات المفقودة.
أو تقرأها كنصف حياة مقسّمة إلى أسهم
في ضمير البنك الوطنيّ المُفلس دائماً
كشارع رئيسي يسير بياقة وسخة،
حذاء جدار سميك من التحايا
والدم البارد
لجدران حياة
مثقوبة بالموت.
---------------------------------------
jh_send@yahoo.com
من مجموعته (حافلة تعمل بالدخان والأغاني الرديئة ) الإصدار الأول ضمن سلسلة مجلة"نقد " اللبنانية الصادرة عن دار النهضة العربية - بيروت 2007م
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads