الرئيسية » , , , , , » سارة عابدين: لا أعترف بالأبوة الشعرية | شاعرات مصر |حوار | إيهاب محمود الحضري

سارة عابدين: لا أعترف بالأبوة الشعرية | شاعرات مصر |حوار | إيهاب محمود الحضري

Written By هشام الصباحي on الخميس، 8 نوفمبر 2018 | نوفمبر 08, 2018







سارة عابدين: لا أعترف بالأبوة الشعرية | شاعرات مصر |حوار | إيهاب محمود الحضري

المصدر  موقع مبتدا


تعتبر سارة عابدين من الأصوات الشعرية الشابة فى المشهد الثقافى المصرى، نشرت سارة ديوانها الأول "على حافتين معًا" فى عام 2013 عن دار الدار للنشر، ثم ديوان "أبتلع الوقت" عن دار روافد عام 2016.

وفى تجربة مختلفة أصدرت سارة كتابًا مشتركًا مع مروة أبو ضيف، اسمه "وبيننا حديقة" صدر عام 2017 عن دار روافد.

تعترف سارة بفضل الصخب عليها، هو دافعها الأول والأهم للكتابة: "لولا الصخب من حولى ما كنت أبحث عن نفسى داخل الكتابة، بعيدا عن ساقية الحياة اليومية" تقول سارة، التى لا تعترف بالمجايلة، وترى أن الشعر ليس مادة مدرسية لنتعلمها، وهى متصالحة مع نفسها على نحو واضح، تعترف مثلاً أنها أخطأت حين ذكرت مفردة الموت أربع مرات فى مقطع صغير فى ديوانها الأخير "أبتلع الوقت"، مؤكدة أن الأمر قصور منها فى اختيار مفردات بديلة.
سارة عابدين، المهجوسة بالموت، تؤمن أن الشعر تجربة كونية، أنطولوجيا كونية، وكل شاعر فى العالم يحاول أن يترك علامة، متأثرًا ومستفيدًا من هذه الأنطولوجيا. هنا نص الحوار معها.
أهديت ديوانك "أبتلع الوقت" بخلاف زوجك، وأمك، وبناتك الثلاث، إلى الصخب... لماذا؟
الحقيقة لو كان ممكنًا، كنت أتمنى أن أهدى ديوانى للصخب فقط، لكن أنت تعرف، الاعتبارات العائلية، كل أفراد أسرتى الصغيرة يحبون أن أهدى الديوان لهم، حتى لو لم يقرأوه. الصخب الذى لا يتوقف حولى، هو الدافع الأول والأهم للكتابة، أكتب لأتجاوزه وأتخطاه، أحياناً أكتب لأهادنه، أو لأرجوه أن يبتعد عنى ويتركنى قليلاً، أعتقد لولا الصخب من حولى ما كنت أبحث عن نفسى داخل الكتابة، بعيداً عن ساقية الحياة اليومية.
فى ديوان "أبتلع الوقت" تقولين "كابل الكهرباء المفتوح يهمس أن الموت قريب/ الموت يبتلع الحياة ولا يتجشأ ما تبقى/ الموتى لا يعودون من هناك/ النافذة التى سقط منها الشاب العشرينى/ تؤكد أن الموت قريب".. ألا تجدين تكرار كلمة الموت أربع مرات فى مقطع صغير كهذا ينشر حالة سوداوية لدى القارئ؟
بالطبع ينشر حالة سوداوية لدى القارئ، أنا إنسانة مهجوسة بالموت، أخاف منه جداً، وأرتعب من غموض ما بعد الموت، ومن حتميته. لكن تكرار كلمة الموت أربع مرات فى هذا المقطع الصغير ليس سوى قصور منى فى اختيار مفردات بديلة، لا أكثر.
ينقسم هذا الديوان لجزئين: "فى البيت"، و"فاصل قبل نهاية العالم" فى الجزء الأول تتراص مفردات يومية بسيطة (كوب نسكافيه، المطبخ، الأرائك، الأطباق....) فى حين تحتشد فى الجزء الثانى مفردات قوية، قاسية، يكفى منها الموت مثلا وحضوره الملفت.. فكرة الجمع بين حالتين واحدة بسيطة ويومية والأخرى صاخبة وقاسية... لماذا؟
الحالتان كانتا متوازيتين، أحيانا تغلب إحداهما على الأخرى، فى الصباح أكتب عن البيت، والمطبخ والأرائك، والأطباق، وفى الليل، يتضخم القلق الوجودى بداخلى، وتتعاظم الأسئلة التى لا تنتهى عن أسباب الحياة والوجود، والأحلام التى لم ولن تتحقق، عن الموت، عن الثواب والعقاب والنعيم والجحيم، فتجد النصوص ممتلئة بالمفردات القاسية، والأفكار التشاؤمية.
لا أعرف بيقين، لكن أعتقد حالياً أن زمن الكتابة ليس هو العامل الأهم لجمع القصائد والنصوص، وأن المفهوم الذى تدور حوله النصوص أهم من زمن الكتابة. فى الكتب القادمة سيكون المفهوم هو الأولوية الأولى وربما الوحيدة.


ألم يكن الأفضل الفصل بينهما؟ أم كنت مشتتة ذهنيًا؟
ليس تشتتًا ذهنيًا أو نفسيًا، ليس أكثر من تسرع أو قلة خبرة فى طريقة جمع النصوص والقصائد. وربما اهتمام بالكم مع تجاهل بشكل ما للكيف أو المضمون.
لديك مجموعة قصصية للأطفال "أسرار القمر".. هل فى خطتك المزيد من الكتابة للطفل؟ وهل فعلا نعانى من إهمال لهذا النوع الكتابى؟
لدىَّ مجموعة قصصية للأطفال وقصتان منفصلتان، واحدة عن دار ورق وتنمية، وواحدة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. نعم فى خطتى المزيد من الكتابة للأطفال، أفكار كثيرة جدا، لم تكتمل كتابتها، وأفكار أخرى لم توضع على الورق بعد. لكننى أحملها فى رأسى وعندى يقين من خروجها فى الوقت المناسب.
كلمة إهمال ربما ليست الكلمة المناسبة من وجهة نظرى، أعتقد أننا نعانى من تسطيح فى الكتابة للطفل، ونتعامل معهم ببساطة، بالرغم من أن الأطفال ليسوا بتلك السطحية ولا البساطة، الأطفال عقولهم فى منتهى التعقيد، ولا يتوقفون عن التفكير وطرح الأسئلة، بالإضافة إلى الرغبة الدائمة فى تدجين الأطفال وإدخالهم حظيرة المجتمع، وعاداته وتقاليده، والخوف حد الرعب من تقديم أى أفكار تقدمية للأطفال تساعدهم على التفكير والثورة والتمرد. كل كاتب وكل أب وأم يقولون نرغب فى أن يكون أطفالنا خارج النمط المتعارف عليه، نرغب فى أن نفسح لهم المجال للتفكير والتجريب، نرغب فى أن يقرروا ويحددوا أهدافهم الصغرى والكبرى بلا تدخل منا، لكن فى الحقيقة كل بالغ عندما يرغب فى كل ما سبق، يرغب به بعيداً عن أطفاله، يرغب به لأطفال الجيران، أو العائلة، أو الوطن. التحدى الكبير بالنسبة لى أن أصل لذلك الاتساق الحقيقى بين سارة الكاتبة وسارة الأم. الأمر فى منتهى الصعوبة بصدق.
كتبتِ شعر العامية والفصحى.. ما الفارق بينهما، وإذا قلنا إن التجربة تختار قالبها سواء كان قصيدة أو رواية، فهل تختار القصيدة أيضًا لهجتها سواء عامية أو فصحى؟
بدأت الكتابة بالعامية، لكن هذا منذ زمن قديم، فى أعياد الأم كنت أكتب لأمى رسائل شعرية موزونة ومقفاة، أو أصدقائى فى أعياد ميلادهم، وربما تطور الأمر لبعض القصائد التى تحمل مسحة سياسية ساخرة، لكنها لم تطبع أبداً فى كتاب، ولم تتعد بوستات قديمة على فيسبوك. فى مرحلة ما قررت التوقف عن الكتابة الساخرة، سياسياً أو اجتماعياً، ثم لم أستطع أن أستمر فى ذلك النوع من الكتابة اللاشخصية، خاصة بعد "يناير".
الفصحى من وجهة نظرى أكثر تراجيدية، وهو ما كنت أبحث عنه. عندما كنت أستعمل العامية، كانت النصوص تتحول إلى السخرية حتى دون قصد منى، فاخترت بقرار شخصى أن أستخدم الفصحى، كنت أقرا بيسوا، وبورخيس، ورياض الصالح حسين، والماغوط، ومحمد عفيفى مطر، وأبحث عن الكلمات التراجيدية المؤثرة، غير المتداولة، المترادفات الأكثر جزالة ورصانة لأستعملها، ظناً منى أن الشعر يجب أن يكون مستغلقاً قدر الإمكان، كان هذا فقط فى بداية كتابتى للشعر، لكنى الآن أفعل العكس تماماً، أختار أكثر المفردات تداولاً ويومية.
لك تجربة فى كتابة ديوان مشترك مع مروة أبو ضيف.. ما تقييمك لها؟
الأمر كله حدث بالصدفة، عندما كنت أكتب رسائل نصوص تحت عنوان "رسائل إلى الله"، وتقاطعت مروة مع واحدة من رسائلى، وبدأنا التراسل من هنا. بالرغم من البعد المكانى بيننا، إلا إننا جمعنا اكتئاب ما بعد الولادة، وجمعنا الشعور العميق بالغربة والاغتراب، والوحدة. الأمر لم يحدث بقرار شخصى منى أو منها، لكن النصوص استدعت بعضها البعض، وألهمتنا معا لنستمر ما يقرب من ثلاثة أشهر نكتب معا بشكل شبه يومى. الكتابة فى هذا الوقت كانت أشبه بعلاج، يساعدنا على تجاوز المشاكل النفسية والأزمات العميقة. الأمر يشبه تماما، أن تشعر أنك لست وحدك، وأن هناك شخصًا ما فى هذا الكون الواسع يشعر تماما بما تشعر به. لا أعرف إن كانت تلك الإجابة تقترب من مقصدك بخصوص التقييم أم لا؟!
هل يمكن تكرارها؟
نعم، يمكن ذلك، يبدو أن الظروف المشابهة تنتج تلك الرغبة فى التراسل والبحث عن شخص ما يشاركك نفس الألم. مؤخرا حدث بينى وبين الشاعرة أميمة عبد الشافى، أمر مشابه لما حدث من قبل مع مروة أبو ضيف، إذ تزامنت فترة مرضى مع فترة مرضها، فبدأنا فى كتابة نصوص بعنوان "نصوص الألم" تقاطع فيها الألم الجسدى مع الألم النفسى، مع الهواجس والقلق الأمومى، وما زالت التجربة مستمرة، ربما ليس بنفس كثافة نصوصى مع مروة أبو ضيف، لكنها تجربة فارقة وجاءت أيضاً فى لحظات مرض وضعف واكتئاب.
ولماذا يندر لدينا هذا النمط الكتابى؟
لا أعلم لماذا يندر ذلك النمط الكتابى، ربما لقلق الشعراء والكتاب من مقارنة النصوص أو الرسائل بعضها ببعض، أو لأن الظروف المشابهة نفسياً ومعنوياً لم تحدث، أو لاستنكاف البعض من الرد على نصوص غيره والكتابة عليها، أظن أن الأمر بحاجة إلى أشخاص يتعاملون مع الشعر بروح اللعب والتجريب والمغامرة، وليس بتلك الجدية المعتادة فى الشعر والشعراء.
هل لدينا آباء شعريون؟ أم أنك لا تؤمنين بفكرة المجايلة فى الشعر؟
أنا ضد فكرة المجايلة، بمعنى أن الجيل الذى سبقنا مثلًا ليس بالضرورة يعلمنا، وبالضرورة نستفيد منه ونعترف له بالأستاذية، نحن لسنا فى مدرسة. هناك شعراء شكلوا ذائقتى، وتأثرت بهم، وربما يأتى شاعر آخر فلا يجد عندهم ما يجذبه ويكفيه فنيًا. الأمر شخصى بحت. لا أقتنع بتوالى الأجيال، ليس من المفهوم عندى أننا نتعلم الشعر مثلاً من أحد.
أنا مثلا أتعلم أو دعنى أقول أندهش من مروة أبو ضيف، ومحمد أبو زيد، وفخرى رطروط، وأسماء ياسين. جميعهم فى جيلى، ولا مشكلة أبدًا، وربما يفسر ذلك عدم اعترافى بفكرة الأبوة الشعرية.
الشعر تجربة كونية، أنطولوجيا كونية، وكل شاعر فى العالم يحاول أن يترك علامة، متأثرًا ومستفيدًا من هذه الأنطولوجيا.
ما الجديد لديك؟
لا خطط، فقط أكتب، بشكل شبه يومى، نصوصاً تتراوح بين الشعر والسرد والمونودراما، منذ ما يقرب من 5 أشهر، ولا أعلم كيف ستنتهى التجربة، ولا أضع منها أى مقاطع أو أجزاء على فيسبوك، لأننى أرغب فى الاحتفاظ بها لنفسى حتى الآن.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads