الرئيسية » , » ثلاثة تمارين لحوار جيد من جويل باركر روده | ترجمة: دعاء عون محيسن

ثلاثة تمارين لحوار جيد من جويل باركر روده | ترجمة: دعاء عون محيسن

Written By Gpp on الثلاثاء، 27 فبراير 2018 | فبراير 27, 2018

ثلاثة تمارين لحوار جيد من جويل باركر روده

ترجمة: دعاء عون محيسن

يعتمد الحوار الجيد على عدة أشياء، من ضمنها:
أولًا: التوتر السطحي أو التوتر المبطّن (المعنى المبطّن)
ككاتب ينبغي أن تدرك أهمية ما تقوله شخصياتك وكيف تقوله وما تقرر إبقاءه مخفيًا بين الأسطر، لذا فللحوار دور جوهريّ في عكس الحياة العاطفية لشخصياتك، ولا يُمكن أن تكتبه باعتباطية كيفما اتفق، كما أنّ الأسباب الحقيقية للتوتر والصراع الدائر بين الشخصيات لا يكون بالضرورة واضحًا ومباشرًا بل يتخفى كمعانٍ مبطّنة. على سبيل المثال، قد تعرف شخصية بأن أخرى تكذب إلا أنّها تمتنع عن التصريح بذلك علنًا، ولكنّ معرفتها غير المصرّح بها بكذب الشخصية يؤثر على ما تقوله وكيف تقوله. وأحيانًا ما تكون المعاني المبطّنة ذات دلالة اجتماعية أو سياسية عنصرية أو جندرية أو سياسية جنسانية أو وطنية وغيرها، وتسهم جميعها في تعزيز التوتر المبطّن في أي محادثة.
ثانيًا: الكبح العاطفي (والتنفيس العاطفي)
تحاول الشخصيات كالأناس العاديين كبح عواطفها، والمعنى المبطن بطبيعته هو نوع من أنواع الكبح العاطفي. عندما تتأجج مشاعر كالغضب والخوف والشهرة والوحدة تحت السطح تكون أكثر تشويقًا من الانفجارات العاطفية التي تندفع بأوج قوتها فجأةً. وعندما تحدث هذه الانفجارات فإن كبح النفس المسبق سيجعل قيمتها أبلغ، ولذا يجب أن يُكتب الحوار بحيث يُراعى كبح النفس وتكون هناك فرصة لتنفيس الطاقة العاطفية لاحقًا.
ثالثًا: أفعال الشخصيات وردود أفعالها ولحظات الصمت
عندما تخوض الشخصيات حوارًا ما تكون لديها استجابات جسدية – مثل تعبيرات الوجه والطريقة التي تقف فيها الشخصية وغيرها- هذه الأفعال وما يترتب عليها من ردود الفعل تعزز ما قالته شخصية ما أو ما تُرك بدون الإفصاح عنه. فمثلًا لشخصية أن تقول “أنا أحبك” ولكن الأفعال هي وحدها من تثبت صدق أو كذب القائل. وبالمثل، لحظات الصمت والتردد يمكن أيضًا أن تفصح عن عمق وحقيقة مشاعر الشخصيات.
رابعًا: الكلام وأنماط الإيقاع الملائمة لكل شخصية
تشكل كل من هويّة الشخصيات والفوارق الإقليمية والطبقية فيما بينها وخلفيتها التعليمية ونوع المجتمع الذي تعيش فيه الأصوات التي تتحدث بها والكلمات التي تختارها عندما تتحدث، فقد تتحدث بشكل فظ وحاد أو بغنائية أو تستخدم كلمات قليلة عندما تتحدث، هذا التنوع في حدّ ذاته مدهش وعليك ككاتب استغلاله، فمثلًا بعض الشخصيات تستخدم كلمات بسيطة ولكن بليغة، بينما تستخدم شخصيات أخرى كلمات جزلة لتوقع تأثيرًا أكبر على مستمعيها، كما أن الإدغام الذي شاع استخدامه يغير الإيقاع، فأصبحت العبارة العامية I can’t go
أقل رسمية من I cannot go .
خامسًا: جمل قصيرة وغير كاملة
عند استخدام الجمل الطويلة والصحيحة نحويًا يصبح الحوار متكلفًا، ولكنّ استخدام جملٍ غير كاملة ومقاطعة الشخصيات لأخرى واستخدامها شيفرات ولهجات خاصة بها له تأثير أكبر مما يُقال بالفعل، فمثلًا:
  • “أين تذهب؟”
  • “الكنيسة.”
هو حوار أفضل من:
  • “إلى أين تذهب؟”
  • “انا ذاهب إلى الكنيسة.”
سادسًا: الحد الأدنى من الوسوم لقصص أكثر سلاسة:
استخدم الوسوم مثل “قال” و”قالت” عند الضرورة القصوى لتجنب الالتباس حول من يتحدث ومتى، الكثير من الوسوم ستُفقد القرّاء اندماجهم بعالم الخيال وتذكّرهم بأنهم يقرؤون قصة غير حقيقية.

تعتبر القدرة على كتابة حوار قوي مهارة مهمة في أية قصة تكتبها، أيضًا تذكّر بأنّ الشخصيات لا تولد قبل أن تتحدث، وكلامها يظهر الصراع ويمهّد للأحداثِ وتسلسلها، كلّ ساعة تقضيها في التمرن على كتابة الحوار ستعود عليك بقصص أكثر متعة وسلاسة، وكلما شعرت بقوّة الأصوات أكثر ستبدأ بالاستماع إلى شخصياتك تهمس وتصرخ وتتنهّد بمشاعر جديدة مما ستتفتّق عنه قصص جديدة وأكثر متعة.

التمارين

التمرين الأول: أحادية الصوت
اقض يومين في الاستماع إلى حديث شخصٍ يثير اهتمامك، يمكن أن يكون سائق فيدكس من برونكس، أو مديرًا ماليًا من وول ستريت، أو مهاجرًا من جامايكا. ما الذي تحب الاستماع إليه؟ أهو الإيقاع أو اختيار الكلمات أو التغيير في طبقة الصوت في لهجة معيّنة؟ ما هي أنواع الجمل التي تستمع إليها في العادة؟ هل النبرة متذمّرة؟ مترددة؟ موزونة؟ عدائية؟ حادّة؟ خجولة ومترددة؟ اسأل المتحدث إن كان بوسعك تسجيل حواره، في حال لم تستطع ذلك، اعتمد على الكتابة وعلى ذاكرتك.
اختر واحدًا من الأحداث التالية واكتب مونولوجًا باستخدام صوت الشخصية الذي استمعت إليه خلال اليومين:
– تخيل سارق بنك يلتمس الحصول على براءة من المحقق باختراع حجة غياب.
– تخيل زوجة يعتدي عليها زوجها وتشرح للعامل الاجتماعي سبب رفضها ترك زوجها.
– تخيل كاتبًا في متجر صغير يحاول أن يشرح لزميله افتتانه بزبونة تأتي كل إثنين وجمعة لتشتري ربع لتر من الحليب، وزجاجتي بيرة وعلبة سجائر.
اقض ساعة في كتابة وتنقيح المونولوج، كيف تقارن كتابتك الإبداعية بالصوت الأصلي؟ هل يتناسب الصوت مع الحدث والشخصية التي اخترعتها؟ هل يوجد توتر في المونولوج؟ أو ضبط عاطفي؟ هل هناك أية أفعال وردود أفعال أو لحظات صمت في المونولوج؟ لا، لماذا؟ هل الحوار معقول؟ ومتناسق؟ هل هناك أية نقاط ضعف في الحوار؟ وماذا عن نقاط القوة؟
التمرين 2: احتمالات الحوار
بناء على التمرين السابق، وسّع مونولوجك الخاصّ إلى حوار. على سبيل المثال، إذا قمت بكتابة مونولوج فيه يكذب سارق البنك على المحقق، تحتاج الآن إلى توسيعه لكتابة حوار بين شخصين. ولهذا تحتاج إلى:
  1. تخيُلِ الشخصية الثانية. من هي (أو هو)؟ كم مضى على عملها كمحققة؟ هل تحب عملها؟ ما هي احتياجاتها ودوافعها؟ كيف هو صوتها؟
  2. إضافة المزيد من التوتر والمعنى المبطّن. هل تشك المحققة بأن السارق يكذب عليها؟ هل لديها أدلة ظرفية فقط؟ هل تحاول خداعه ليعترف بفعلته؟ هل هي متعاطفة معه؟ هل تجده جذابًا؟ هل تعاني من مشاكل مالية؟ هل فكرت يومًا بأن تسرق؟ هل يشعر السارق بميل إلى المحققة؟ هل يحمل السارق سلاحًا مخفيًا؟ هل السارق متوتر لأنّه باعترافه سيحكم بالسجن مدى الحياة؟ هل اكتشف السارق مؤخرًا بأن زوجته حامل؟
  3. إعداد المكان. أين هي شخصياتك؟ في مخفر شرطة البلدة؟ في منزل السارق؟
عندما تتخيل الشخصية الجديدة وتعدّ المكان وتزيد التوتر السطحي والمبطّن ستصبح جاهزًا لتتخيل مشهد حوار جيدًا، تذكر أن الشخصيات لا تتحدث في الفراغ ولكن في سياق من هم وأين هم والهدف الذي يصبون إلى تحقيقه، لا تفرض أي رقابة على كلماتك. اكتب بسرعة لثلاثين دقيقة على الأقل لتخلق حوارًا ممتعًا ومعقولًا. (لا تقلق بشأن اتخاذ أي قرارات بخصوص الشخصيات، فسارق البنك لا يجب أن يعترف في النهاية).
ثم اقرأ الحوار بصوتٍ عال، هل تجد أن طريقة الحوار واختيار كلمات الشخصيات واضحة؟ هل يبدو الحوار متكلفًا أم طبيعيًا؟ ما هي أنواع الجمل التي استخدمتها؟ أهي فعالة؟ هل استخدمت جملًا غير كاملة أو ردودًا من كلمة واحدة؟ إن لم تفعل، فلم؟ هل تستطيع تنويع الجمل التي تستخدمها؟ هل تبدو سطورك متكلفة وغريبة؟ هل أضفت ما يكفي من التوتر والمعاني المبطّنة؟ هل تحتاج إلى إضافة المزيد من الأفعال وردود الفعل؟
اقض ثلاثين دقيقة أخرى في مراجعة وتنقيح الحوار الذي أعددته، أعد قراءة الحوار بصوتٍ عالٍ مرة أخرى، هل أصبحت النسخة الثانية أفضل وأكثر سلاسة بعدما أدخلت الصوت الجديد؟
التمرين الثالث: كيف تكتب نصًّا يحتمل معانٍ مبطّنة؟
تتواجد المعاني المبطّنة في معظم المحادثات، المجتمع المهذب عادة ما يشجع على التعبير المباشر عن المشاعر مثل الحنق والغضب والحب والرغبة. ولكننا نتعلم إخفاء مشاعرنا ودفنها كمعانٍ مبطّنة في كلامنا، فمثلًأ قد يقول مراهق متفجّر بالعاطفة “إنها بخير” في حين أن قلبه يعترم لوعةً وحبًا. فغالبًا ما يتجنب الناس الإفصاح عمّا يعنونه أو لا يصرّحون بكل ما يعنونه، الأمر الذي يخلق النصوص المبطّنة وكلامًا بين السطور والتوتر في المحادثة وهذا بدوره يجعل المحادثة ممتعة.
فلتحاول مثلًا أن تركّز على الطريقة التي تجادل بها أنت ومن حولك، كم عدد المرات التي تجادلت فيها أنت وأحباؤك على غطاء معجون الأسنان عندما كنتم في الحقيقة تتجادلون بشأن كيفية إنفاقكم للمال؟ كم عدد المرات التي انتقدت فيها ملابس أطفالك أو تصفيفة شعرهم عندما كنت في الحقيقة تجادلهم حول أصدقائهم الجدد وإن كانوا مناسبين لهم؟
من المهم أن تتذكر أن المعاني المبطّنة -كشكل من أشكال الضبط العاطفي- لا يمكن أن تستمر طوال السرد، ففي نهاية المطاف يجب أن يظهر ما تخفيه المحادثة إلى العلن، وهو التحدي الذي يتوقّعه منك القراء.
على مدى العشرين دقيقة التالية وباستخدام واحدة من الأفكار أدناه، اكتب حوارًا فيه معنى وتوتر مبطّنان.على القارئ أن يدرك أن هناك شيئًا مخفيًا لم يصرّح به مباشرة ولذا عليك أن تترك للقارئ خيوطًا ليتتبعها مثل الجمل غير الكاملة، ولحظات من الصمت غير المتوقع واستجابات عاطفية لا تتناسب مع المحادثة، أو عواطف أكثر مما يسمح بها الحدث.
  • يتجادل شخصان عن التوزيع غير العادل للأعمال المنزلية.
    المعنى المبطن: “يظن أحد الزوجين أن شريكه غير مخلص.”
  • يتجادل شخصان حول ما إذا كان شيكاغو بولز سيفوز في اللعبة.
    المعنى المبطن: “لقد بدأ أحد الأصدقاء تعاطي المخدرات”.
  • يتجادل شخصان حول ما إذا كان الماس هو استغلالًا للعمالة السوداء أو تعبيرًا عن الحب.
    المعنى المبطن: “كلا الشريكين يعيدان النظر في الخطبة”.
اقرأ الحوار الذي كتبته، هل أنشأت شعورًا بالتوتر ليتم الكشف عنه في وقت لاحق؟
اكتب لمدة عشرين دقيقة أخرى، أضف أحداثًا أخرى  واسمح للمعنى المبطن والتوتر بأن يظهر، على سبيل المثال، تتهم الزوجة أخيرًا زوجها بخيانتها أو يواجه الشاب صديقه الذي يتعاطى المخدرات.
في حوارك، قد يكون أو لا يكون هناك حل للصراع. ومن المحتمل أن تهدأ التوترات، ليتحوّل النص إلى نصٍ مبطّن ثانيةً. فقد يشكك أحد الزوجين في خيانة شريكه وتختتم المحادثة بـ”حان دورك لتنظيف الحمام.”
لكن أفضل ما في المعنى المبطّن هو أن التوترات الخفية ترتفع دائما إلى السطح، وكما هو الحال في تطور الحدث، فإن هذا هذا الارتفاع والانخفاض في التوتر من شأنه أن يجعل القراء يواصلون القراءة.
الآن، اقرأ المشهد بأكمله بصوتٍ عال. ما الذي يمكنك القيام به لجعله أفضل؟ هل اللغة معقولة وجذابة؟ هل هناك ما يكفي من الخيوط حول النص المبطّن؟  هل لحظة  كشف الستار عن النص المبطّن درامية كفاية؟


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads