الرئيسية » , , , , , , , , » جو فاسلر: بعد حديثي مع 150 كاتبًا، هذه هي أفضل نصائحهم | ترجمة: سمية صالح

جو فاسلر: بعد حديثي مع 150 كاتبًا، هذه هي أفضل نصائحهم | ترجمة: سمية صالح

Written By Gpp on الجمعة، 26 يناير 2018 | يناير 26, 2018


جو فاسلر: بعد حديثي مع 150 كاتبًا، هذه هي أفضل نصائحهم

ترجمة: سمية صالح
يذكر جو فاسلر سبع إرشادات الأكثر تكرارًا في مجال الكتابة

سمعت إحدى المرات محاضرة كان يلقيها جون إيرفينغ  في ورشة كُتّاب أيوا، تناول فيها بالتفصيل الطريقة التي يتبعها في كتابة رواياته. بدأ محاضرته بكتابة جملة واحدة على السبورة، وهي السطر الأخير من روايته Last Night in Twisted River. في كل كتبه، يبدأ إيرفينغ بالنهاية، وأوضح أنه يعمل على النهاية ويعيد العمل عليها حتى تصبح جاهزة، ومن ثم يضع ملخصًا تفصيليًا يتم بناءه  ليؤدي إلى تحقيق هذه النهاية. يشبه ما يقوم به إيرفينغ ملخصات الكتب في موقع  SparkNotes لكن من دون وجود كتاب كامل بعد. وبمجرد أن يملك الملخص والجملة الأخيرة بين يديه، يبدأ إيرفينغ الكتابة حينها.
أُذكر كم كنت مفتونًا بما يقوله حينها. من الواضح أن هذه الطريقة  كانت ناجحة، وهي معقولة من الناحية النظرية، مع ذلك كانت هذه الطريقة لا تشبه أي استراتيجية مبتكرة جربتها من قبل ونجحت معي. الشيء المهم الذي يجب أخذه بعين الاعتبار عند  تناقل وتبادل هذا النوع من النصائح المألوفة في مجال الكتابة هو أنه ليس لمجرد أن جون إيرفينغ فعلها بهذه الطريقة يعني أنه يجدر بك فعلها بنفس الطريقة. لا يختلف كل كاتب عن الآخر فقط، بل تختلف كل قصيدة وقصة ومقالة ورواية عن الأخرى، ولكل واحدة منها متطلباتها الشكلية. قد تُشعرك النصائح بالقليل من الراحة والتشجيع، لكن الحقيقة المرة هي أن الحكمة الأدبية ليست نظامًا أو منهجًا نتبعه لاكتسابها، في الأدب لا تُطبق نفس الطريقة مرتين.  
رغم ذلك، في الخمس سنوات التي قضيتها في إجراء مقابلات مع مؤلفين لكتابة سلسلة “By Heart” في موقع The Atlantic ،  كان من المستحيل تجاهل ظهور أفكار معينة مرارا وتكرارًا. اثناء تنقلي ما بين عمود الموقع وكتاب “”Light the Dark: Writers on Creativity, Inspiration, and the Artistic Process
 أشركت مجموعة متنوعة ضمت أكثر من 150 كاتبًا، وهي عينة كبيرة الحجم  ظهرت فيها بعض السمات البارزة. لهذا استخلصت لكم من عشرات المحادثات  التي أجريتها أكثر النصائح تكرارًا، والتي أعتقد أن معظمها ستساعدك، مهما كانت طريقتك في الكتابة غير تقليدية  ولها رؤية فريدة.
1. تجاهل كل شيء آخر
تبدأ الكتابة مع إدراك حقيقة بسيطة، وهي أنه إذا كنت لا تخصص وقتًا للكتابة، لا يمكن لأي نصيحة أخرى أن تساعدك. لهذا السبب يبدو العديد من الكُتّاب الذين تحدثت معهم مشغولين بإدارة الوقت. أخبرني ديفيد ميتشل مؤلف كتاب Cloud Atlas، “على الأرجح لديك الوقت لتكون أبًا جيدًا، وأن تكون شيء آخر فقط”، وقد يعني هذا أن تستجمع شجاعتك  لتقليل أهمية المسؤوليات الأخرى ، أو كما اختصرها في هذه العبارة: ” تجاهل كل شيء آخر”
يحتاج العديد من المؤلفين إلى غض أبصارهم عن الأشياء الأخرى أثناء الكتابة، والبحث عن طرق لتبسيط هذه التجربة، وتقليل حدوث أي ملهيات محتملة. قد يعني هذا الحفاظ على تكريس ساعتين يوميا للكتابة، وهذا ما يفعله فيكتور لافال، فهو في وقت الصباح،  يبتعد عن متطلبات الأبوة والتدريس. بينما قد يعني هذا للبعض الآخر،  إيجاد طرق لمقاومة تأثير الأجهزة الرقمية. يتبع ميتشل هذا الأسلوب عن طريق جعل صفحته الرئيسية من أكثر الأشياء المملة بالنسبة له وهو موقع آبل.
في نهاية المطاف، الممارسة الأدبية عبارة عن إيجاد طرق لحماية شيء ثمين، يتمثل هذا الشيء الثمين في الحالة المزاجية الهادئة التي تزدهر فيها خيالات الكاتب. وقد صاغها جوناثان فرانزين كالتالي: “أنا بحاجة للتأكد من أني لازلت أتمتع بذاتي، لأن هذه الذات هو المكان الذي تنبع منه كتاباتي”
2. البدايات مهمة
يعرف الجميع أن الجملة الافتتاحية مثل الدعوة الحاسمة، قد تشد أو تقتل اهتمام القارئ في الكتاب. لكن لا يولي الكُتّاب الكثير من الاهتمام للدور الذي يلعبه السطر الأول، ويتمثل هذا الدور في وظيفة المرشد، حيث يقوم بقيادتهم خلال مراحل العمل الغامضة والمجهولة.
” يجب أن يقنعني السطر الأول أنه بطريقة ما يجسد كامل ما يدور عنه النص الغير مكتوب”  هذا ما أخبرني به ويليام جيبسون، وهو اعتقاد جذري وراسخ  يبدو لنا مألوفًا. وصف لي ستيفن كينغ كيف أنه يقضي أسابيعًا وأشهر بل حتى سنين يعمل على جمله الأولى، فيعتبر كل واحدة من هذه الجمل الافتتاحية  تعويذة لها القدرة على فتح الكتب المنتهية. وذكر لي مايكل تشابون كيف أنه تعثر مرة في كتابة الجملة الأولى لروايته Wonder Boys، بعد إيجادها أكمل كتابة بقية الرواية كما لو أن أحد املاها عليه. حيث قال “نغرس بذرة الرواية الأولى  من سيخبر القصة وعن ماذا ستكون في جملتها الأولى”   
3. أطلق العنان لنفسك
لا يهم إن كنت من نوع الكُتّاب الذي يخطط بدقة، بالعكس تصرف بحرية وانحرف قليلًا أثناء كتابة مسودتك الأولى، ارمِ بعيدًا كل الخطط والافتراضات التي وضعتها، وافتح المجال لمفاجأة نفسك.
يرى أندري دوبوس أن الأمر يشبه قيادة سيارة في طريق مظلم وغير مألوف، وأن تصف ببساطة الأشياء التي تصبح مرئية تحت شعاع الأضواء الأمامية، وتسأل  “ما الذي على جانب الطريق؟ ما حال الطقس؟ ماهي الأصوات المسموعة ؟ إذا كان بإمكاني التقاط هذه التجربة طوال الطريق، فإن بنية القصة تبدأ بالظهور. إن قوتي المرشدة والمبدأ الذي أتبناه لتشكيل القصة هو مجرد تتبع الأضواء، بهذه الطريقة يُكشف هيكل القصة لي”.
أخبرني العشرات من الكُتّاب نُسخًا مشابهة لنفس القصة. حيث قالت إيمي بيندر ” الكتابة التي أميل إلى التفكير فيها على أنها كتابة جيدة، هي أن تكون جيدة لأنها غامضة، ويحدث هذا معي عندما أخرج عن الطريق، وأطلق العنان لنفسي، عندها أفاجئ نفسي”
4. القراءة بصوت عالِ
قد يبدو كل ما ذكرناه نصائح قولها أسهل من فعلها. فمثلًا في غياب خطة ملموسة أثناء الكتابة، كيف تعرف  ما إذا كنت تتجه في الاتجاه الصحيح أم لا؟ بالنسبة للعديد من الكتاب تكمُن الإجابة في صوت الكلمات.
قال الراحل جيم هاريسون“قد نبالغ في تقدير حبكة الرواية، ولكن ما أسعى إليه أكثر هو تحقيق التناغم في الصوت” . وصف جورج سوندرز عملية مشابهة لهذه، قائلًا: ” عندما تتجاوب وتنسجم بالفعل مع إيقاع ذلك الصوت، تصبح الكتابة سهلة “، ووضّح أن الصوت يُريه مواطن القوة بالكشف عن جوانب القصة المهمة، والسطور التي يجب اتباعها. كما أن هذه الطريقة  تساعد أيضًا في عملية المراجعة، أخبرني جيسي بال أنه في حال لم يعد قادرًا على رؤية العمل بنظرة جديدة، فإنه يلجأ إلى استخدام سمعه. حيث قال: ” إن الصوت يعطينا إشارات حول ما هو ضروري وحقيقي”، ” عندما تقرأ عملك بصوت عال، قد تجد  نفسك تتخطى بعض الأجزاء التي لا تريد التلفظ بها، إن هذه الأجزاء هي الأجزاء الضعيفة، ومن الصعب العثور عليها أثناء القراءة العادية.”
5. الكتابة ليست بالمهمة السهلة
أحد الأشياء التي ادهشتني بقوة هو كيف أن هذه العملية لا يمكن أن تكون بتلك السهولة حتى للكُتّاب الأفضل مبيعًا، والذين نالوا استحسان النُقاد. وتعتبر القطعة الأدبية لخالد حسيني في كتاب Light the Dark  خير دليل على قول هذا: لا يخفف النجاح المادي الألم الذي يشعر به المؤلف عندما يعجز عن إيجاد الكلمات.
لكن يبدو أن الكُتّاب خبراء في تغيير حالة اليأس التي يمرون بها، وهي تلك الحالة التي تسيطر فيها مشاعر القلق والضيق في منتصف  هذه المهمة الشاقة.  تناولت هذا الموضوع بمزيد من التفصيل في مقالة لموقع The Atlantic، لذا استشهادنا هنا بمثال واحد على وجه الخصوص سيكون كافيًا: وهو مفهوم ” البهجة المستعصية”  للمؤلفة إليزابيث غيلبرت.  استعارت اليزابيث هذا المصطلح من الشاعر جاك غيلبرت، وهو مثل الوعد للتعاطي مع الأمور برحابة صدر، ومواصلة العمل بنشاط ومرح مهما غدت الأمور أكثر صعوبة. حيث قالت اليزابيث: ” أصبح طريقي ككاتبة أكثر سلاسة، عندما تعلمت أن أنظر إلى الصراعات التي تقابلني بنظرة معرفة وفضول، وليس بنظرة مأساوية، في الأوقات التي لا تسير فيها الأمور على ما يرام.”
 6. احتفظ لنفسك بطَوطَم
كان تشارلز ديكنز، المعروف بكتاباته الشهيرة، يكتب وعلى مكتبه مجموعة من التماثيل الخزفية، هذه التماثيل هي شخصيات لطالما رافقته بينما كان يجتهد للالتزام بالموعد النهائي لتسليم عمله. إن هذا ليس أمرًا غريبًا كما يبدو، فالعديد من الكُتّاب الذين تحدثت إليهم يحتفظون بطوطم بقربهم أثناء الكتابة كمصدر للإلهام أو كحاجزٍ ضد الإحباط. والطوطم هو شيء ذو أهمية خاصة، سواء كان شعارًا مطبوعًا أو حليًا صغيرة.
ألصقت جين سمايلي عبارة “لم يطلب منك أحد كتابة هذه الرواية ” فوق مكتبها، ووصفت هذه العبارة بأنها تذكير قوي بأننا اخترنا الصعوبات الإبداعية طوعًا. بينما يحتفظ محسن حميد بورقة ألصقها على طابعته، مكتوب عليها قطعة للكاتب الياباني موراكامي، وهي سطور تربط بين الإبداع والتمارين الرياضية، تشجعه على مواصلة السير لمسافة ستة أميال كجزء من نظامه اليومي للكتابة. ويمتلك راسل بانكس في مكتبه جزءًا من بلاطة ضريح قديم، نُقش عليها ” تذكر الموت“. فليس هناك شيئٌ أكثر إلهامًا من أن تدرك أن الوقت قصير، وأن الموعد النهائي لهذه الحياة يقترب أكثر فأكثر.
7. ابحث عن المتعة
في نهاية المطاف، يبدو أن جميع الكُتّاب الذين تحدثت إليهم ملتزمين بإيجاد المتعة خلال عملهم، حتى لو كان هذا يعني البحث عنها في أكثر الأماكن غرابة. ” إحدى الأشياء التي ساعدتني هو أنه في الأساس، لا أؤمن باليأس كجانب حقيقي من جوانب الحالة الإنسانية”  هذا ما تقوله إيانا ماثيس، وأكملت ” نعم، هناك الكثير من الارتباك، والألم، والمعاناة، لكن يأس؟ أنا لا أؤمن به، ولا أكتب بمشاعر نابعة عن يأس، لكن بالتأكيد، أكتب عن الصعاب التي تواجهني، وعن الناس الذين يعانون من ألم شديد، وعن الناس البائسين وحتى التعيسين. لكن بالنسبة لي، يعني اليأس الغياب المطلق للأمل، وهذا غير موجود، لأن هناك دائمًا أمل في التحسن.”
لا يعني هذا مجرد فتح أبواب الأمل ووضع كلمات هزلية على ورقة الكتاب فقط، بل يعني احتفاظ الكاتب بقدرته على إيجاد المتعة خلال عملية الكتابة، وعدم السماح لصعوبة العمل بسلب متعة الكتابة كليًا.
يقول نيل غيمان في كتاب  Light the Dark، “إن متعة كوني كاتبًا تكمن في متعة الشعور بأنني قادر على فعل أي شيء” ،“ليس هناك قواعد، سوى: هل يمكنك الكتابة بثقة؟ هل يمكنك فعلها بأسلوب جميل؟ هل يمكنك فعلها باستمتاع؟”
ابحث عن المتعة، وعندما تجدها، لا وجود للقواعد.


جو فاسلر: محرر كتاب Light the Dark: Writers on Creativity, Inspiration, and the Artistic Process. يجري مقابلات بانتظام مع الكتاب من أجل سلسلة “By Heart” التابعة لموقع The Atlantic. تغطي أنشطته أيضًا سياسات واقتصادات النظام الغذائي الأمريكي بصفته أحد كبار المحررين في مجال الاقتصاد الغذائي الجديد.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads