الرئيسية » » ما كان ينبغي لهم أن ينالوا السماء | رضا أحمد

ما كان ينبغي لهم أن ينالوا السماء | رضا أحمد

Written By Gpp on الأربعاء، 13 ديسمبر 2017 | ديسمبر 13, 2017


ما كان ينبغي لهم أن ينالوا السماء
...



أسير بمحاذاة النيل
لا أملك سلطة الوصايا على ظلي،
قدمي لن تطرق ساحة المسجد الأبيض الكبير بحجارته اللامعة،
ستنكمش المدينة وتسير معي
ويبقي الرب وحيدا
يطارد الفارين من الموت
كملجأ أخير لحمايته.

أحرض أصابعي على القفز من يدي
وفرك المصابيح الجافة في السماء،
قلبي منقوع منذ الظهيرة 
في إبريق على السطوح
تأكل منه الطيور؛
ألهذا أخبرتني عاهرة أنني أشبه البط في هيئته وطباعه!
في المستقبل 
حين يذبحون الجميع،
لن أصرخ وأقول أنهيت مهامي 
في جمع الحب
وأنا أدس رأسي بين أحذيتكم،
سأضحك
كأنثى عاقلة بين حفنة رجال
لا يجيدون تمرير النار في حطب رغباتهم.

ما الذي يجعل المدن قديمة
سوى رائحة موتها
وألواح السكاكر الملوثة بالغبار التي تعرقل مسيرة النمل
قرب القصر الرئاسي،
يقولون فلان مات هنا
وأفراد أسرته لا يجيدون الكتابة،
استعانوا بحداد،
نجار،
خطاط 
وغرباء كثيرين؛
يكتبون اسمه بلا بداية 
هكذا: "هنا رجل مات وأهله جميعهم حضروا الجنازة"،
ما لم يكن طيبا 
لتعثر اسمه في صحيفة معتمة لا يقرأها أحد؛
لكنه كان مخلصا للفشل
رحل وسيرته 
تتناقل مثل كأس ماء مثلج في يوم حار.

تجاوزت منذ أعوام
برتوكولات الرقص على الجمر 
والسير فوق الماء،
مضغ الهواء 
والنفخ في محافظة جيبي الخاوية،
تجاوزت أيضا منذ قليل 
العدو الغريب،
جسدي المنحوت بالشحم على الأرصفة
وصغاري البكائين في ملصقات الإعلان عن العالم الثالث؛
أصبحت مثل ركام النجوم 
أتشبث في الرمق الأخير من الضوء،
أتملص من النظرات العميقة،
محايدة،
يتقرب إليّ الجميع في الليالي الحالكة.

لا أنصحك هنا بالموت؛
لكني على أقل تقدير 
سأدعك تقابل صورتك في المرآة،
وجهك في عيون المارة،
شحوبك المتدرج في ذاكرة أحبابك
وتمضي بعدها مطمئنا للآخرين.

كنت هنا من قبل
أحمل نكهة هذه الأرض وحزنها الغامض،
أعرف طريقتنا في محو السؤال بإجابة غبية،
مثل حراس المدافن،
حين يسألني أحدهم ماذا فعلت في حياتي
أخبره أنني كنت أراوغ الحياة 
بين الطاحونة المغمورة في أنفاق المترو 
والوهج المتدفق بين درفتي الكتاب المقدس
وأستثمر خوفي في مزارع الموتى.

لم أنم مطلقا؛
اغلقت إحدى عيني عليّ الطريق منذ زمن
والأخرى علقتها بخيط
مشيت خلفها 
ككلب أليف يتشمم المستقبل 
ويجرني خلفه،
وأحيانا لعبة يويو متمردة،
تغطس في الوحل
وتشهق بصور طيفية لموتى 
لم يحالف صلصالهم الحظ بين يدي الرب.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads