الرئيسية » » خيوطُ الوقت | عبد الغفار العوضي

خيوطُ الوقت | عبد الغفار العوضي

Written By Unknown on الثلاثاء، 1 أغسطس 2017 | أغسطس 01, 2017

خيوطُ الوقت




كلمنى جدى ذات حلم وكان يتوضأ من الدمع الذى ينزل من نبع لانهائى فى عينيه :
تذهب الشجرة فى رحلة طويلة للبحث عن جذورها 
تذهب الريشة لاختبار قوة إرادتها فى مقاومة الريح 
تذهب الروح لترى من يناديها فى الضفة الأخرى من الجسد
/
قال جدى وهو يفسر لماذا كان يلبى نداء خفيا؛
الغموض هو ما يدفع الغريزة إلى التنازل عن مقاومتها اللاإرادية للدخول فى صراع خاسر 
ما يدفع الخلايا للتلاشى بحثا عن اكتمالها الكلى 
 
داخل لاوعى أعمق .. 
...
جدى كان يعمل خياطا 
يحاول أن يرتق المسافة بين الجسد الذى ينتهك لذة العرى وتهتك الخيوط 
كان يصنع للوقت جلبابا من الصبر وحكمة البصيرة 
وكان الوقت يكبر داخل الخيوط 
 
كسرطان من العفن
الموت 
لذة أن نلتقى بأنفسنا صدفة بعد اغتراب طويل 
 
أن نرى كيف نتخفف من أثقالنا من الحزن والقلق العاطفى وخوف الجسد من تناقضات الطبيعة
/قال لى وهو يغسل جسده الخفيف جدا من هشاشة العظام؛
الحياة أن نرمى تدريجيا فائض أجسادنا 
 
ونصل إلى الداخل عراة من الندم ..
أسمع بخشوع دبيب الذاكرة وهى تقترب من أصابعى 
من أصابعى وهى تمسك بيد جدى 
جدى الذى يمشى فى مدينة هادئة من الموتى 
الذين يراقبون تحولات المصائر 
...
ينظرون إلى عيون الأطفال فى طيبة 
والحياة ترسم احتمالاتها كمتاهة بين جدران الجفون 
...
يأتون فى أحلام 
ونرى آثار أناملهم على أطراف الملاءات 
 
وهم يرتبون الأسرة من فوضى الفرح الليلى
يختفون فجأة بين منعطفات الشوارع 
ونحن نقتفى آثارهم التى تركوها 
 
هنا ..الآن ..
أعود إلى ترميم القميص الذى كان يحيكه جدى 
وأنا أحاول إرجاع الخيوط إلى أماكنها فى نسيج ممزق 
بإبرة 
 
لا تكف عن وخزى .


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads