الرئيسية » » ما بعد العالم : جغرافيا المحو | عبد الغفار العوضي

ما بعد العالم : جغرافيا المحو | عبد الغفار العوضي

Written By هشام الصباحي on الاثنين، 19 يونيو 2017 | يونيو 19, 2017



ما بعد العالم :
 جغرافيا المحو.



النهر يحمل ما تبقى من الدم والبيوت ..
يقف عند شريان ممزق،
 ننزف كثيرا هنا ..النزيف غواية تستدعى حواف الوردة لتنغلق على كون يموت ببطء ..

الجرح يأكل مدنا وقرى وبشرا من عجين فاسد وحروبا لم تكتمل وجغرافيا تتآكل من الداخل وفقراء يشبهون رمل صحراوات غابرة وأطفالا يطلون من نوافذ بيوت معلقة على الفراغ تكاد أن تتهاوى ...
الرائحة دم فاسد 
لا هوية له 
سوى ألم سحيق داخل العظام !
.....
الماء لا يغسل القلوب من الحزن 
فتطفو السماء التى تدلت على سطح الماء،مثل سفينة مقلوبة ..
تقف الأشجار مثل أقلام مقصوفة 
الناس ينتظرون الماء كعروق خشب جافة 
(1)
 الناس يرفعون الخبز على أسنة الرماح ..هذه عظامنا الناتئة من الخوف والجوع ..أين الجنة التى خلقناها من الدمع وبكاء الأمهات ودم يجرى فى عروق الشوارع ..تخرج الضلوع المسحوقة من بين أسنان السجون ..الجنرالات يتجمعون كسن فرجار فى مركز المدينة ..الدبابات جراد هائل ..اللحم المنفجر يدهن الجدران بزيت الرئة وشحم الأنسجة..الدود يخرج من العيون المفقوءة ..الرصاص يصطاد ذبابا ..الذباب يصطاد رصاصا ..
نقف هنا على الأرض مثل أشجار صفصاف عتيقة 
.....
نحرس الموتى من الذوبان فى عرقنا الساخن 
 كيلا نشم رائحة البكاء ..شواء الأرصفة ..عويل العصافير ..أجنة تتقن لغة الرعب ..ملاءات بيضاء تلف جثثنا العارية فى الحلم ..
.....
لماذا تركنا كل هذا الدم يهرب من أصابعنا التى تعجز عن الإمساك بكعوب البنادق 
 الروح تخرج من غبار النهار مثل شمس منطفئة ..

(2)
 هل تسمع الأرض المدفونة تحت الأرض طقطقة العظام ؟!

سلم من الموتى يصل بين الدعاء والله 
 الملائكة حليب أسود!

(3)
 خرجت من البيت،الشوارع رقعة شطرنج تتعرض لقصف الاحتمالات ..لا خوف من الغرباء الذين يحدقون فى وجهى بعيون زجاجية ..حين أصل إلى منتهى المدينة ستكون الخلايا قد استنفدت طاقتها من الجدوى 
سأعود مثل عمال يخبزون العيش فى دورة لا تنتهى من الجوع 
الرغيف الذى يأكلنا 
 ويستعمل العرق الكثيف ملحا لتغذية القمح المحروق فى الخلايا..

(4)
نحمل ذاكرة هشة وثقيلة من عظام نسينا أسماءها ؛
الإحصاءات لا تنفع فى تجميع أسباب الهزيمة 
لأن الجثث تكره الأرقام
 الألم يستقر فى الحنجرة كنصل معقوف

(5)
 تعبنا من تذكر وجوهنا القديمة ..خرائط المدن التى تغيرت ملامحها ..طعم الطين فى الأرواح التى يكتمل خلقها ..تعبنا من النسيان ..من حمل تجاعيد الأجداد ..من أكل فاكهة الأطفال دون لذة ..ومن المرور على تبريرات الاستسلام ..نحن الذين نصلى دون آلهة ..ونكبر دون وعى بأننا نترك لحمنا المر 
 فريسة للوقت ..

هل نطعم ذلك الجوع الذى ينهشنا كسرطان 
المعرفة تنكسر كجرة خالية من عسل التجربة
البصيرة لا تمنع الشرايين المقطوعة من النزيف 
الألم لا ضد له 
 الوصول للنهاية هو تلاش داخل مرآة عمياء..

المرآة ثورة لا ترى سوى نفسها الأخرى 
 فى انعكاس لانهائى .






التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads