الرئيسية » , » إليانا ستويانوفا: تطيرُ كنورس إلى أسفل.. | ترجمة وتقديم: خيري حمدان

إليانا ستويانوفا: تطيرُ كنورس إلى أسفل.. | ترجمة وتقديم: خيري حمدان

Written By هشام الصباحي on الأربعاء، 12 أبريل 2017 | أبريل 12, 2017

ترجمة وتقديم: خيري حمدان*

ولدت الأديبة إليانا ستويانوفا عام 1951 وهي من عائلة عريقة قطنت مدينة بلوفديف الأثرية منذ زمنٍ طويل. أنهت دراسة الاقتصاد، وعملت في مجال الصحافة الاقتصادية في العديد من الصحف والمنابر الإعلامية، تقيم وتعمل في صوفيا. تُعنى بالأدب والموسيقى والفنون، وتكتب الشعر منذ نشأتها. أصدرت خمسة دواوين شعرية: "الحياة رحمة" 1990، "أطلال وسماوات" 1992، "أغنية للحبّ" 2009 "صيف الزهور النجميّة" 2017. اهتمت بالنصوص النثرية التوثيقيّة وأصدرت كتاب "تاريخ نظام التأمين في بلغاريا" 2000. تشارك بصورة دورية في المهرجانات الشعرية، تُرجمت أعمالها للعديد من لغات البلقان.  

قريبٌ بعيد
БЛИЗО И ДАЛЕЧ

كم أنتَ قريبٌ، 
حين تتحدّث في أذني
عبر الهاتف على بعد كيلومترات
وصوتك الحاني يداعبُني 

كم أنتَ قريبٌ حين 
تقبّلني عيناكَ  
بصمتٍ من بعيد
لتتلامسَ الأرضُ والسماء

كم نحن قريبانِ
حين نتواجدُ في غرفةٍ مزدحمة
وأنت وحدك تملأ كياني 
بلسانِ جسدِك

كم أنتَ قريبٌ
حين أقرأ كتابًا في المساءِ
أو أستمعُ ببساطةٍ لموسيقى برامز

وكم أنتَ بعيدٌ
حين تكون الرجلُ في سريري
بعضلاتِك وفخذيك وركبتيك
ولسانِكَ الفضوليَ تكتشفُني
لكنّي، أعجزُ عن الوصولِ إليك
حين تنغلقُ وتعتزلُ في ذاتِك. 

وفي السرير كنّا ثلاثة
А В ЛЕГЛОТО БЯХМЕ ТРИМА

هو رجلٌ خمسينيّ
أتى وعلى محيّاه نَمَتْ
لحيةُ همنغواي 
بكلّ عشقِه النابضِ المتجدّد
يحملُ ذكرياتِ جدارَ الصينِ العظيم
يتوقّدُ بمشاعرِ الفتيان الجيّاشة
ويشكو من عقدٍ أزليّةٍ 
لرجلٍ محروم.

أتى 
وبقي طوالَ خمسِ سنين
طيّبَ السريرة
قوامُهُ جميلٌ
يركضُ، يهرولُ كلّ يوم
قويّ الشخصية 
مثقّفٌ للغاية
روحُهُ مرحةٌ بغرابة
إنّهُ مزيجٌ 
من النقدِ والسخرية.

لم يهدِني وردة
لم يقلْ لي يومًا "أحبّكِ"
بدا حصيفًا متزّنًا دونَ جنون
وروحُهُ دمثةٌ

يطيرُ كنورسٍ إلى الأسفل
تصطحبُنا صوتُ فقيدتِهِ
تخطّينا ثلاثتُنا عتبةَ المساءِ
ثمّ، وفي السريرِ كنّا ثلاثةٌ أيضًا
المتوفّاةُ طوّقتني بكفّها
شعرتُ بها تحدّقُني من إطارِ صورتِها
وسرعانَ ما خفق قلبي
ثمّ أصابَني مرضٌ تلوَ آخر
طوالَ علاقتنا.

صورُها معلّقةٌ فوقَ جدرانِ الغرف
وموسيقاها اليونانيةُ تصدَحُ في الأنحاء
والبهارُ ووصفاتُ طعامِها
وعطرُها وجواهرُها
وحضورُها
في جذورِ ذاكرةِ هذا الأرمل

سبحنا سويّة إلى البعيد
في مدن قديمةٍ ومثيرة
عِشْنا حتى في أفسِس
لكنّ الصخرةَ لم تينع
لم تطرُ القطةُ
ولم تجرؤ الشجرةُ على
مدّ جذورِها في الغرفةِ الصامتة.      
 
ما بين الموتَ والحبّ
МЕЖДУ СМЪРТТА И ЛЮБОВТА

أحترقُ كلّما نظرتُ إليك
تجلسُ فوقَ سحابةٍ
في مقعدِ الشعراءِ العتيق
تحتَ صورهم المؤطّرة
تحترقُ كلّما نظرتَ إليّ
كسماءٍ حمراءَ قبل هبوب
ريح
كما مليار من الرجالِ والنساء 
في هذا الكوكبِ 
تحترقُ حياةً
والشمسُ تحترقُ
والطيورُ تشقّ السماءَ 
بمقصّ
والابتساماتُ والعويلُ
وأنتَ وأنا
نحترقُ، سأحبّكَ بصمتٍ
حتّى الأزل
متشرّدةً عندَ المغيب
تجمعُ حجارةً ذهبيةً منَ النهرِ
ستحبّني بصمتٍ حتّى النهاية
كمتسوّلٍ يمسكُ بلاتينِ القمر.

من يذهب أولا – ينسى
ومن يبقى – يحترقُ كُرمى 
اثنين.

أحترقُ كلّما نظرتُ إليك
وهيكلي العظمي يضيقُ بي
وأضجّ أجنّ
بما هو
ليسَ موتًا
بل حياةً
دونَ حدود.  


* أديب ومترجم  عربي / بلغاري مقيم في صوفيا.   


المصدر قاب قوسين


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads