الرئيسية » » كلما استيقَظَ دَخلَ فروةَ الفهد | فتحي عبد السميع

كلما استيقَظَ دَخلَ فروةَ الفهد | فتحي عبد السميع

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016 | ديسمبر 06, 2016

كلما استيقَظَ دَخلَ فروةَ الفهد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلى شَرَكٍ حديدي كان خالي حمدان يَصيدُ به الذئاب


صائِدُ الغَزَال
ذلك لَقَبِي بيْنَ الجيران.
تُطلُعُ الشَّمسُ دائِمًا
وعِظَامِي مَنصوبةٌ في الصَّحْرَاء
أَقرأُ الرَّمْلَ 
والرَّيحَ التي تُلاعِبُ الرَّمْل
والأثلَ الذي يُلاعِبُ الرَّمْلَ والرِّيح.
أَقرأُ كلَّ شيءٍ  
وأَنَا مُختَبِئٌ في فروةِ الفَهْدِ
أَتَنَفَّسُ كَمَا يَنبَغِي لِكَمين.

أَتَسَلَّى بالنَّظَرِ إلى سِحلِيَّةٍ
تَحمِلُ مِفتَاحَ الجَنَّةِ
أو ألْعَبُ وحْدِي في عِظَامِي
أَرُصُّهَا في أشكالٍ وألوان
كي أكونَ جَذَّابا ورَشِيقًا
وأَنَا أَطْرُقُ ـ في الموْعِدِ المُحَدَّدِ ـ
بابَ المُصَادَفَةِ السعيدة.

أُريدُ غَزَالا
كي أَعيشَ مُطابِقا لِظِلِّي
وكُلَّمَا حَفرتُ حُفرَةً
سقطتْ في حِجْري حيواناتٍ أُخرَى
هكَذَا الحالُ دائمًا
صرخاتٌ بلا مَخَاض ؟
دِمَاءٌ بِلا مُبَرِّرٍ ؟
أَعيشُ كَمَا يَنبغِي لِفَهْدٍ
صبورًا ولا تَجرَحُنِي خَيْبَةُ الأمل.

ما أَصْطَادُهُ دونَ قصْدٍ
لا يَلزَمُنِي
أُخَلِّصُ الفَخَّ مِن حيواناتٍ وطيور
مسرورًا بِفِرَارِها 
وهِيَ تدوسُ على عَظْمِهَا المَشروخ.

لِي دَمٌ ولَحْم
لكنَّنِي انشغلتُ بِعِظَامِي
ما نَتَجَاهَلُهُ ونَنْشَغِلُ بِسَوَاه
لا يَبْقَى أبدًا  في مَكانِه.
أَبكي فَتَسيلُ عِظَامِي
أَصرخُ في وَجْهٍ
فَيمتَلِئُ بِشَظَايَا
تَعِبَ الجيرانُ  مَعِي كثيرًا
حتَّى اعْتَادوا على عَظْمٍ
يَسهَرُ مَعَهُم قليلا
ويَصحو في الفَجْرِ
كي يَبحثَ عن غزالٍ. 

بعضُ الحيواناتِ والطّيور
تَخرجُ مِن فَخِّي
وتَنظرُ لِي بِعِرْفَانٍ
تَحسَبُنِي نَبيًا 
وتَعثُرُ على طُمَأنِينَةٍ في ظِلِّي
لا تَغيبُ عِنِّي أبَدَا
إلَّا لِتَأتِي بهدية.

أَرْجِعُ ساهِمًا كلَّ مَسَاء
تَتْبَعُنِي تُفَّاحَةٌ خَضْرَاء
تُعانِي مِن قَضْمَةٍ خفيفة.
أوْ أرْنَبٌ مَجروح
يَتَّكِئُ على ثعبانٍ
سَالَ سُمُّهُ في الفراغ
وصارَ مَبسوطا  بِشُريانِه النظيف.

الأطفالُ يَرفعونَ فوانِيسَهم
على مَشارِفِ البيوت
يترقَّبونَ ظِلّا يَقرعُ الظَّلام
كثيرًا ما أَتَأخَّرُ
وأَنَا أُخلِّصُ نَفْسِي مِن فروةِ الفَهْد
أوْ أُبَدِّدُ الوقتَ  في إقناعِ سِنجَابٍ
يُصِرُّ على المَجِيءِ
 فوْقَ  ظَهْرِ حَجَر. 

يَحتفِلُ الجيرانُ بِمَوْكِبِي
وأَنَا شارِدٌ في صُدْفَةٍ 
كُلَّمَا طَرَقْتُ بابَهَا
فَتَحتْ صُدفةٌ أُخرَى
ومَنَحَتْنِي هديةً
تَكفِي لِقَضاءِ ليلةٍ جيدةٍ.
  
أَعيشُ حياةً  طيبةً
منذُ صِرتُ فَخا
وكَرَّستُ كلَّ وقتِي
لِصَيْدِ غزالٍ لا وجودَ لَهَا.
نموتُ لو انْقَبَضَ فخٌ على ساقِهَا.   

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads