الرئيسية » , , , , , » حسن أبو عتمان شاعر غنائي كبير طرده المتن .. فانتقم لنفسه في الهامش ! ـ | محمود الحلواني

حسن أبو عتمان شاعر غنائي كبير طرده المتن .. فانتقم لنفسه في الهامش ! ـ | محمود الحلواني

Written By هشام الصباحي on الخميس، 14 يوليو 2016 | يوليو 14, 2016

حسن أبو عتمان شاعر غنائي كبير طرده المتن .. فانتقم لنفسه في الهامش ! ـ
محمود الحلواني


ـ كان الناس يرددون أغنياته دون أن يعلموا أنه الشاعر  نفسه الذي غنى له رشدي " عرباوى " وياحسن يامغنواتى "
لفتت الأغاني الشعبية التى يغنيها (محمد رشدي) أنظار (عبد الحليم حافظ) ، خاصة وقد حقق بها رشدي نجاحا جماهيريا كبيرا وملحوظا، فقال حليم في نفسه: ألست أنا أولى من رشدي بهذا النجاح،  وأنا من أنا،  وقرر حليم أن يخوض سباقه في هذا المضمار،  على الأقل لكي يثبت لنفسه ولجمهوره أنه قادر على غناء هذا اللون الشعبي . اعتبرها منافسة شريفة فراح يجرد رشدي من أسباب نجاحه وقتها،  والتي تكمن في الثنائي (بليغ حمدي) و (عبد الرحمن الأبنودى) ملحنه وكاتب كلمات أغانيه ! حيث قام حليم باصطحابهما معه في رحلات خارج البلاد ليصنعوا له أغان من القماشة نفسها التى يغنى منها "رشدي" ، الأمر الذي وضع الأخير في مأزق كبير، خاصة  وهو على أعتاب حفل قريب من حفلات أضواء المدينة ، ولم يكن رشدي قد استعد بعد بالأغنيات التى سيغنيها، ولم يكتف حليم بأن أخذ منه بليغ والأبنودى في هذا التوقيت الغريب، بل قام أيضا بإرسال نجم  الغناء( الشعبي) السوري وقتذاك  (فهد بلان)  ليشارك في هذا الحفل ! أظلمت الدنيا في وجه رشدي  ولم يدر ماذا يفعل؟ إلى أن قيّــد الله له الكاتب "محمد جلال" يدله على الطريق . قال له : اذهب إلى هذا العنوان وسيفرج الله به كربك! أضاف : إنه لمجند يسكن الدور الأرضي في عمارة بالزمالك،  ونصحه (جلال) بألا يدق الباب،  وأن يدخل من البلكونة الخلفية للشقة . ولما استغرب (رشدي) بادره (جلال) بابتسامة مطمئنة،  وأخبره بأن هذا المجند لا يستطيع دفع إيجار الشقة، لهذا فهو ينكر وجوده دائما، ولا يفتح الباب لأحد،  حتى لا يفاجأ بصاحب العمارة يطالبه بالإيجار، أو بأحد من الديانة .
 انطلق رشدي إلى العنوان، علّة يجد لدى هذا المجند المسكين حلا لأزمته، وهناك التقي بذلك المجند، الذي أصبح ، فيما بعد،  وبفضل ألحانه لرشدي ، ملء السمع والبصر، إنه الملحن حلمي بكر! ومن الصدف السعيدة لم يكن حلمي بكر وحده بل كانت معه كلمات أغنيتين لشاعر جديد وجد فيهما رشدي كما وجد  في ألحان (حلمي بكر) ما كان يبحث عنه ، وما عوضه عن غياب شركاء نجاحه الأول . أما الأغنيتان فكانتا" عرباوى" و " يا حسن يامغنواتى " وأما الشاعر فكان فلاحا من المحلة، اسمه (حسن أبو عتمان ) لم يرسخ اسمه في وعى محمد رشدي نفسه إلا بعد أن اجتاز بكلمات أغنيتيه الرائعتين مأزق الحفل ، وبنجاح كبير ، حتى أن الجمهور طالبه ليلتها بإعادة  مقاطع من "حسن المغنواتى" حوالي 16 مرة ! والعهدة في ذلك على (طارق) نجل الفنان  (محمد رشدي) .
 لم تكن " عرباوى " و" ياحسن يامغنواتى" أول ماتغنى به مطربون من أشعار "حسن أبو عتمان" حيث سبق أن تغنى بكلماته مطربون آخرون مثل (كارم محمود) الذي غنى له أغنية  تقول : "بنت الحلال اللي عليها النية.. تسوى خزاين.. بس لو بإيديه.. قولوا لأبوها المهر غالى عليا" وكانت الأغنية من ألحان محمود الشريف . وكذلك غنى من كلماته عباس البليدى وعائشة حسن وغيرهما ، غير أن أغنيتيه لرشدي كانتا هما البداية الحقيقية له، حيث بدأت الجماهير تلتفت لكلماته وترددها مع رشدي وتطلبها منه . 
حسن أبو عتمان من مواليد محلة مرحوم بالمحلة الكبرى في 15 يوليو 1929.  توفى في 19 يونيو 1990، في مستشفى الهرم،  متأثرا بآلام شديدة في الصدر نتيجة إصابته بالتهابات حادة في الشعب الهوائية .
لم يكمل أبو عتمان دراسته ، أخرجته الأسرة من المدرسة وهو في الصف السادس الابتدائي، بعدما أصيب بمرض في عينيه، لم تنجح الأسرة في علاجه وقتها، فأخرجته ، ذلك على الرغم من إنه كان تلميذا نابها وموهوبا أيضا في " الخط العربي " وكان قارئا وكاتبا جيدا للزجل والشعر ، الأمر الذي ساعده بعد ذلك في أن يكون له شأن عندما تم تعيينه موظفا في  شركة «مصر للغزل والنسيج» ، حيث شارك بشكل فعال في الأنشطة الفنية بالشركة ، فكان يكتب اللافتات الإرشادية  بخطه ، كما كان يكتب الأزجال في المناسبات المختلفة، الأمر الذي عرضه للاعتقال عدة مرات  بسبب أزجاله التى كان يحرض فيها العمال على الاحتجاج و المطالبة بحقوقهم.
 بعد عشر سنوات قضىاها أبو عتمان بالشركة قرر تركها، كان يكره القيود الوظيفية، ويعشق الحرية، وقد قرر التفرغ لممارسة هواياته الفنية التى كان منها أيضا "الحلاقة " تلك الهواية التى كان يعشقها ويمارسها " على الضيق " وقد قدر أنها ستتيح له أيضا وقتا لممارسة هواية كتابة الشعر والزجل ، وبالفعل أسس أبو عتمان صالونا خاصا به وكتب لافتته بنفسه وكان صالونه هو الأشهر في مدينته، المحلة الكبرى ، وقد استمر يمارس هواية الحلاقة  التى حولها إلى مهنة ، إلى أن تفرغ للكتابة وحدها ،  بعد أن أصبحت قادرة على فتح بيته وتوفير ما يلزم لأولاده .
غادر أبو عتمان المحلة الكبرى إلى القاهرة عام 1964 ليجرب حظه في سوق الغناء، بعد أن كان قد نجح في تمرير عدد من الأغاني وهو لايزال يقيم بالمحلة مثل " ياصانع الكاسات" و «بنعبدك يا عظيم الجاه» وغناهما عباس البليدى، و"يوم المنى" غناء عائشة حسن وألحان عبد العظيم عبد الحق وكانت بمناسبة جلاء القوات البريطانية،  وأغان أخرى قليلة ، وخلال عشر سنوات، قضاها بالقاهرة ( من 1964 وحتى 1974 ) وعلى الرغم من نجاحه المدوي مع محمد رشدي في البداية ، فإنه ــ فيما يبدوـ لم يستطع ترويض غيلان القاهرة ، وظلت أسوار سوق الغناء تتطاول في وجهه،  وترده عنها لحساب شعراء آخرين، أظنهم خافوا على مكانتهم في السوق،  وقد تهددها هذا الوافد الجديد بقوة ، كما خافوا بالطبع من أن يشاركهم      " الكعكة " خاصة وهو يمتلك مثل هذه الموهبة العريضة التى استطاعت تعويض غياب الأبنودى ، وحققت النجاح مع رشدي من الغنوة الأولى ! فأغلقوا كل الأبواب أمامه، وحاصروه حتى أنه خلال هذه السنوات العشر لم يكن نصيبه في سوق الغناء يزيد عن أغنيات قليلة يمكن للقارئ تسميتها بقليل من الجهد منها ـ على سبيل المثال : عشرية ، والله فرحنا لك ياولا ، مواويل أدهم الشرقاوي ، ياعبد الله يااخويا سماح ، أفراح ، قلق ، لمحمد رشدي، وهو من أكثر المطربين الذين غنوا كلمات أبو عتمان ، وهناك أيضا "على كوبري أبو العلا" وغناها محمد قنديل، " عليه العوض" محرم فؤاد " صابرين يا دنيا صابرين" وليد توفيق ، كما غنى له محمد العزبى " فكهاني " و عبد اللطيف التلبانى عدة أغان منها " انزل ياقمر" و "ولا تسإلينى" .
هكذا كان نصيبه من أغنيات "المتن"  قليلا، الأمر الذي يشي بصعوبة مسيرته في القاهرة، وعدم تمكنه من اجتياز العراقيل التى وضعت أمامه ، أو ما يمكن أن نسميهم (حراس بوابة الغناء ) من أصحاب المصالح ، الذين يزعجهم  نجاح الآخرين ويسعون دائما لمحاربة كل موهبة حقيقية تظهر،  هناك حكايات تروى عن شاعر( كبير) تقول إنه ما إن يسمع بأن  أحدا من المنتجين ينتوى إسناد كتابة أغنية أو تتر مسلسل  لأحد الشعراء الجدد فإنه يسعى لإفساد الأمر ، حتى لو كلفه ذلك التبرع بكتابة الأغنية مجانا !.
 تعب  شاعرنا حسن أبو عتمان ـ فيما يبدو ـ من مناطحة القلب الصخرى لحراس بوابة سوق الغناء الرسمي ، ذلك المتن الكبير الذي تأسس في أحضان الإذاعة والتليفزيون، ليقدم المتفق عليه من ألوان الغناء التى  تناسب جمهور الدولة المعترف به، فهاجر أبو عتمان إلى الهامش، وقد أتاح  ظهور الكاسيت حوالي منتصف السبعينيات  فرصا متعددة لظهور ألوان أخرى من الغناء تنسجم مع جماهير ملت غناء المتن، وراحت تبحث عما يناسبها، فظهر محمد منير ليغنى للشباب بكلمات جديدة لعبد الرحيم منصور ومجدى نجيب وسيد حجاب وفؤاد حداد وبألحان هاني شنودة وأحمد منيب  ، كما ظهرت الفرق الغنائية وانتشرت، ووجد المثقفون الثوريون طربهم  في أغاني الشيخ إمام ونجم ، وإلى جانب هذا ظهر لون مختلف من ألوان الغناء الذي يوصف بالشعبي ، معبرا عن تغيرات اجتماعية درامية  كانت قد طرأت على المجتمع المصري فيما بعد منتصف السبعينيات،  وملبيا احتياجات طبقات اجتماعية صاعدة مع عصر الانفتاح، وهجرة المصريين إلى الخارج، وغياب أي مشروع سياسي حقيقي يلتم حوله الناس ويستلهمون قيمه بعد ذهاب السادات إلى إسرائيل وتسليم الولايات المتحدة 99 من أوراق اللعبة ، وكذا تسليم القطط السمان من تجار الانفتاح مفتاح الكرار ، في هذا المناخ ظهر أحمد عدويه لتحقق شرائطه أعلى نسبة مبيعات ،بشكل غير مسبوق،  في سوق الكاسيت، وتختطفه السينما للاستفادة من نجاحه الكبير في الوصول إلى الناس ، وكان الناس يرددون أغنياته في كل مكان دون أن يعلموا أن كاتب الكثير من هذه الكلمات التى يتغنون بها هو نفسه الشاعر الذي غنى له رشدي " عرباوى " وياحسن يامغنواتى " الشاعر المحلاوي حسن أبو عتمان ! 
نعم هو الشاعر الكبير حسن أبو عتمان الذى كسرت أغنيته لأحمد عدوية " زحمه يادنيا زحمة " حاجز المليون نسخة لأول مرة في سوق الكاسيت، تلك الأغنية التى كانت تحمل توجها غنائيا جديدا يلامس نبض الشارع المصري، ويعبر عنه ببساطة تعبير رجل الشارع ، دون انفصال، ويكتب أبو عتمان عشرات الأغنيات الناجحة لعدويه ، ويقال أنه كتب أكثر من 90 % من أغنياته ، الأمر الذى جعله شريكا أصيلا في نجاح عدوية ولونه  الجديد في الغناء ، ومن أغنياته التى حققت شهرة كبيرة أيضا " "سلامتها أم حسن" "كله على كله"  و "يا بنت السلطان" و "يا ليل يا باشا" و " كراكشنجى" و " سته بس " و "عيله تايهه"  وغيرها .
 اتهم عدوية بالإسفاف وكانت أغنياته تمنع فى الإذاعة والتليفزيون ، الأمر الذى كان يؤلم شاعرنا جدا ، وقد كان يحسب نفسه  يسير على خطى بيرم التونسي ، فكان يقول في لحظات الضيق : معلش سوف يفهم الناس تلك الأغاني فيما بعد ، وعلى عكس الاستقبال الرسمي غير المرحب بأغنياته كان الشعب يحيك الأساطير حول تلك الأغنيات
ملحق
أغنية عرباوي
كلمات  حسن أبو عتمان
ألحان  حلمي بكر
 غناء محمد رشدي
ولا يا ولا يا عرباوي .. ارمي بياضك خطي القناوي
وإن كنت شاري يا أدهم زمانك.. المهر مركب وانت معداوي
عرباوي
عرباوي وشاغلاه الشابه الحلوه السنيوره
أم التربيعه بترسم ضلايه على القوره
وضفاير غارت م القُصة .. رقصت على رن الخلاخيل
وعيون يا صبايا ما تتوصى.. غيـّـه وبتطير زغاليل
بتبص بصه، الله عليها، الشمس تخجل قدام عينيها
والبدر يسهى لما يراعيها، وايش حال أنا يا ابو قلب غاوي
قلبي يا قلبي يا ابو الحيارى.. والله لاعملك شارع وحاره
وابنيلها عشه بالني الأخضر.. وحبه حبه تصبح عماره
لابدر الصحرا خضره وميه .. وازرع الحنه ف إيدها وإيديا
اهدى يا قلبي صبرك عليّ.. والصبر هو .. هو المداوي
والله يا هوا مغرم صبابه .. وقالوا لي أهل الهوا غلابه
أنا قلت شاري ومادمت شاري.. لو كانت نغم قلبي ربابه
وأصر الهنا في طرحه تُلّيِ.. وابدر عشنا ياسمين وفلي
واخلف ظنكم في الحب يا اللي.. فاكرين الهوا دمع وشكاوي


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads