(جيلان)
أشرف
البولاقي
(1)
ثَمَانِيَةٌ
وَأرْبَعونَ حُزْنًا يَا جِيِلَان .. ولَمَّا يَأْتِ
في الأرْبَعِينَ كُنْتُ وَاثِقًا أَنَّهُ سَيَجِيءُ، اغْتَسَلْتُ وَنِمْتُ، صَحَوْتُ وَخَلَوْتُ، صَعَدْتُ إِلَىَ جَبَلٍ، وَقَضَيْتُ
يَوْمًا فِي الصَّحْرَاءِ، أَطْعَمْتُ فَقِيرًا وَقَبَّلْتُ طِفْلا، وَبَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَىَ أَنْ آَيَسْتُ تَمَامًا وَنَسِيتُ ...
وَذَهَبْتُ أَكْتُبُ الشِّعْرَ، كَتَبْتُ يَوْمًا " عَلَىَ مَقْهىً أُطَلِّقُ زَوْجَتِي وَأَنَامُ " فَكَانَ مُدْهِشًا أَنْ تُطَلَّقَ زَوْجَتِي،
ثُمَّ كَتَبْتُ رِثَاءً لأبِي المُسَافِرِ فَعَادَ لَنَا مَيْتًا، وَكَتَبْتُ عَنْ صَدِيقِي الَّذِي يُحِبُّ زَوْجَتَهُ وَتُحِبُّهُ مُشيِرًا
لِفِرَاقِهِمَا، فَابْتَسَمَا مُشْفِقَيْنِ عَلَيَّ وَلَمْ يَلْبَثَا أَنِ افْتَرَقَا !!
وَبَيْنَا كُنَّا – أَنْتِ وَأَنَا – عَاشِقَيْنِ عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ - قَبْلَ طَعْنَتِكِ الْأَخِيرَةِ بِسَاعَاتٍ - نَتَعَاهَدُ وَنَتَوَاعَدُ
اسْتَأْذَنْتُكِ أَنْ أَكْتُبَ شَيْئًا، فكَتَبْتُ وَأَنا أَبْتَسِمُ لَكِ مِنْ بَعِيدٍ :
" ادْخُلِي يَا جِيِلَانُ بِرِفْقٍ ... لا تَطْعَنِي في القَلْبِ مُبَاشَرَةً كَمَا فَعَلَتِ الْحَبِيبَاتُ قَبْلَكِ، هُنَاكَ عَلَىَ جِدَارِ
الرّوحِ نَقْشٌ .. مُرِّي عَلِيهِ قَبْلَ الطَّعْنَةِ وَابْتَسِمِي "
لَمْ تَكَدْ تَمُرُّ السَّاعَاتُ حَتَّىَ طَعَنْتِ فِي الْقَلْبِ مُبَاشَرَةً .. تَمَامًا كَمَا فَعَلَتِ الْحَبِيبَاتُ قَبْلَكِ ...وَتَجَاهَلْتِ النقشَ !!
فَهَلْ تَرَيْنَهُ أَتَىَ فِي الْأَرْبَعِينَ دُونَ أَنْ أُحِسّ، وَدُونَ أَنْ أَصْرُخَ دَثِّرونِي .. دَثِّرونِي؟
في الأرْبَعِينَ كُنْتُ وَاثِقًا أَنَّهُ سَيَجِيءُ، اغْتَسَلْتُ وَنِمْتُ، صَحَوْتُ وَخَلَوْتُ، صَعَدْتُ إِلَىَ جَبَلٍ، وَقَضَيْتُ
يَوْمًا فِي الصَّحْرَاءِ، أَطْعَمْتُ فَقِيرًا وَقَبَّلْتُ طِفْلا، وَبَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَىَ أَنْ آَيَسْتُ تَمَامًا وَنَسِيتُ ...
وَذَهَبْتُ أَكْتُبُ الشِّعْرَ، كَتَبْتُ يَوْمًا " عَلَىَ مَقْهىً أُطَلِّقُ زَوْجَتِي وَأَنَامُ " فَكَانَ مُدْهِشًا أَنْ تُطَلَّقَ زَوْجَتِي،
ثُمَّ كَتَبْتُ رِثَاءً لأبِي المُسَافِرِ فَعَادَ لَنَا مَيْتًا، وَكَتَبْتُ عَنْ صَدِيقِي الَّذِي يُحِبُّ زَوْجَتَهُ وَتُحِبُّهُ مُشيِرًا
لِفِرَاقِهِمَا، فَابْتَسَمَا مُشْفِقَيْنِ عَلَيَّ وَلَمْ يَلْبَثَا أَنِ افْتَرَقَا !!
وَبَيْنَا كُنَّا – أَنْتِ وَأَنَا – عَاشِقَيْنِ عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ - قَبْلَ طَعْنَتِكِ الْأَخِيرَةِ بِسَاعَاتٍ - نَتَعَاهَدُ وَنَتَوَاعَدُ
اسْتَأْذَنْتُكِ أَنْ أَكْتُبَ شَيْئًا، فكَتَبْتُ وَأَنا أَبْتَسِمُ لَكِ مِنْ بَعِيدٍ :
" ادْخُلِي يَا جِيِلَانُ بِرِفْقٍ ... لا تَطْعَنِي في القَلْبِ مُبَاشَرَةً كَمَا فَعَلَتِ الْحَبِيبَاتُ قَبْلَكِ، هُنَاكَ عَلَىَ جِدَارِ
الرّوحِ نَقْشٌ .. مُرِّي عَلِيهِ قَبْلَ الطَّعْنَةِ وَابْتَسِمِي "
لَمْ تَكَدْ تَمُرُّ السَّاعَاتُ حَتَّىَ طَعَنْتِ فِي الْقَلْبِ مُبَاشَرَةً .. تَمَامًا كَمَا فَعَلَتِ الْحَبِيبَاتُ قَبْلَكِ ...وَتَجَاهَلْتِ النقشَ !!
فَهَلْ تَرَيْنَهُ أَتَىَ فِي الْأَرْبَعِينَ دُونَ أَنْ أُحِسّ، وَدُونَ أَنْ أَصْرُخَ دَثِّرونِي .. دَثِّرونِي؟
(2)
سَأَسْقُطُ
يَا جِيلان ... رُبَّمَا بَعْدَ سَاعَةٍ أَوْ نَهَارٍ، رُبَّمَا بَعْدَ صَيْفٍ
أَوْ هَزِيمَةٍ .. يَسْقُطُ الْمَرْءُ عَلِيلا
فَيَدْعُونَ لَهُ بِالشِّفَاءِ، يَسْقُطُ الْمَرْءُ مُتْعَبَ الرّوحِ فَيُوَاسُونَه قَائِلِينَ كُلُّنَا يَا أَخِي مُتْعَبون، يَسْقُطُ الْمَرْءُ مَيتًا
فَيَدْعُونَ لَهُ بالرَّحْمَةِ، فِي لَحْظَةٍ مَا سَأَسْقُطُ لا عَلِيلا وَلا مُتْعَبَ الرّوحِ وَلا مَيّتًا .. سَأَسْقُطُ مَفْضوحًا
وَمُجَرَّسًا مِن أَجْلِ رَأيٍ عَابرٍ عَنْ عَيْنَيْكِ، أَوْ مِنْ أَجْلِ قُبْلَةٍ أَرْسَلْتُهَا لِشَفَتَيْكِ فِي الْهَوَاءِ، أَوْ مِنْ أَجْلِ
حُلمٍ يَتِيمٍ رَأَيْتُ فِيهِ أَنَّنَا عَارِيَانِ عَلَى فِرَاشٍ الْمَحَبَّةِ، أَوْ حَتَّىَ مِنْ أَجْلِ صُورَةٍ الْتَقَطَهَا الغُرَبَاءُ لِي وَأَنَا
أُفَكِّرُ فِي عِنَاقِك .. لَنْ يَكْتَفوا سَاعَتَهَا بِالشَّتَائِمِ، سَيُفَكِّرونَ فِي وَسِيلَةٍ لِلتَّشَفِّي وَالْعِقَابِ، سَأَبْكِي لَوْأنَّهُم
رَجَمونِي، وَسَأَحْزَنُ لَوْ أَنَّهُم أَطْلَقُوا رَصَاصَهُم عَلَيَّ، سَأَصْرُخُ لَا لِحَبْلِ الْمِشْنَقَةِ ... أُرِيدُهُم أَنْ لْحِقونِي
بابْنِ بَقيَّةَ البَغْدَادِي؛ لَعَلَّي أَنْظُرُ إلَيْهِم مِنْ عَلٍ مُبْتَسِمًا، وَلَعَلَّ أَبَا حَسَنٍ يَمُرُّ فَيَنْظُرَنِي وَيَهْتِفُ: أَمَا لَكَ
تُرْبَةٌ؟ فَأُجِيبهُ قَبْلَ أَنْ أُغْمِضَ عَيْنَيَّ: قَلْبُ جِيلَانَ كَانَ تُرْبَتِي يَا صَدِيقِي ..!!
فَيَدْعُونَ لَهُ بِالشِّفَاءِ، يَسْقُطُ الْمَرْءُ مُتْعَبَ الرّوحِ فَيُوَاسُونَه قَائِلِينَ كُلُّنَا يَا أَخِي مُتْعَبون، يَسْقُطُ الْمَرْءُ مَيتًا
فَيَدْعُونَ لَهُ بالرَّحْمَةِ، فِي لَحْظَةٍ مَا سَأَسْقُطُ لا عَلِيلا وَلا مُتْعَبَ الرّوحِ وَلا مَيّتًا .. سَأَسْقُطُ مَفْضوحًا
وَمُجَرَّسًا مِن أَجْلِ رَأيٍ عَابرٍ عَنْ عَيْنَيْكِ، أَوْ مِنْ أَجْلِ قُبْلَةٍ أَرْسَلْتُهَا لِشَفَتَيْكِ فِي الْهَوَاءِ، أَوْ مِنْ أَجْلِ
حُلمٍ يَتِيمٍ رَأَيْتُ فِيهِ أَنَّنَا عَارِيَانِ عَلَى فِرَاشٍ الْمَحَبَّةِ، أَوْ حَتَّىَ مِنْ أَجْلِ صُورَةٍ الْتَقَطَهَا الغُرَبَاءُ لِي وَأَنَا
أُفَكِّرُ فِي عِنَاقِك .. لَنْ يَكْتَفوا سَاعَتَهَا بِالشَّتَائِمِ، سَيُفَكِّرونَ فِي وَسِيلَةٍ لِلتَّشَفِّي وَالْعِقَابِ، سَأَبْكِي لَوْأنَّهُم
رَجَمونِي، وَسَأَحْزَنُ لَوْ أَنَّهُم أَطْلَقُوا رَصَاصَهُم عَلَيَّ، سَأَصْرُخُ لَا لِحَبْلِ الْمِشْنَقَةِ ... أُرِيدُهُم أَنْ لْحِقونِي
بابْنِ بَقيَّةَ البَغْدَادِي؛ لَعَلَّي أَنْظُرُ إلَيْهِم مِنْ عَلٍ مُبْتَسِمًا، وَلَعَلَّ أَبَا حَسَنٍ يَمُرُّ فَيَنْظُرَنِي وَيَهْتِفُ: أَمَا لَكَ
تُرْبَةٌ؟ فَأُجِيبهُ قَبْلَ أَنْ أُغْمِضَ عَيْنَيَّ: قَلْبُ جِيلَانَ كَانَ تُرْبَتِي يَا صَدِيقِي ..!!