الرئيسية » , , , , » ستيفن كوتش: أين تجد قصّتك؟ | ترجمة: أماني النهدي | مراجعة: بثينة العيسى

ستيفن كوتش: أين تجد قصّتك؟ | ترجمة: أماني النهدي | مراجعة: بثينة العيسى

Written By تروس on الثلاثاء، 12 أبريل 2016 | أبريل 12, 2016

ستيفن كوتش: أين تجد قصّتك؟
ترجمة: أماني النهدي
مراجعة: بثينة العيسى

إنك تستطيع ابتكار قصة بالعثور عليها، وتستطيع العثور على قصّة بابتكارها.

إذا كنتَ تتساءل بشأنِ المكان الذي ستجدُ فيه قصّة، جرّب طفولتك.

إذا كانت لديك مخيلة قوية، سوف تنتقل سريعًا إلى ما وراء تجربتك الخاصة، وهذا مكانٌ جيّدٌ للبدء. الطفولة هي، بكل معنى الكلمة، مهد السرد. إذا لم تكن متأكدًا من المكان الذي تبدأ منه، جرّب نصيحة آن لاموت:

“سدّ أنفك واقفز ثم اكتب ذكرياتك بأصدق ما يمكن”.

قال فلانري كونور:

“إن أيَّ شخصٍ قد نجا طفولته سيكون لديه المواد الكافية للكتابة لبقية حياته”.

ريتشارد برايس، كاتبٌ مختلف جدًا، يعطي النصيحة ذاتها:

” كما أُخبر طلابي دائمًا، نحنُ ننشأ مع عشر قصصٍ عظيمة عن عوائلنا، وطفولاتنا.. وهي على الأرجح لا علاقة لها بحقيقة الأشياء، ولكنها ملكك، وأنت تعرفها، وتحبها. استخدمها إذن، فهذا ما فعلتهُ انا، ما حاولت أن أتلمّسه لكي أصير كاتبًا”.

 

ابتكر قصتك

كثير من المبتدئين يصابون بالجمود، مذعورين، من فكرة “ابتكار” قصة. سوف نناقش فكرة الجمود لاحقًا، ولكن دعونا نستخلص فكرة أساسية واحدة؛ وهي أنك تستطيع ابتكار قصة بالعثور عليها، وتستطيع العثور على قصّة بابتكارها.

الجذر اللاتيني لكلمة “يخترع” تعني “يعثر على”، وطالما أنك لا تستطيع معرفة ما تريد قوله حتى تقوله فعلا، فكتّاب الخيال وكتّاب أدب الواقع “يبتكرون” القصص من خلال “العثور عليها”. إنهم يجدون أصواتهم، وشخوصهم، ويجدون شخصيتهم الخاصة أيضًا. بطريقة أخرى يمكنُ القول بأن هناك طرقًا عديدة لمعرفة الأشياء. نعم، أنت تعرف ما تستطيع التعبير عنه بسهولة، ولكنك تعرفُ أيضًا، بشكلٍ غامض، ما لم تتمكن من التعبير عنه بعد. أنت تعرف ما تحدسُ به قبل اللغة، وتعرف ما يمكنك الإحساس به، غامضًا ونائيًا. تعرفُ ما هو خارج قبضتك، وتعرف المكان الذي عليك أن تحفر فيه لتصل، أو لمجرد أن تلمس قصّتك. هذا هو المكان الذي تجد فيه قصّتك. البذرة هي القمة المرئية لشيءٍ كبير مدفون في داخلك، إنها لمحتك الأولى لما سيحدث. سوف يظهر الكلُّ لاحقًا ويشعرك بأنه كان في داخلك طوال الوقت، وحاضرًا لمخيّلتك.

يقارن ستيفن كينج القصص بالأحافير، ويعتقد أنَّ القصص تحتاج جهدًا كبيرًا “للتنقيب” عنها ليتم “ابتكارها”: “فالقصص ليست قمصانًا تذكاريةً ولا ألعابًا إلكترونيةً؛ إنها قطع أثرية من عالم سابقٍ وغير مكتشف” حيث يتم التنقيب في المنطقة الظليلة بين الاختلاق والاكتشاف.


القصص ليست قمصانًا تذكاريةً ولا ألعابًا إلكترونيةً؛ إنها قطع أثرية من عالم سابقٍ وغير مكتشف

هاك بعض أهم الأدوات الرئيسية للاكتشاف:

1) توفير الحافز:

القصة هي ما تفعله الشخوص. ولذا، عليك أن ترينا، بشكل ثانوي فقط، ما هي عليه؛ كيف تبدو وبماذا تشعر. عليك أن ترينا ما تفعله الشخوص، فهي لن تتصرّف من دون حافز. يرى كيرت فونيغت أنَّ الحافز هو نقطة الدخول إلى أيّة قصة. يقول:

“عندما درَّست الكتابة الإبداعية، كنت آمرُ الطلاب أن يجعلوا شخوصهم ترغب بأمرٍ ما حالاً، حتى لو كان ذلك مجرّد كأسٍ من الماء، فالشخوص المصابة بالشلل من غيابِ المعنى في الحياة العصرية ما زالت بحاجة إلى شرب الماء بين الحين والآخر”.

يقودُ الحافز إلى الصراع، والصراع هو مفتاح الدراما. يكمل فونيغت:

“عندما تستبعد الحبكة، عندما تستبعد ما تريده الشخصية، فأنت تستبعد القارئ، ومن اللؤم أن تفعل ذلك. يمكنك أيضًا أن تستبعد القارئ بعدم إخباره فورًا عن المكان الذي تحدث فيه القصة، وعمن هم الشخوص، وما يريدونه. يمكنك أن ترسله إلى النوم بمنع شخوصك من مواجهة بعضها البعض. يقول الطلاب بأننا نعيش مرحلة عدم المواجهة، لأن الناس لا يواجهون بعضهم في الحياة العصرية. الحياة العصرية وحيدةٌ جدًا كما يقولون. هذا كسل. إن من واجب الكاتب أن يجعل شخوصه تواجه بعضها البعض، حتى تقول أشياء مفاجئة وتكشف الأمور، حتى تعلمنا وتسلّينا. إذا لم يستطع الكاتب، أو لم يرغب بفعل ذلك، فالأفضل أن ينسحب من المهنة”.

راي برادبيري أيضًا يدعو الحافز بـمفتاح القصة.

“شخصياتي تكتب لي قصصي، إنها تخبرني بما تريده، وأخبرها بأن تذهب للحصول عليه، أتعّقب سيرها بالعمل على آلتي الكاتبة فيم تهرع إلى مصيرها. يريد مونتاغ (فهرنهايت 451) أن يكفَّ عن حرق الكتب. اذهب وأوقِف الأمر! قلتُ له، وقد ذهب تمامًا لفعل ذلك. لقد تعقّب ميلفل سير الكابتن آهاب في موبي دِك. كان يريد مطاردة وقتل حوت، وأسرع في طريقه لفعل ذلك. لقد لاحقه ملفل، كاتبًا الرواية برمحٍ مغروسٍ في لحم حوتٍ لعين!”.

هناك قصة في داخل كل حافز، لأن الرغبة في أمرٍ ما له بعض النتائج، أو المُخرجات. قد لا تكون النتيجة أكثر من إحباطٍ كلي، ولكن سيكون للإحباط بعض النتائج. في أية حال، الرغبة سوف تقود إلى النتيجة، وتكمنُ هناك قصة من نوع ما، مسارٌ للسرد، طريقٌ بنهاية.

نوعية الحافز وطبيعة نتائجه يعودان إلى الكاتب تمامًا، وهذا ما يمنح الفنّ سحره وبُعده الماورائي. يمكن أن يكون كوميديًا أو مأساويًا، سخيفًا أو عظيمًا، كونيًا أو مجهريًا، ويعكس ما يختبره الفنان للعثور على أسلوبه وهويّته.


سدّ أنفك واقفز ثم اكتب ذكرياتك بأصدق ما يمكن.

2)  البحث عن بداية أو نهاية:

والأفضل من ذلك هو البحث عن كليهما.

تتألّف القصة، أية قصة، من سلسلة من الأحداث. هذه الأحداث تقع في زمن، وليس عليك أن تبدأ من بداية السلسلة. لقد نصحنا القدماء بالبدء من منتصف الأشياء. ولكن عليك أن تبدأ من مكانٍ ما، وبمجرد أن تبدأ، يجب أن تواصل حتى النهاية. ثمة حدسٌ قوي ينبئنا من أين نبدأ، يرافقه عاجلا أم آجلا، حدسٌ قوي بشأن المكان الذي ننتهي فيه، وهو يلعب دورًا مهمًا في تشكيل ما نكتب. حتّى الكتاب الذين يبدؤون قصصهم بلا شيء أكثر من جملة، يشعرون بأنها جملة البداية، فإن هذه الجملة تُملي عليهم ما يليها.

الحَدس يؤثر على كل شيءٍ هنا. من الواضح أنك لا تستطيع، منطقيًا، التأكد بأن لحظة معينة تستهل أو تنهي قصتك، قبل أن تعرف بالضبط ما هي القصة. يجب أن تشعر بصوابية الأمر، ولن يكون بإمكانك البرهنة على صوابيّة شعورك حتى تكون قد انتهيت، وتكون القصّة قد رُويت. ولكن ثق بحدسك، التصق به، وليكن نجم إبحارك.

البحث عن ذلك الشعور يمكن أن يكون مجهدًا. كما يشرح فيليب روث:

“الشروع في كتاب أمرٌ غير سار، فأنا أكون متشكّكًا بشأن الشخصية والعقدة، والشخصية في العقدة هي ما ينبغي عليَّ البدء به. الأسوأ من ألا تعرف موضوعك هو ألا تعرف كيفية معالجته، لأن هذا، في نهاية المطاف، هو كل ما في الأمر. لقد كتبتُ بدايات وكانت فظيعة، وبدت مثل محاكاة غير واعية لكتابي السابق، أكثر من كونها مختلفة كما أريد. أحتاج إلى شيءٍ يقودني إلى مركز الكتاب، مثل مغناطيس يجذب إليه كلّ شيءٍ. هذا هو ما أبحث عنه في الأشهر الأولى من كتابة شيء جديد. عليَّ غالبًا أن أكتب مئة صفحة أو أكثر قبل أن تصبح عندي فقرة حيّة. حسنًا، أقول لنفسي، هذه هي بدايتك. ابدأ من هنا. هذه هي أول فقرة من كتابك. ثمَّ أراجع ما كتبته خلال الأشهر الستة الأولى من العمل، وأضع علامة بالأحمر على فقرة، أو عبارة، أو أحيانًا جملة تحتوي حياة ما، ثمَّ أضعها كلها على صفحة واحدة”.

الأمر نفسه تقريبًا بالنسبة للنهايات. أحيانًا تخطر لك النهاية قبل البداية. هذا جيّد، بمجرد أن يكون لديك مشهد النهاية، أو بمجرد أن يتوهّج السطر الأخير في عقلك، يمكنك أن تكتب باتجاهه. هناك الكثير من كتّاب القصة القصيرة، الذين لا يبدؤون الكتابة حتى تكون لديهم نهاية. كاثرين آن بورتر كانت واحدة منهم:

“إذا لم أعرف نهاية القصة، فلن أبدأ. دائمًا ما أكتب سطوري الأخيرة، صفحتي الأخيرة، ثمّ أعود وأعمل باتجاهها. أكتب وأنا أعرف المكان الذي أذهب إليه، أعرف ما هو هدفي، وكيفية وصولي إليه هو نعمةٌ من الله”.

* المصدر: Stephen Kock, Modern Library Writer’s Workshop



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads