الرئيسية » , , , » روي بيتر كلارك: كيف تكتشف صوتك ككاتب؟ | ترجمة: أحمد الزبيدي

روي بيتر كلارك: كيف تكتشف صوتك ككاتب؟ | ترجمة: أحمد الزبيدي

Written By تروس on الأربعاء، 17 فبراير 2016 | فبراير 17, 2016

روي بيتر كلارك: كيف تكتشف صوتك ككاتب؟
ترجمة: أحمد الزبيدي

ناغم صوتك

 

من بين كل المؤثرات التي يستخدمها الكُتّاب، ليس هناك ميزة أكثر أهمية ولا صعبة المنال من تلك الميزة التي تدعى الصوت، الكتّاب المهرة، وهذا ما قيل مرة تلو الأخرى، يريدون أن يكتشفوا صوتهم، يريدون أن يكون ذلك الصوت مألوفًا، وهذه الكلمة تذكّرني بكلمتَي مؤلف وتأليف.

ولكن ماهو الصوت؟ وكيف يقوم الكاتب بالجهر به؟

إن التعريف الأكثر استخدامًا يأتي من صديقي وزميلي دون فراي “إن الصوت هو خلاصة كل الاستراتيجيات التي يستعملها الكاتب لخلق الوهم بأن الكاتب يتكلم بصورة مباشرة مع القارئ من خلال الورقة”. الكلمات الأكثر أهمية في ذلك التعريف هي (خلق) و(وهم) و(يتكلم)، الصوت هو المؤثر الذي يخلقه الكاتب ويصل القارئ عبر أذنيه، حتى حينما يصله المضمون عبر عينيه.

يتذكر الشاعر ديفيد مككورد أنه في إحدى المرات تناول نسخة قديمة من مجلة سانت نيكولاس (بابا نويل)، والتي كانت تنشر قصصًا يكتبها الأطفال، وقد جلبت انتباهه إحدى القصص، “وفجأة دهشتُ لقطعة نثرية فيها الكثير من التلقائية والعفوية في الصوت بمجرد أن تلقي نظرة عابرة عليها. وقلت لنفسي إن هذا الصوت مشابه لـ (ي .ب. وايت) ثم نظرت إلى التوقيع، ييلوين بروكس وايت، العمر11 سنة”. لقد تعرّف مككورد على عناصر ذلك الشكل – الصوت- لمؤلف شاب سيكبر في يوم ما ليكتب رواية الأطفال (شبكة شارلوت).

فإذا كان فراي محقاً، فإن ذلك الصوت هو الخلاصة لكل استراتيجيات الكتابة، فما هي تلك الاستراتيجيات التي تكون جوهرية في عملية خلق الوهم بأن هناك كلام يقال؟ للإجابة على ذلك السؤال، تخيل قطعة من أداة موسيقية تسمى جهاز التحكم بالصوت، هذه هي الآلة التي تخلق مديات الصوت في مضخم الصوت من خلال توفير حوالي ثلاثين إشارة صوتية أو مستوى، تسيطر على الأصوات العالية والمنخفضة، ترفع المنخفض وتخفض المرتفع، وتضيف قليلًا من الارتدادات إلى أنْ يتكون الصوت المطلوب. لذلك، فإذا كنا نمتلك جهاز توليف سلس وممتاز لصوت الكتابة، ما هي المديات التي يستطيع هذا الجهاز أنْ يصل لمستوياتها؟ هذه مجموعة من التوضيحات على شكل أسئلة.

* ما هو مستوى اللغة، أو بعبارة أدق، هل يستخدم الكاتب لغة الشارع أم الجدل المنطقي لأستاذ الميتافيزيقيا؟ هل مستوى اللغة في أسفل سلّم التجريد أم قريب من قمّته؟ أم أنه يتنقل بينهما؟

* من هو الشخص الذي يستخدمه الكاتب؟ هل يستخدم الكاتب الضمير (أنا) أم (أنت) أم (نحن) أم (هم) أم الجميع؟

* ما هي حدود ومصادر الإيماءات؟ هل هي نابعة من ثقافة راقية أم متدنية؟ أم كليهما؟ هل استشهد الكاتب بعالم لاهوت من القرون الوسطى أم بمصارع محترف؟ أم بكليهما؟

* كيف كان الكاتب يستخدم غالبًا الاستعارات وسمات الخطاب الأخرى؟ هل يريد أن يبدو الكاتب أكثر شبهًا بالشاعر؟ والذي يكون عمله غنيًا بالصور التشبيهية، أم الصحفي الذي يستخدم الاستعارات لأجل تأثيرات خاصة؟

* ما هو طول وتكوين الجملة النموذجية؟ هل الجمل قصيرة أم بسيطة؟ طويلة أم معقدة؟ أم مزيج من ذلك؟

* ما هي المسافة التي تفصلها عن الحيادية؟ هل يحاول الكاتب أن يكون موضوعيًا، متعصبًا، متعاطفًا؟

* كيف تشكل الكاتبة مادتها؟ هل هي عادية أم شاذة؟

* هل تعمل الكاتبة بمواد مواضيع مألوفة، مستخدمة أشكال القصص التقليدية؟ أم أنها تجريبية وابتكارية؟

تمعن في هذه القطعة، وهي حديث إذاعي لمراسل راديو سي بي إس، حول تحرير معسكر الاعتقال النازي بوخنفالد في 1945. اقرأها بصوت عال لتختبرصوت الكاتب:

“عندما دخلنا، كانت الأرضية مبلطة بالإسمنت، وكان هناك صفّان من الجثث التي كدست مثل كومات حطب التدفئة، كانت نحيلة وشاحبة جدًا، بعض الجثث كانت مكدومة بشكل رهيب، على الرغم من بنيتها النحيلة التي لا تتحمل الكدمات، كان بعضها قد أطلق عليه النار في الرأس، ولم تنزف سوى قليلًا، كانت جميعها عارية عدا اثنين منها، حاولت أن أحصيها بكل استطاعتي ووصلت إلى الاستنتاج أن كل ذلك كان إبادة لأكثر من خمسمئة رجل وصبي مستلقين في أكداس مرتبة.”

استند الصحفي في لغته على إفادة شاهد عيان، بإمكاني أن أسمع الصراع بين حرفية المراسل وغضبه كإنسان، مستوى اللغة كان واضحًا وملموسًا، يصف رؤية أشياء رهيبة، استخدم تعبيرًا مرعبًا واحدًا، (أكوام الحطب) ولكن البقية تبدو واضحة ومباشرة، الجمل أغلبها بسيطة وقصيرة، ولم يكن صوت كتابته محايدًا، كيف يمكن له أن يكون كذلك؟ إنه يصف العالم كما يراه ولا يصف عواطفه كمراسل، ومع ذلك فقد وضع نفسه في المشهد في الجملة الأخيرة، مستخدمًا (أنا) لكي لا يثير الشك بأنه رأى ذلك بأم عينه، إن عبارة “كانت تلك إبادة” تبدو تمامًا كما لو أنها مقتبسة من شكسبير. إن هذه القراءة المجهرية الموجزة لأعمال مورو تظهر التفاعل بين استراتيجيات مختلفة والتي تخلق ذلك التأثير الذي نعرفه بالصوت.

كم يختلف التأثير عندما يصف فيلسوف القرن السابع عشر الإنجليزي توماس هوبز عاطفة الإنسانية:

“إن حزن الإنسان على بؤس الآخرين هو شفقة، وهو يتأتى من تخيل أن من المحتمل أنْ تحدث له نفس المصيبة، ولذلك فهو يسمى أيضاً تعاطفًا وفي تعابير أوقاتنا الحاضرة الإحساس المشترك” (مقتبس من كتاب توماس هوبز ليفانثان)

إن قطعة مورو، بخصوصيتها، تثير الشفقة والعطف، أما فقرة هوبس بتجردها فإنها تعرّفهما. إذا كتبت مثل مورو، فسوف تبدو صحفيًا، وإذا كتبت مثل هوبس فسوف تبدو فيلسوفا.

يعتبر كتاب العناية بالرضيع والطفل لبنجامين سبوك والذي نشر للمرة الأولى عام 1945 بمثابة الكتاب المقدس للوالدين وقد كتب في مقدمته:

“إن الشيء الأكثر أهمية الذي ينبغي عليّ قوله إنك يجب أنْ لا تأخذ حرفياً وتماماً ما يقال في الكتب، كل طفل مختلف، وكل والدين يختلفان، كل مرض أو مشكلة سلوكية تختلف إلى حد ما عن الأخرى، كل ما أستطيع أنْ أفعله هو أنْ أصف المشاكل والإصابات الأكثر شيوعًا في أحكامها الأكثر عمومية، تذكر أنك أكثر اعتياداً على أمزجة أطفالك وحالاتهم أكثر مما أستطيعه أنا إلى حد كبير.”

لغة الدكتور سبوك بسيطة، بل وموثوقة، صوته حكيم بل ومتواضع، إنه يخاطب القارئ مباشرة، كما في رسالة، مستخدمًا كلاً من (أنت) و(أنا)، ويحترم خبرة ومعرفة الأبوين، وليس عجبًا أن أجيالًا من العوائل تتوجه لصوت طبيب العائلة هذا طلباً للنصيحة وراحة البال.

لكي تختبر صوت كتابتك، فإن الأداة الأكثر فاعلية في طاولة عملك، هي القراءة الجهرية. اقرأ قصتك بصوت عال لتسمع فيما إذا كانت تبدومشابهه لك، عندما يقدم المعلمون هذه النصيحة للكتاب، فغالبا ما نقابلها بنظرات شك. (لا يمكن أن تكون جادًا) هذا ما تقوله هذه النظرات، (أنت لا تقصد تماما أنّ عليّ قراءة القصة بصوت عال؟ ربما ما تقصده بقراءة القصة (بصوت عالٍ) بهدوء وأن أحرك شفتاي؟

كلا، ما أقصده عالياً، وعالياً بشكل كاف حتى يسمعه الآخرون، يمكن للكاتبة أن تقرأ القصة بصوت عال لنفسها أو لمحرر آخر، يمكن للمحرر أن يقرأ القصة بصوت عالٍ للكاتب، أو لمحرر آخر، يمكنه أن يقرأ له بهذه الطريقة ليتلقى صوته، أو يعدلّ فيه، يمكنه أن يقرأ في مناسبة ما، ولكن يجب أن لا يقرأ أبداً في سخرية، يمكنه أن يقرأ ليسمع المشكلات التي يجب أن تحل.

يشكو الكتاب من المحررين الصّم والذين يقرؤون بعيونهم وليس بآذانهم، قد يرى المحرر عبارة غير ضرورية، ولكن ما الذي يفعله حذفها لانسجام الجملة؟ إن أفضل جوابٍ لذلك السؤال يكون عن طريق القراءة السمعية والشفهية.

تدريب:

1-اقرأ قصتك بصوت عالٍ لصديق، واسأل، هل هذا الصوت يشبهني؟ ناقش الاجابة.

2-بعد إعادة قراءة عملك، اكتب قائمة بالصفات التي تعرّف صوتك، مثل غليظ، عدواني، مضحك، متردد، والآن حاول أن تعرف الدلائل في كتابتك التي تقودك إلى مثل هذا الاستنتاج.

3-اقرأ مسودة قصة بصوت عالٍ، هل بإمكانك سماع المشاكل في القصة التي لا يمكنك التعرف عليها.

4-احتفظ بأعمال الكتّاب الذين تكون أصواتهم مشابهة لصوتك، فكر لماذا أنت معجب بصوت كاتب معين، كيف يشبه صوتك، وكيف يختلف عنه، وقلّد ذلك الصوت في قطعة من الكتابة الحرة .

المصدر : تكوين

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads