الرئيسية » , , , , , » روي بيتر كلارك: استخدم محفّزات التشويق الداخلية | ترجمة: علي سيف الرواحي

روي بيتر كلارك: استخدم محفّزات التشويق الداخلية | ترجمة: علي سيف الرواحي

Written By تروس on الأحد، 17 يناير 2016 | يناير 17, 2016

روي بيتر كلارك: استخدم محفّزات التشويق الداخلية
ترجمة: علي سيف الرواحي

اسرق انتباه القارئ بجعله يترقب

ما الذي يجعل كتابًا أو قصة ما غير قابلة للمقاومة، ومشوقة جدًا حيث لا تستطيع التوقف عن قراءتها؟ أحد تلك الأسباب هو محفزات التشويق الداخلية. هذا الأسلوب يترك القارئ متلهفًا للمزيد، كأنه واقع تحت سحر ما.  والتشويق يجعل القارئ متعلقًا بالقصة ومعلقًا بخطّافٍ خفيٍّ حتى يعرف نهايتها.

لم يكن السبب وراء الشعبية الجارفة لرواية “شفرة دافنشي” هو أسلوب مؤلفها (دان براون) في الكتابة النثرية، ولكن يرجع السبب إلى الحبكة الذكية للقصة المبنية على تسلسل المشوقات الداخلية. وللتدليل على ذلك لنقرأ معًا التأثير الواضح لهذه التقنية في المقاطع التالية:

 “بينما كان يسقط، تراءى له شكل شبحي شديد الشحوب يحوم فوقه قابضًا على سلاح ناري. بعد ذلك أطبقت عليه حُلكة دامسة”

“وقبل أن تتمكن صوفي وتيبنج من الرد، اجتاحهما بحر من أضواء الشرطة الزرقاء وأصوات صفارات الإنذار الهادرة قادمة من أسفل التلة وبدأت في الصعود حتى بلغت منتصف الطريق إليهما”

 “بوجه قاطب قال تيبنج ‘أصدقائي، يبدو أن هنالك قرارًا هامًا علينا اتخاذه، وعلينا فعل ذلك في أسرع وقت’ “

“ضغط لانجدون على الزر صفر، وهو متأكد في قرارة نفسه أن الثواني القليلة القادمة قد تحمل الجواب لسؤال ظل يحيره طوال تلك الليلة”

 “شعر لانجدون بجسمه يرتعش وهو يتوغل داخل الغرفة الدائرية. من المؤكد أن هذا هو المكان الصحيح”

كل مقطع من المقاطع السابقة هي نهاية فصل. مشعلة فضول القارئ في معرفة ماذا سيحدث لاحقًا. ولذلك إن أردت أن تبيع الملايين من نسخ كتابك عليك تعلم حرفة التشويق.

وأنت لست في حاجة لحبكة شديدة التعقيد لكي تأسر فضول القارئ. تأمل مذكرات (توني هيندرا) الأب جو كيف يصف الراهب الحكيم والمحسن الذي ساعد المؤلف في اجتياز الأوقات العصيبة التي واجهته في شبابه عن طريق النصح والإرشاد. ولنقرأ معًا نهاية الفصل الثالث “وفجأة سمع صوت أحذية وهي ترتطم بأرضية الممر وحفيف أردية طويلة ترافقها. فتح الباب، وهنالك وقف أحد أغرب المخلوقات البشرية التي رأتهن عيناي”. ليس من الضروري أن ترسم مشهدًا غاية في الغرابة لكي يكون لديك مكون تشويق، وحدها الرغبة في معرفة ماهية شكل الأب جو ما دفعني لقراءة الفصل التالي.

ولم أضطر للبحث بعيدًا عن مثال للمحفز الداخلي للتشويق، فقد عثرت على صفحة من صحيفة محلية تصف الصراع الذي دار من أجل منع مجموعة من السكان المحليين من القفز من أعلى جسر شاهق للغاية. لم تشكل هذه الحادثة مشكلة رهيبة لتلك المدينة وحسب، بل منحت لكل جسر شاهق سحرًا جاذبًا لكل راغب في الانتحار. وفي التالي نقرأ مقدمة القصة الخبرية التي كتبتها الصحفية جامي جونز:

“غادرت الفتاة الشقراء الكنيسة في عصر يوم عاصف وقادت سيارتها متجهة إلى أعلى جسر (صن شاين) الشاهق. 

مرتدية حذاءً ذو كعبٍ عالٍ وفستانًا لامعَ السواد، تسلقت حافة الجسر وهي تنظر نحو المياه الباردة الزرقاء على بعد ١٩٧ قدمًا من تحتها. كانت الرياح الهادرة تحثها في مسعاها. لقد حان الوقت، قالت في نفسها. 

رفعت ذراعاها عاليًا باتجاه السماء ودفعت نفسها من على الحافة. تابعها بنظريهما رجلان في قاربيهما بينما كانت تغطس كإوزة في مياه شاطئ تامبا. 

في منتصف الطريق نحو المياه شعرت برغبة جامحة في الرجوع. لا أريد الموت، خاطبت نفسها. 

ثوان قليلة بعد ذلك ارتطمت بالمياه التي ابتلعتها كليًا ثم تركتها. كانت تصرخ وهي تخترق طريقها نحو سطح الماء.”

لطالما تساءلت إذا ما كان من الأفضل لو أن الكاتبة أوقفت وصف المشهد في اللحظة التي رمت الفتاة نفسها من حافة الجسر. ومع ذلك فإن التأثير لايزال قويًا بالطريقة التي رتبت فيها الكاتبة الأحداث.  لقد قسمت القصة إلى سبعة أجزاء، إذ فصلت كل جزء بثلاث نقط سوداء واضحة للعيان. وفي نهاية كل جزء كافأت القارئ بسرد درامي جعلته متحفزًا لقراءة بقية القصة.

قد لا نظن أن محفّزات التشويق هي أداة تنبع من داخل النص. بل نربطها بأحداث المغامرات المتسلسلة في فلم ما أو عمل تلفزيوني يحمل نهايات كبيرة. والأضخم من بين تلك النهايات هي التي تأتي مع نهاية العمل أو الفلم وتأسر فضولك وتغرقك في بحر من الحيرة والتساؤل. تأمل في العبارة التي تظهر في نهاية العمل “يتبع..”، العبارة التي تجعلنا ننتظر تكملة الجزء الثاني من المسلسل بفارغ الصبر.

ولقد عثرت على أمثلة أخرى للمشوقات الداخلية بينما كنت أقرأ بعض روايات المغامرات المخصصة للناشئة. أحمل بين يدي نسخة أول رواية من روايات (نانسي درو) الغامضة “سر الساعة القديمة”. ولأقرأ عليكم مقطع من الصفحة ١٥٩ وهي خاتمة الفصل التاسع عشر:

“قابضةً بشدة على البطانية والساعة بين ذراعيها، جاهدت نانسي درو وهي تتعثر بين الأشياء المبعثرة للخروج من الشاحنة قبل فوات الأوان. كانت خائفة من فكرة أن يكتشف اللصوص وجودها في الشاحنة. 

تقافزت بخفة على الأرضية وهي تقترب من الباب. كان باستطاعتها الآن سماع  وقع أقدام ثقيلة تقترب أكثر فأكثر. 

أغلقت نانسي باب الشاحنة وأخذت في البحث كالمجنونة عن المفاتيح. 

‘ياه، ماذا يا ترى فعلت بهم؟’ فكرت بذعر. 

عندما اكتشفت أن المفاتيح قد سقطت منها ووقعت على الأرض، انحنت وانتشلتهم. بعد ذلك قامت بسرعة بغلق الأبواب لمزيد من الأمان. 

وما كادت تنتهي نانسي من عملها ذاك، حتى سمعت همهمات لأصوات غاضبة في الخارج. كان اللصوص يتجادلون فيما بينهم، بينما كان أحدهم يعمل على إغلاق باب الحظيرة. 

لم يكن هنالك مجالٌ للهرب. شعرت نانسي أنها محاصرة. 

‘يا إلهي، ماذا أفعل الآن؟’ فكرت بيأس.”

والآن بعد أن قرأت تلك الأمثلة عن محفزات التشويق الداخلية أتحداك أن تتوقف عن القراءة. فكر في الأمر. هذا الأسلوب يبعث الطاقة في جميع حلقات أي مسلسل تلفزيوني. حتى برامج الواقع تجعلنا نتحمل الإعلانات التجارية كي نعرف أي من المشاركين سوف يتم إقصاؤه من البرنامج. وبذلك فإن أي عنصر درامي يأتي قبل التغير في الأحداث هو نوع من أنواع المحفزات الداخلية.

ورشة عمل

 ١. عندما تقرأ المؤلفات الروائية أو أيًا من الكتب الأخرى، لاحظ ما يكتب في نهاية الفصل. قيم مدى نجاح المؤلف في دفعك لتكملة القراءة من عدمه؟

٢. ركز حينما تشاهد المسلسلات التلفزيونية في تكوينها السردي وحاول استخراج أمثلة من خلال العناصر الدرامية على ما يجعلك تود تكملة المشاهدة.

٣.   إذا كنت تكتب لمطبوعة ما، تأمل في  كتابتك للمحفزات التشويقية في نهاية كل قسم من مقالك، خاصة إذا كانت تكملة المقال في صفحة أخرى.

٤.  إن كنت تكتب لمدونة أو موقع إلكتروني، تعرف على ماهية المحفزات التي يمكنك وضعها في نهاية الشاشة لجعل القراء يقومون بعناء تحريك الشاشة إلى أسفل لإكمال القراءة.

المصدر | تكوين

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads