الرئيسية » » أُتابعُ شُرب النّباتات للضّوء | أمين الربيع

أُتابعُ شُرب النّباتات للضّوء | أمين الربيع

Written By تروس on السبت، 26 ديسمبر 2015 | ديسمبر 26, 2015

يُمكنُ ألَّا أباليَ بالأمرِ،
حقِّي بألَّا أباليَ بالأمرِ مرَّةْ
أضمُّ الصَّباحَ كما هُوَ 
عارٍ من النَّبأ المستَفِزِّ، ولغوِ المدينةِ،
والمكَنَاتِ، وباعةِ غازِ الأنابيبِ،
والزُّملاءِ بـحُكمِ الوظيفةِ، 
والواجباتِ المُقرَّةْ.

حقِّي بألَّا أباليَ بالأمرِ مرَّةْ
يكونُ ليَ الصُّبحُ والليلُ حُرَّاً
وأهجسُ هل أعملُ الشايَ أخضرَ
أم قاتماً كالحقيقةِ؟!
هل أحفِرُ الليلَ عن عالمٍ غلَّفَ السِّرُ آفاقهُ
أم أُخدِّرُ تَوقي بفيلمٍ جديدٍ 
يُحاكي أساطيرَ لم تكُ تُقنعُ 
إلَّا رُعاةَ الخيالِ البسيطِ،
وحوشٌ تـجزُّ رِقابَ وحوشٍ 
لكي لا يُسيطرَ أيٌّ من الطَّرفينِ على الأرضِ
رُغمَ اتِّساعِ المجرَّةْ.

حقِّي بألَّا أباليَ بالأمرِ مرَّةْ
أُتابعُ في الصُّبحِ أُغرودةَ الطَّيرِ يشدو بحمد الإلهِ 
ويغدو ليجمعَ رزقاً،
وقد لا يكونُ سوى الرزق للآخرينَ 
برُغمِ شديدِ الحذَرْ!
رديفٌ لسِرِّ الجمالِ كمونُ الخطَرْ.

أُتابعُ شُربَ النَّباتاتِ للضَّوءِ،
سَعيَ الخنافسِ فوقَ غُصيناتِ عوسجةٍ 
تتفرَّعُ مثلَ العوالـمِ،
في كلِّ غُصْنٍ حياةٌ وسِرْ.

أُتابعُ أسرابَ نملٍ تـجدُّ لخزنِ الحقولِ بثقبٍ،
وقطعانَ ضأنٍ تَـخُبُ براعٍ 
يسُلُّ بشبَّابةٍ خيطَ أُسطورةٍ من هواءْ ..
حياةٌ تُعاندُ وحشَ الهباءْ ..
وفي برعمٍ حجمَ أحلامِ طفلٍ ينامُ الأثرْ.

أُتابعُ في الليلِ ضَوءَ "اليراعةِ" فوقَ سياجِ النَّباتاتِ
يُنذرُ خَصْماً ويدعو رفاقَ الولَهْ
أُتابعُ صَرَّ الجنادبِ يُعلنُ أنَّ الظَّلامَ
لِثامٌ لسِرِّ الحياةِ تُكشِّفهُ الأسئلةْ.

أُتابعُ حفَرَ صغارِ "الشَّياهمِ" في حقلِ جاري
تُنقِّبُ عن عُقدةِ الجذْرِ مثلَ البشَرْ.

أُتابعُ غارةَ بومٍ على قطَّةٍ 
تتسلَّلُ للصَّيدِ بينَ الحشائشِ
والبَدرُ مثليْ يُراقبْ،
أُتابعُ صَفوَ المكانِ وهمسَ حفيفِ الشَّجَرْ.

أُتابعُ تشكيلَ أجرامِ هذا الفضاء 
فيرتعشُ القلبُ.. 
آهٍ.. ضئيلٌ أنا في حسابِ الوجودِ 
وسيرِ الأبَدْ
ضئيلٌ كأنـيَ في الخلْقِ لا شيءَ 
أو لا أحَدْ
أُتابعُ ما يكشفُ السِرُّ من وجههِ تحتَ ليلٍ
وأصغي لصوتٍ خفيضٍ برأسي: 
سيبلُغُ هذا الفؤادُ بيومٍ مَقرَّهْ.

حقِّي بألَّا أُباليَ بالأمرِ مرَّةْ
أضمُ حياتي كما أشتهيها
فلا دمعةٌ للضَّحايا ولا خوذةٌ للجنودِ 
تُعكِّرُ يومي،
ولا يَشغلُ البالَ 
نقصُ الغذاءِ ببلدانِ عالمنا الناميةْ
ولا ساسةُ الأمرِ والشَّعبُ والحاميةْ
إلهي .. 
جمعتَ التَّناقضَ والإنسجامَ بذاتٍ
تتوقُ لخرقِ الحواجزِ عبرَ الممَرْ
وتبقى الحياةُ مساحات فكرةْ.

يموتُ صبيٌّ بـحيي .. فأطرقُ،
ماذا يُغيِّرُ في الكونِ موتُ صبيٍّ؟!
ففي كلِّ يومٍ يُلاقي كثيرٌ من النَّاسِ ذاتَ المصيرِ
ويبقى الصِّغارُ يفرونَ للهوِ، 
والنَّاسُ يشرونَ خبزاً ولحماً،
وأهلُ السِّياسةِ يستمرئونَ الأكاذيبَ،
يبقى المدينُ مديناً .. 
ويبقى العليلُ عليلاً،
ويَسْخَطُ غاسلُ موتى يـحلُّ مكانَ زميلٍ مُجازٍ
فبعدَ قليلٍ عليهِ اصطحابُ صغيريهِ للبيتِ
والميتُ يُفسدُ كلَّ المواعيدِ،
دوماً يُغيِّرُ موتٌ مواعيدنا والقدَرْ
وحقِّي بألَّا أُباليَ مرَّةْ.


* شاعر من الأردن 



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads