لم أعدم طوال حياتي، من شخص أعرفه معرفة جيدة، أو بسيطة، يستوقفني على الرصيف، أو تجمعني به سهرة، أو يجلس أمامي على مائدة، ويسألني سؤالاً، فأجيبه مستخدماً أعلى مستويات تفكيري ومعرفتي، فأفاجأ، ليس فقط أنه يرى جوابي خاطئاً، بل أيضاً سطحياً وساذجاً، بادئاً بشرح نظريته بما لا أدري ما إذا كان مديحاً أم تقريعاً: (ولووو يا منذر.. بعرفك أعمق من هيك). عندها، يسقط في يدي، وأحار كيف لي أن أعيد اعتباري في نظره، وأعود عميقاً كما يعرفني!؟
في الماضي عند صعود أول إنسان إلى القمر، كثيرون أخبروني أن ما شاهدوه ليس سوى فيلم من الخيال العلمي مصنوع في هوليود، ثم عند تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك، ولليوم ما زال هناك من يؤكد أنه صنيعة المخابرات الأمريكية نفسها، إلاّ أن السنوات الأربع الماضية والتي شارفت أن تغدو خمساً، كشفتني على حقيقتي، وكشفت للجميع ضحالة مستوى تفكيري السياسي- السياسي وليس شيئاً آخر اسمحوا لي بالتحديد!!؟ ذلك أنهم في أحيان كثيرة كانوا، كما سترون... محقّين!؟:
1- الربيع العربي
والله، لو أن أحداً قال لي، منذر مصري يصدّق بالربيع العربي، لكذّبته!. نعم.. أعلم أنك لست من أسماه الربيع العربي، ولكنهم فعلوا ذلك، ليخدعونا ويضحكوا علينا، ووسائط الإعلام العالمية التي تذكرها، يملكها أناس، وجهات معروفة وغير معروفة، أقوى من الدول، وهي لا تعمل إلاّ لحسابهم.
2- حرية
معقول يازلمة، واحد مثلك يصدّق، أن تلاميذ بعمر العاشرة أو حتى الثالثة عشرة، يكتبون على جدران مدرستهم (حرية حرية)، دون أن يدفعهم أحد للقيام بذلك. أطفال كهؤلاء!؟ ومن درعا!؟ ماذا يفهمون من كلمة حرية!؟.
3- الشعب يريد إسقاط النظام
لا أصدّق أنك تصدّق بأن الشعب السوري، المدجّن منذ خمسين سنة، لمجرد مشاهدته الشعب التونسي والشعب المصري يثوران ويسقطان النظام، يثور بدوره ويريد إسقاط النظام!. الأعمى يستطيع رؤية أن هناك من خطّط ونفذّ ودفع الأموال لينزل الشعب السوري للشوارع، ثم أرسل له السلاح ليقتل بعضه.
4- الفوضى الخلاقة
والله أستغرب منك، هذا التجاهل للحقائق، وكأنك تصدّق إمكانية نزول الناس للشوارع بأي بلد في العالم، والقيام بثورات، دون أوامر من أمريكا أو السماح بذلك، وكأنك لم تسمع باستراتيجية (الفوضى الخلاقة)، التي أعلنتها أمريكا بلسان أعلى مسؤوليها منذ سنوات، هدفها نشر الفوضى والخراب في العالم العربي.
5- العالم ليس جمعية خيرية
ماذا؟؟ أحقاً تصدّق بوجود دول، غربية كانت أم عربية، يهمها الشعب السوري، وأنها ستتدخل لمساعدته وتحقيق أهدافه في الحرية والديموقراطية، الموضوع موضوع مصالح، وصراع قوى على مواقع نفوذ. والعفو منك، أخي منذر، لا أقصدك أنت، فقط الحمقى يصدّقون أن العالم جمعية خيرية.
6- الماسونية العالمية
أتظن أن دعم روسيا وإيران غير المحدود، وسياسة (أوباما) بعدم التدخل، وقلة حيلة القارة العجوز تجاه الأحداث في العالم، هي أسباب صمود النظام السوري طوال هذه السنوات!؟ ألم تقرأ (بروتوكولات حكماء صهيون)!؟ ألم تقرأ (لعبة الأمم)؟.. لا!! إذن هذا هو السبب في أنك بعيد جداً عن فهم كل ما يحصل، (الماسونية) تحكم العالم، وهي لا تريد أن يسقط النظام السوري بأي ثمن.
7- الضربة الصاروخية
أخي منذر، أعترف بك شاعراً، أمّا في السياسة، فقد فاجأتني أنك لا تفقه بها شيئاً على الإطلاق.. (أوباما) لم يشمّر عن ساعديه ويحشد أسطوله الحربي ليقصف الأسد بالصواريخ، بل بالعكس، لينقذه من ورطة الأسلحة الكيماوية، أولاً لأنها تشكل خطراً عليه نفسه، فمن الممكن أن يسرقوها منه ويقصفونه بها، وثانياً كي ينجيه من تهم وعواقب استخدامها، إذا بقيت في حوزته. ولو لم تقم أمريكا بهذه التمثيلية الخلّبية لنفّذت إسرائيل الضربة بنفسها. التحدث في السياسة، أخي منذر، يحتاج لبعد نظر.
8- الخروج السوري الكبير
بغض النظر عن المظاهرات والتجمعات التي شارك بها بعض المواطنين الأوروبيين، الذين كانوا يبحثون عن فرصة، لا تكلّف أكثر من عدّة يوروات، ليبرهنوا لأنفسهم أنهم متحضرون وإنسانيون. فهل حقاً تعتقد أن الحكومات الأوربية تتقبل هذه الأعداد من اللاجئين السوريينلوجه الإنسانية!؟ غايتهم، حبيبي منذر، أن يفرغوا سوريا من هذا الشعب الذي أثبت أنه شعب حي، وشعب عظيم، لتفقد سوريا أي أمل لها بالمستقبل، ولا أستبعد أن يكون هدفهم، تسليمها لداعش، كيلا تقوم لها بعد اليوم قائمة.
11- العاصفة الرملية
ماذا!!؟ العاصفة الرملية التي ضربت سوريا، ومنطقة الشرق الأدنى كاملة، تقول، نتيجة عوامل طبيعية!؟ يبدو واضحاً، أنك عديم المعرفة بعلم الأرصاد الجوية، ولا يهمك كيف جاءت هذه العاصفة إلى المنطقة، ولا من أين جاءت بالرمال التي حملتها معها، ولا لماذا في 9/9/2015 بالذات.. اليوم الذي استولت فيه جبهة النصرة على مطار أبو الظهور العسكري!؟
أمّا سؤالك: من المستفيد الأول من دخول الجيش الروسي سوريا؟ فالجواب هذه المرة لا يحتاج إلى عمق... الطائفة الأرثوذوكسية..
نقلا عن هنا صوتك
