الرئيسية » » نابلس لا تحبُّ أحداً | طارق العربي

نابلس لا تحبُّ أحداً | طارق العربي

Written By Lyly on الثلاثاء، 2 يونيو 2015 | يونيو 02, 2015

حساب قديم
نابلس لا تحبُّ أحداً
والنساءُ  في المدينةِ العلمانيات اللواتي كن يقدن المظاهرات
النساءُ اللواتي كنَّ يخرجنَ بالفساتينِ في السبعينياْتْ
النساءُ اللواتي هتفنَ للشيوعيينَ طويلاً، المعتقلاتُ السابقاتُ،
اختفينَ دون أن نعرف إلى أين ولماذا
وليس للجبال علاقةٌ بذلك
ليس لأحد علاقةٌ بذلك.

نابلسُ لا تحبُّ أحداً، لا الشعراءُ، لا الرواةُ،
لا الملائكةُ
ولا حتى نفسها
وهذا يكفي.



جواز سفر
جميعهم يريدون جوازَ سفرٍ أجنبي ويرغبون بوظيفةٍ عموميةٍ وسيارةٍ كوريةٍ على الباب.
المرأةُ والعتالُ المريضُ ونادلُ المقهى...
الرجل الذي تزوجَ من ابنة عمهِ أولَ أمسِ،
والفتى الذي التحق بجهازِ الأمنِ في الأسبوع الماضي
مخرجةُ الأفلام المبتدئة وصديقاتها
الجميعُ يفكرونَ بذلك، الشهداءُ والوزراءُ الجدد
والفتيةُ الذين لحقوا بموسى إلى البحر
بالأساس كانوا يفكرون بذلك،
على سبيل الحياة التي في مكان آخر
والتي تخلى عنها الجميع
وأنا أيضاً أرغب بذلك
وأفكر في بلادي التي ما عاد يحبها أحد.



قارئة من السودان
لدي قارئة من السودان
تذكرني بوجهِ طالبةٍ كانت ترفع يدها
كأنَّها تريد أن تقول لنا كلمة

تذكرني بصديقٍ يبحث عن امرأةٍ لطيفةٍ وكلبٍ
ويعيش في الطابقِ الأخيرِ في بنايةٍ مهجورةٍ
تذكرني بقطيعٍ من الخيولِ يركضُ في البراري
وبعشرةِ نساءٍ من غزةَ
كنّ يقطفنَ حقلَ اليهودية
من أرضهن في الجنوب البعيد. 

لدي قارئة في السودان
كأنها تمشي في الغرفةِ المقابلةِ وعلى بعدِ خطوتين مني
تحاول وضع النافذة في مكانها الصحيح
كأنها تحاول ذلك وفي كلِّ مرةٍ ينكسر بيدها
الزجاج.



بيت
أريدُ بيتاً على رأسِ الجبل
بيتاً بحديقةٍ وبابٍ خارجيٍّ وشبابيك
تطلّ على أريحا من الشرق
مثلَ بيوتِ الأعداءِ أعالي الجبالِ
صامتٌ ومبتهجٌ وباتتظاري
على مداخله أتركُ شجر أحبّتي والوصايا
ويتسعُ للأصدقاءِ يومَ السبت
وليسَ مهماً أن يكون في البيتِ امرأةٌ تشبهكِ
وليسَ من الضروري أن يكون للبابِ قفلٌ
أريده من أجل أن أشير إليه: هذا بيتي وإخوتي
يسكنونَ هناك
ولا ذنوبَ لي على يد أبي.



وقت إضافي
لم أكن أريد شيئاً
سريراً من الحديدِ وطاولة للكتابة
ووقتاً إضافياً لألعب مع الكلمات
وقتاً إضافياً لرجلٍ يرجع من العمل
يلقي التحيةَ على الماضي
والأشجارِ والأبوابِ
ثم يذهبُ إلى الغرفةِ والطاولةِ
وسريرِ الحديد وينامُ بثياب البارحة.

لم أكن أريد شيئاً
أكثرَ منكِ
أكثر من نافذة
وباب.



لحظة واحدة
في اللحظةِ التي يستيقظ فيها العمالُ
في اللحظة التي يمدونَ الأيدي فيها إلى المائدة
أدركُ أن العالم كله عمال
وأني لستُ بحاجةٍ لأن أكون أكثر من ذلك
مجرد عاملٍ على هامشِ الهامشِ
أكبر أحلامه ساعة نوم إضافيةٍ،
وأن يصف لك ذلك المشهد
حين يرجع من هناك: كنا عشرةً حول المائدةِ
وتناولنا الحمص والفول.



حجب أبي
قولي لأبي أني  لم أنتبهْ
أنه ناداني ولم أنتبه
وأخبريهِ أني أحبهُ
وأني أطعمتُ طيري من خبزي
لم أقلقْ راحةَ الموتى
ولم أطرق باب أحد
و قولي له أنه الصانع...
وأني واصلتُ الأمرَ بالحجب التي صنعها
لا فضلَ لأحدٍ عليَّ.



ذنوبي الصغيرة
الذنوبُ التي ترجع معي إلى البيتِ
الذنوبُ الصغيرةُ التي حبستُ المطر
نصفُ كيلو الكاكا الذي أكله الميزانَ ونسيته
نصفُ الكيلو الذي سأستبدلهُ بخبرٍ عن المجزرة الاخيرة
وأذهبُ الى النوم
نصفُ الكيلو الذي سيطعم خمسةَ أطفالِ دون أسماءْ
نصفُ الكيلو الذي يترك القصيدة دون بلاغةٍ
وأذهبُ به لأجادل اليهودي
لن تصدقي أنه السببُ في حبس المطر
ولن تصدقي أنه يستطيع أن ينفض الغبار
عن شجرة الكاكا في الجنوب.



خذلان
جرّبي أن تحكي خبراً عن ارتفاع المحروقات في الباص
أو أن تحكي لصديقتك في العمل عن ارتفاع الاسعار
ثم رتبي البيت الأثاث والأواني والصور القديمة
ثم تحدثي مع العاطلين عن العمل،
المزراعين، الموظفين، والبنائين الموتى،
ثم جرّبي أن تستمعي لصوت البائع في السوق،
انتبهي لعربات الخضار
لصوت الفاكهة في برادات التخزين
لهيئة الحمارِ الحزين
انتبهي لصوتِ البرد
ثم أغلقي الباب واستمعي
كيف يتحدث الجميع بلغة واحدة عن الخذلان؟

* شاعر من فلسطين 



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads