الرئيسية » » حِكَايَةٌ إِضَافِيَةٌ لِلْقَوَّالْ شعر : السمّاح عبد الله

حِكَايَةٌ إِضَافِيَةٌ لِلْقَوَّالْ شعر : السمّاح عبد الله

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 24 فبراير 2015 | فبراير 24, 2015


حِكَايَةٌ إِضَافِيَةٌ لِلْقَوَّالْ 
شعر : السمّاح عبد الله

تدخل الليل الكبير وحيدةً والدمع يمشي في العيونْ
ليتها قالت لقوّالِ الحكايا : أرهقتني الخاتمةْ
ليتها اقترحتْ عليه نهايةً أخرى وبدّلت الحوادثَ من بدايتها
بحيث تتيحُ للحكَّاءِ أن يبصِرَ في لهفتها حجمَ الحنينْ
لكنها ااستندتْ على لوعتِها ساءلته :
كيف تعطي قاتلا حقا بأن يبكيَ مقتولته ؟
أعطته برهانا على أن الشتا لا يمنحُ العشاقَ
دفئا كي يصيدوا سمكَ البحرِ وكي يبكوا بما فيه الكفايةُ
من تصاريف المنونْ
غير أن الحاكي لم يكن يقصدُ من قصتِه
بعدا سوى ما تقتضيه حبكةُ القصةِ
في أحداثها وشخوصها المُتَقَتِّلينْ
لم يستطعْ أن يلمحَ الدمعَ الذي كتمتْه في أعماقها
واصل قصَّتَه كما لو كان في حفلٍ من الناسِ الذين أتوا
على دقِّ طبولِ العازفينْ
وحكى عن بطلِ القصةِ في حيرته بين حشيش الحبِّ في حيطانِ أبنيةِ المساءِ
وبين خائنة القلوبِ بحائطِ الدير كما يحكي عن الفارسِ في الحربِ
وعن جولاتِه بحياديَّةِ أهلِ القصةِ المتمرسينْ
كانت إبنةُ الطرقاتِ قصدًا لربيبِ الديرِ
كان الراهبُ الساكنُ في الديرِ - على حسْبِ روايتِه –
له فلبٌ يضمُّ اللهَ والمعشوقَ في آنٍ
وما كان به شِرْكٌ ولكنْ كان يقدرُ أن يُنَحِّيَهُ
إذا ما جاءه الليلُ وقد أعطاه في طولِ النهارِ
الصواتِ كما يجدرُ بالمأخوذِ في حضرةِ آخذهِ المُعَلَّى في تجاويف السنينْ
كي يعسَّ إلى هوى المعشوقِ في طرقاتِه
يتبعُ آثارَ خُطاهُ في الممرَّاتِ وفي حاشيةِ الأسواقِ
فوق مناضدِ الباراتِ في تجويفِ حائطةِ المراقصِ والجفونْ
كي يُدَحْرِجَ في يديه الصلواتِ كما يليقُ بذاهلٍ متساقط دمه ويتبعه أساهُ
كان يسترسلُ في السردِ كما يجدرُ بالقوَّالِ
حتى شاهدتْ قِطَعًا من الدمِ في حكايتهِ على جلبابها الملهوفِ
تسري كي تمس شغافها المفتونْ
فاستدارت في اندهاشتها وقالت :
كيف تعطي قاتلا حقا بأن يبكيَ مقتولتَه ؟
لم يجبها
واصل الحاكي حكايتَه بأنْ وصف اختلاطَ الدمعِ – دمعِ الراهبِ الملهوفِ –
في بُقَعِ الدماءِ - دماءِ مقتولتِه – في عريها المظنونْ
ساءلتْ : كيف استحالت خاطئاتُ الليلِ قصدًا لربيبِ الديرِ ؟
قال : ستكبرُ الأيامُ في كفيكِ ذات ضحًى
وذات هوًى
وساعتها ستحترقين في حَرِّ السؤالِ المُرِّ في شجر البنفسجِ في عزفِ الأنينْ
نفَّضتْ ألقَ الكلامِ لتعرف المغزى وقالت :
أيها القوَّالُ زدني إن جلبابي مُثَقَّبَةٌ حواشيه
لفرْحِ الحكْيِ كان يُلَمْلِمُ الأحداثَ من قُدَّامِها
ويشُدُّ في يدِ راهبِ الديرِ ويستجمع في عينيه
بُقْيا إبنةِ الطرقاتِ في موعدها لما يخونْ
سألته : أيها الحاكي مواعيدي ستأتي مرةً أخرى إلى قرميدةِ السقفِ لكي تطرقَ بابي
فتمهَّلْ كان قد أنهى حكايته ولَمَّ بضاعةً أسيانةً في جيبه المحزون
لم يستطعْ أن يلمحَ الدمعَ الذي كتمتْه في
أعماقها سار إلى شوقِ حكايتِه كان بطيئا مثل من يحملُ في كفيه آلافَ الحكايا
وقديمًا مثلما يجدرُ بالقوَّالِ لم يتبقّ من خللِ الشبابيكِ التي في قصةِ الراهبِ والمعشوقِ إلا قِطَع الدمِ في جلبابها
تسري تمس شغافها المفتونْ .
ليتها قالت لقوّالِ الحكايا : أرهقتني الخاتمةْ .

يونيو 1994

من ديوان "قبو الثلاثين"
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads