الرئيسية » » نحن دمى الساقي | هرمس

نحن دمى الساقي | هرمس

Written By Lyly on الاثنين، 2 فبراير 2015 | فبراير 02, 2015

ماذا يبقى لديّ الآن سوى أن أدخّن بشراهةٍ وصعوبةٍ داخل رحم الوحدة العسكرية، الشيخ محمد عمران، الشيخ إمام، شوبان، أُدير وجهي عن خرافات الميديا، حظر التجوال يصيب شعبًا كاملًا بالذنب فينفذونه. لو أنني كنت أنا من ثلاثة أعوام لكنت بكيت، لكنني أنا الآن وقد تصلّب غلافي جيدًا، يشدونني بالسلاسل للخارج، يقصفونني بدماءٍ وبحجارةٍ وبرصاصٍ وبنادق، وأنا متمسكٌ بأغنياتٍ تتفتت. عليّ أن أُجَهِّزَ أغنيةً جديدةً دائمًا، رغم كل ما يعنيه هذا من النوستالجيا المرجأة، أعي جيدًا أن شعوري بانهيار الخارج مؤقتٌ وعصابي، حظر التجول في بالي المفخخ لتمر فكرةٌ شاردة، لو كانت وحيدةً سأصطادها، سأتحرش بها، وشرطةٌ في بالي، تطارد، وتتعقب، وشياطين بالي يبرزون ألسنتهم صارخين، وجيش بالي، يغرس نحاساته في عنقي
ويمسمر كتفي بالنجوم.


***

ها هم ينبتون من تخيلاتك ويملأون البار والشارع والتاريخ والحتمية والموت. هذا طار عقله وذاك كوته اﻷحلام.
منذ البارحة والنسور تحوم حول جثتك. شيءٌ ما يمنعها من الغوص عميقًا في الجيفة. الصلوات أيضاً معلقةٌ على الجدار. الكائنات تتوقف من حولك. خطوتك العارية تتمرغ في المجهول. ها هم ينسلّون من المجارير بوجوهٍ تتساقط من الجوع. نائمون على اﻷرصفة باﻷفرولات. مقتولون تقريباً. المعنى يغادرهم بسرعة. يوقنون بدأبٍ أن الجحيم اﻵن. هنا حيث الخزائن فوق الذهب مرفوعة. هنا حيث الجغرافيا مصممةٌ على الفعل. تنعدم القدرة من الشعب. يتدحرج عميقًا في الوحدة ويغيب. على الأطلال تنمو وردة. طالما كانت تلك الزهور فائقةً وكافرةً بالعذاب. العذاب الذي ينتجها كالصحفِ مملوءةً باﻷخبار. إنهم يخرجون من الحاجة. إنهم يعنونون الأزهار. على عظامهم انحفرت الأقواس الملونة. عند حافة الأفق. يتركون خلفهم مفاتيحهم الرصاصية. يهبطون بصخب. إلى دوائر أعمق.


***

أحلم أني نوح وأن كبير العسكر يساومني لآخذه معي وأن الدهماء تغزو القلعة حيث أصنع شايًا للجنود وأن عجوزًا ترشد أزواجًا من الحيوانات إلى حيث أستبق الموعد في كل مرة وأعفق ملقيًا بنفسي وحيدًا في صحراء ليليةٍ مليئةٍ بالمؤامرات فأقتل من يعرقلونني وأعود لفُلكي لأعد الأسود والجمال والصقور وأنظر لعمق هاوية السماء متى ستغور وينقلب وزن الأفلاك وفي انتظاري تسقط ملابسي وأتعرى عضوًا عضوًا مع كل ركنٍ يكتمل من أركان الطوفان.


***

جاءت القصيدة ولم يأتِ التبغ فخرجت للتبغ. في الجيش. كم هي خالية الحياة في الجيش. همومي التي كالرمال حارّةٌ ودقيقة. رأسي سحابةٌ من سماء يونيو. بنت بحرٍ وخاليةٍ كم هي الحياة. جاء التبغ وانصرفت القصيدة خاليةً وخفيفةً كساعة الراحة. زملائي يغنون. إننا عراةٌ تمامًا كمقاتلين لا يبقى لنا إلا الغناء. وأنا في لحظتي الوحيدة أرخي الصحبة عن روحي قليلًا لتضيع. وحين أجالس وجهي وأنا أحلق، لا تلتقي أعيننا، إذًا، أين ضيعت روحي لأمشي الخطوة المعتادة هكذا خفيفًا كريشة. كصدفةٍ شقراءَ طرحها الموج في يد صبيٍّ أصهبَ بنمشٍ خفيفٍ على وجنتيه.


***

أغضِبوهم. سدُّوا عليهم فُرَجَ حياتهم البائسة وأغضبوهم. ازرعوا الشك في قلوبهم وحولوا النوم بين أعينهم لترابٍ وصديد. لونوا وجوهكم بأزرق الإفاقة من الوهم كسِّروا شاشاتِ أحلامهم المريحة وانزعوا عن قلوبهم الأمل. اصفعوهم بكفوفكم الآن سيصفهم الرصاص. أحيلوا اللبن الفاسد الذي يجري في عروقهم المرهقة لدماء. سخنوا القِدر الذي ينتظرون فيه أن يؤكلوا. ضعوا مقودهم في أيديهم الراجفة وعلموهم الحوادث. إنكم إن لم تفعلوا غلبهم الموت الحي وساحوا في جحيمهم العاطلة يتبادلهم الأسياد بأسبقية الصحو عليهم. عذبوا عقول العامة. اخذلوا سهولتهم. تربصوا لهم في راحتهم وأفسدوا عليهم موتهم الرخيص.


***

الصباح عاملٌ عجوزٌ يقرأ طالعه في جريدةٍ بينما يتمايل المترو آكلًا أعمار ركّابه التي قضوها راحلين. لا يتبين لك أصل الأزمة. هل أنهم يظنون أنهم قارّون هو الأصل؟ أم أنهم يحتقرون الرحيل؟ وعمومًا لا يدخل العصفور من النافذة. لا يجد خبزًا مفتتًا أو قطرة ماءِ على الأرض. والنهار يحمر تدريجيًا في أغسطس حيث لا يختلط الحشيش والكونياك. وعندما تكون مُوجَّهًا بخنجرٍ في جنبك لا تبدو لك خياراتٌ كثيرة. فقط أن تضع الأغنية تلو الأغنية في رأسك والذكريات التي تجنبتها طويلا تتفتت. لا يبقى شيء. كرواناتٌ وأرانبُ ونمورٌ وثعابينُ تغادر رأسك في طابورٍ طويلٍ نحو السفينة. نوح بحلة السهرة وكأسٍ من الأبسينث يوزع ابتساماتٍ على الركاب. وأولاده يجمعون ثمن التذاكر من الذئاب الآن.


***

الليل ضابط كئيب يمر على نوبات الحراسة في ميكروباص يتحشرج على الطريق الرملية. يمكن للخلود أن يشبه تفتيشًا طويلًا من هذا النوع، وعمومًا لا ينبح الكلب في ليل الصحراء، لا يجد مسافرين أو تائهين أحياء. والليل يطول تدريجيًا كل يومٍ في سبتمبر حيث يعشق الشاي التبغ، وعندما تكون معطل الفكر ووحيدًا وكئيبًا يموت الوقت بسهولة. ترى أفكارك تغادر بحر روحك وتنفق على بعد خطواتٍ في الرمل. أكبر أفكارك تزحف في الرمال وكل مرادها أن تجد الشجرة التي يتوق لها الزوجان. وخارج الأسوار حيث القصر، يمسك جبارٌ مشعلا بيدٍ وجرة ماءٍ بيدٍ ويستعد لأكبر سقوطٍ في التاريخ.



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads