الرئيسية » » أنا من الناس الذين لا يحبون النوم | محمد بنميلود

أنا من الناس الذين لا يحبون النوم | محمد بنميلود

Written By هشام الصباحي on الجمعة، 9 يناير 2015 | يناير 09, 2015


أنا من الناس الذين لا يحبون النوم، أجد فكرة النوم فكرة سخيفة، أسخف حتى من الموت.
تكون مستيقظا تعمل، تقرأ، تكتب، تأكل أطعمة لذيذة، تشاهد فلما مسليا، ثم بعد ذلك يتوجب عليك أن تنام، أن تضطجع على السرير ببلاهة منقطعة النظير وأن تنتظر أن يغمى عليك.
لا أستطيع أن أستوعب هذه الفكرة المبهمة، فكرة النوم. طيلة ساعات متواصلة أنت نائم، عوض أن تكون مستيقظا وحذرا، تسلم نفسك للأعداء دون مقاومة، جندي نائم في خندق، جيش نائم في الثكنة، يا للعبقرية!
يبدو لنا مشهدا عاديا مشهد شخص كان يحدثنا ثم بعد ذلك قام وحمل بطانية ووسادة طويلة متدلية من تحت إبطه وقال إنه ذاهب لينام. هذا ليس مشهدا عاديا بالمرة، مثلما الحديث عن أشياء غير مرئية لأحد كالجن حديث غير عادي.
ما معنى أن يقول إنه ذاهب للنوم؟ في العادة حين يقول شخص إني ذاهب لـ.. يكون منطقيا أن يذهب لإنجاز شيء مهم، وليس أن يذهب ليستلقي بشكل أفقي غامض فوق اللحاف ليفقد الوعي، ليغيب بالكامل كالميت عن العالم وعن الأحداث التي تقع طيلة عشر ساعات، وفي الصباح يستيقظ كالشبح الذي يكسر التابوت ويخرج منه ليرعب المشيعين.
يستيقظ النائم كل صباح ليفطر دون أن يسأله أحد أين كنت طيلة الليل؟ لقد غبت ساعات طويلة، لقد طال غيابك لساعات يا رجل! ألم تلاحظ ذلك؟! لكنه يواصل فطوره كأن الزمن الفاصل بين اليقظة واليقظة لا يعني شيئا لأحد، ولا أحداث تقع فيه، وقد نسي ماذا فعل طيلة عشر ساعات. إنه زمن بلا دقائق وبلا ساعات وبلا زمن. إنه زمن النوم، زمن الغباء الخالص الذي لا يستطيع حتى الذكاء الخالص فهمه، زمن اللازمن. إنه مرض بلا دواء، مرض جماعي يظنه الجميع صحة وراحة. إذا كان الموت صحة وراحة حينها فقط يكون النوم كذلك. ماذا ستفعل بتلك الصحة والراحة إن كان ثمنها هو الموت، تموت من أجل أن ترتاح، هذا يشبه أن تمرض من أجل أن تصح، يشبه أن تشتري درهما بعشرة دراهم، يشبه أن تلقي الدراهم في البحر وتنتظر من البحر أن يبيع لك سمكة.
ليس هناك أسخف من النوم، تكون عندك مشكلة كبيرة عليك حلها، لكن حين يأتي الليل عليك أن تنام حتى الصباح تاركا المشكلة تكبر.
تكون عندك سيارة جديدة عليك سياقتها دون توقف، لكن عليك النوم فجأة على المقود تاركا السيارة تنقذف بك من الجسر إلى النهر لتبقى بلا سيارة، حالما داخل أعماق الماء أحلاما سخيفة لن تعيد لك سيارتك.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads