الرئيسية » » هكذا تكلم الديناصور الأخير | رفعت سلام

هكذا تكلم الديناصور الأخير | رفعت سلام

Written By كتاب الشعر on الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014 | نوفمبر 04, 2014

هكذا تكلم الديناصور الأخير
ـــــــــــــ

بَل الرِّجَالُ رُكَّعًا سُجُودَا
شَعبٌ تُرَابٌ، تَنفُثُه الخَمَاسِينُ بَينَ الحِينِ وَالحِينِ فِي عَينَيَّ، تُحرِقُنِي، أَدعَكُهَا وَأَقطُرُ فِيهَا البرِيزُولِين، عَلَى قَرَفٍ، وَأَمضِي مُتَّشِحًا بِالأَسَى وَالنَّدَامَة
فَمَن يَدُلُّنِي عَلَى طَرِيقِ السَّلاَمَة؟
فِخَاخٌ أَتَقَافَزُ فَوقَهَا(1)، لَكِنَّ السّقطَةَ القَادِمَةَ قَادِمَةٌ، كَامِنَةٌ لِي، أَعرِفُهَا بِلاَ بَشِيرٍ وَلاَ نَدِيرٍ، هَيَّا، انكَشِفِي لِي، إِلَى المُبَارَزَةِ، أَيَّتُهَا العَاهِرَةُ الخَائِنَةُ، هَيَّا، لاَ هَوَادَةَ، حَتَّى المَوتِ، بَينَنَا خَيطٌ سُرِّيٌّ لاَ أَرَاه، لاَ أَشُدُّه لاَ أُرخِيهِ، فَمَن يَدُلُّنِي عَلَى الخَارِطَة؟
أُفُقٌ زُجَـاجٌ،
وَغَيمَةٌ عَوِيـل؛
تَهطِلُ عَلَى قَلبِي حِجَارَةً سِجِّيل
لَكِنَّ عَوَامِلَ التَّعرِيَةِ لاَ تَنَالُ مِنِّي (تَخَثَّرَ جِلدِي- فِي القُرُونِ الأُولَى- إِلَى دِرعٍ صَدِئٍ، لاَ تَنَالُنِي لَدغَاتُ البَعُوضِ وَالعَقَارِبِ)، تَجهَلُنِي الرِّيحُ وَالصَّاعِقَةُ، تَعبُرُنِي مُغمَضَةً، لاَ تَدرِي بِي؛ أَنَا غَيبُوبَةُ الكَونِ، أَقضُمُ الوَقتَ(2)، لاَ يَقضُمُنِي، كِسرَةً فَكِسرَةً مُرَّةً حَامِضَة
تُفَّاحَـةً مُجهَضَـة
ثُمَّ أَبصُقُهَا فِي وَجهِ السَّمَاء
سَمَاءٌ هُـرَاء؛
صَحرَاءٌ مِن قَصدِير؛
وَشِرَاكٌ أَرِقَة
تَشُدُّ خُطوَتِي، أَعرِفُهَا، أُرَفرِفُ فَوقَهَا، سَاخِرًا(3)، أَنَا الشَّرَكُ المُطلَقُ لِلكَائِنَاتِ، سُؤَالُهَا العَصِيُّ، عَينٌ تَنَامُ وَعَينٌ تَسهَرُ الدَّهرَ، تَقرَأُ- قَبلَ أَن يَجِيءَ- القَادِمَ المُرِيب.
أَيُّهَا الآتِي العَصِيب: نَلتَقِي فِي مُفتَرَقٍ مَا قَادِمٍ أَو قَدِيمٍ، بِلاَ طَرِيقِ سَلاَمَةٍ، فَأَعرِفَكَ بِحَربَتِكَ الثُّلاَثِيَّةِ، تَعرِفَنِي بِنَظرَتِي الضَّارِعَة: "اعبُر عَنِّي هَذِهِ الكَأسَ؛ إِيلِي، إِيلِي، لِمَ شَبَقتَنِي؟"؛ فَتَسُلَّنِي إِلَى مُنتَهَاي.

(1) لَم يَنصِبهَا أَحَدٌ لِي؛ 
وُلِدتُ بِهَا، تَوأَمًا لِي؛ وَأَنَا تَوأَمٌ لَهَا. 
وَبَينَنَا كَلاَمٌ غَيرُ مَنطُوقٍ لاَ يَسمَعُه أَحَد. 
هَكَذَا، أَتَقَافَزُ فَوقَهَا آمِنًا، وَقَدَمَايَ بَصِيرَتِي الغَرِيبَة.
(2) أَقضُمُ الوَقتَ مِن جُوعٍ وَشَرَاهَة، هَنِيئًا.. مَرِيئًا. مَا أَلَذَّه، مَا أَطعَمَه! لَم يَكُن ثَديُ أُمِّي العَجُوزِ كَافِيًا، وَمَا انفَطَمْت. فَشَبَبتُ عَلى جُوعٍ أَزَلِيٍّ وَشَرَاهَةٍ أَبَدِيَّة.
(3) ذَاتَ يَومٍ، رَأَيتُ الرَّصَاصَةَ فِي مَكمَنِهَا البَعِيدِ، تَستَعِدُّ للانطِلاَق. لَم تُكَلِّمنِي، لَم تَغمِز لِي بِعَينِهَا الوَحِيدَة. لَكِنِّي رَأَيتُهَا. وَدُونَ أَن تَقُولَ لِي، عَرَفتُ الهَدَف.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads