الرئيسية » » أَزْدَحمُ بالممالك | عبد المقصود عبد الكريم | العدد الرابع والستون | سلسلة كتاب الشعر

أَزْدَحمُ بالممالك | عبد المقصود عبد الكريم | العدد الرابع والستون | سلسلة كتاب الشعر

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014 | سبتمبر 23, 2014



 
أَزْدَحمُ بالممالك
 
 
شعر
 
عبد المقصود عبد الكريم
 
 
 
 
الكتاب الأول
 
 
أَزْدَحِمُ بِالْمَمَالِك
 
 
 
 
 
 
 
 
 
كتبت قصائد هذا الديوان بين عام 1976 وعام 1978
وصدرت طبعته الأولى كتاب في إصدارات جماعة أصوات عام 1980
 
 
 
I
 
مدخل
 
 
 
 
 
القاهرة، 1976
 
 
 
 
في الأرض أوقفني الترابُ
وقال: "لا تبرحْ
بدون الأرضِ لا بدءٌ"
ضممتُ الأرضَ، قالت: "لا مفرِّقَ بيننا"
حدثتُها عني؛
عن الأحلام في امرأةٍ أحنَّ من الرصيفْ
وفمٍ ألذَّ من الرغيفْ
وسألتُ:
"هل سنةٌ تجئ أجمِّعُ الأمواهَ فيها والرغيفَ، تزورني الأفراح، أحضنها وتحضنني، أبيتُ بدون أحزاني القديمةْ."
حدَّثْتُها عن مرأة بالطمي أحشوها، أنديها إذا جفَّتْ وتجذبني إليها بشرةُ الأرض الحبيبةِ إن بعدتُ، أعودُ، أزرعُها، تصير سنابلا
أتزوَّجُ امرأةً تجيد صناعة الخبز الطريّْ…
 
*     *     *
 
وأردتُ أن أحكي احتشادَ الموتَ،
أن أحكي الوجعْ
وأقولَ:
’ما تحت العمامةَ سلةٌ منها يفوح النفطُ والدينارْ‘
وأقولَ:
’تنفرطُ الدما منا فتنعقدَ الممالكُ للملوكْ‘
وأردتُ أن أحكي احتشادَ الموتِ،
أن أحكي الوجعْ،
’القاهرةْ
بوابةٌ للآخرةْ
لا بعثَ بين ديارها إلا لنفطيٍّ وصاحب سرقةٍ.‘
 
*     *     *
 
وتحدثتْ، قالتْ ككاهنةٍ عجوزْ:
"أعطيتني
أعطيكَ
مني أنتَ، منكَ أنا، فدمْ"
قلتُ:
"الذي أعطيه يكبر فيكِ
ما تعطين ينهبه اللصوصْ"
قالتْ:
"تفرِّطُ في حنيني
لستَ لي
فابرحْ فؤادي وانصرفْ."
 
*       *       *
 
وأرجُّ قلبي
أربطُ الأسنان بالأفلاكِ
أنهشها بأحقادٍ، فينهشني الترابُ
أظلُّ أمضي في التشرُّدِ
عدتُ أعرفُ أن لعن الظلمِ لا يجدي، مديحَ العدلِ لا يجدي، وخلع الشوكِ لا يكفي، وقول الشعر محضُ خيانةٍ- إن كان أبهتَ من جحيم في السماءْ-
وأظلُّ أمضي في التشرُّدِ عاشقا،
طفلا تحركه العواصفُ كيف شاءْ.
وأظل أمضي في التشرد تائها،
في جعبتي كلُّ الخرائطْ.
 
 
 
 
II
 
الممالك
 
 
 
 
القاهرة، 1977
 
 
 
 
دولةُ القلبِ جاورتْ دولةَ السلِّ وانهارتْ،
يفزع سكَّان القلبِ، يهاجرون في الجمجمة،
أنصبُ مخي خياما تقيهم شرَّ الفناء وشر النخاسة،
أنقِّبُ في الحرمانِ كنزِ الطُّهْرِ عن صدر غير مسلولٍ يقيم فيه أحبائي، ثم أموتْ.
كنتم في القلب ثقلا من العذاب والرغبة في الخبز والمياه
حيث كنتم تدفق الشعر المرارةْ
السلُّ في الرئةِ مضخةِ الدماءْ
حيث يكون السلُّ يتدفق الشعر/المرارةْ.
 
*     *      *
 
لكل شيء قلب
وقلب الرئة السلُّ
الرئة تنقلبُ وقلبُ الرئة ليس ينقلبُ،
أعدَّ السلُّ في كل تلال الأرضِ حقيبةً وتذكرةً من أي مكان في الأرضِ إلى رئتي
يقلِّبُ أرض رئتي
يزرع سنطةَ الموتِ النهايةْ.
 
*     *     *
 
لا عيش والقلبُ خرابةْ
لا موت والقلبُ خرابةْ،
افترشوا القلبَ، كلوا واشربوا هنيئا،
في هواكم يُمسَخُ السلُّ ذبابة.
 
أقمتُ في صدري جنازةً لكل المدن التي ضاعتْ،
أحببتُ القصائدَ الوجعْ
صدري جحيم يؤجج الوجعْ
أحببتُ الحيةَ والشياطينَ وآدمَ إذ عصى،
من أين العذابُ/الحرارة، الشعرُ/الوجعْ
لو استكان وظل في الجنة/الفتور.
 
*     *     *
 
فان جوخ/ السلُّ/ البومة العمياءُ/ الحبُّ.
ممالكُ
في لحظةٍ قاموا
وليس يسقطون للأبدْ.
 
 
فان جوخ
مملكة (1)
 
تتضخم الرغبةُ، تمتدُّ من العظامِ إلى العظامْ
نسري في الرغبةِ، منجما للدفء نبتهلُ للشقاءْ،
موتا يسري البردُ فينا.
تشتدُّ غربةُ الحنطةِ، نذوبُ عشقا، موقدا للطهي نبتهلُ للشبعِ القصيَّ، موتا يسري الجوعُ فينا.
كان الحزنُ حجابا بيننا وميتة الجوعِ
كان الضحكُ حجابا بيننا وميتةِ البرودةْ
تعوَّدْنا الحزنَ فما عاد حزنٌ،
تمادى الضحكُ في الغيبةِ فما عاد ضحكٌ
توحدنا والموتْ.
أتشتتُ في بيوتٍ من حجارة الكآبةْ
أعشق الذين قُوْتُهم قهوةُ السوادِ وخبزُ النهايةْ
أراك ترسمُ بالخمسين فرنكا خطًّا وهميًّا يفصلنا عن ميتة الجوع، ترسم بالإنجيل خطا وهميا يفصلنا عن ميتة التعاسةْ.
مصيبةُ الربيعِ تخرجُ من كارثةِ الشتاءْ
’هناك فقط بؤسٌ..
ألمٌ..
عذابٌ..
وعدمٌ أبديّْ‘
 
*     *     *
 
تشربُ قهوةَ السوادِ في حمَّاكْ،
إليَّ تسافرُ المرارةُ عبرَ العذابْ
تسَّاقطُ سحابا، فيَّ يزدهرُ الألمْ
تندقُّ خناجرُ الصخورِ في قدميكَ، تتدفقُ مني بقايا دمايْ
تستوعبُ الأرضَ، أعني الألمْ
يمنِّي الثرى نفسَه بمحصولٍ وافرٍ، تموتُ، تصيرُ الأرضُ جبانةً، تغوصُ في الأرضِ حيثُ لا يعرفُ أحدٌ إلى أين فلابدَّ أنك تغوصُ بغير الطريقةِ الشائعةْ
 
تعذبك الحوائطْ.
 
 
السلُّ
مملكة (2) 
 
أرى أني أبصقني دمًا
وأراكمْ تفزعونَ، من حضرتي تولُّون الفرار
أصيرُ بقعةً في الأرضِ، تتشرَّبُني الأرضُ
يجتمعُ العذابُ حولي وينفضُّ كلُّ شيءْ
كلُّ العوالمِ ظنٌّ، وحده العذابُ عالمُ اليقينْ،
العيشُ ينصرفُ والموتُ ينصرفُ والعذابُ ليس ينصرفْ.
أرى أني أبصقني دما
يجتمع العذابُ حولي وينفضُ كلُّ شيء.
 
 
البومة العمياء
مملكة (3)
 
 
أتعمّقُ فيَّ،
أراها شبحا مرعبا ومحبَّبًا إليَّ،
أعانقها، يندفع الموت إليها،
أحملها في حقيبةٍ محكمةٍ، أنفصل عن العالمِ،
أدفنُها منفردةً في مكانٍ منفردْ.
موتُها يخرِّبُ صدري
أصيرُ خرِبًا
تشيِّعُني البومةُ العمياءْ.
 
 
الحبُّ

مملكة (4)

 
 
أراكِ، تدخلينَ القلبَ، تستقلِّينَ به،
يبخلُ بالدماءِ إلا عليكِ
يسقيكِ، في لحظةٍ تكبرين،
تطرقين باب الرئةِ، يستحي السلُّ
تطرقين الجمجمةَ، تتوارى البومةُ العمياءُ،
لا سلٌّ ولا بومةْ.
يتوغَّلُ "فانُ" في دواخلي، مثلي تعشقينهُ
’غششتُكِ إذ دللتُكِ على سواي‘
أرويكِ، تجتمعينَ فيَّ وينفضُّ كل شيء،
لو تنفضين، أنفضُّ عني وأجهلُني إلى الأبدْ.
 
*     *      *
 
تنفضِّينَ، لا أنفضُّ ولا أجهلني،
أدخِّنُ لحظةً، جيِّدًا أعلمُني،
أرى أمي بالطين تواري عورتها، كان جدِّي نسَّاجًا
أراها طبَّاخةً وكلُّ أخوتي بالجوعِ ماتوا وأنا أمضغُ خبزَ المرارةْ
أدعُ ممالكَ أحزاني،
أتشتتُ في بيوتٍ من حجارةِ الكآبةْ
أعشقُ الذين قُوْتُهم قهوةُ السوادِ وخبزُ النهايةْ.
 
 
III
 
مملكة الأيتام
 
 
 
 
القاهرة 1978
 
1
 
 
حبوتُ على صدرها
منحتْني حليبَ التوتِ الطالعِ منها
غنَّتْني.
دفعتُ كسرةَ الخبزِ، تعلَّمتُ الكلام،
حرقتُ دمي، تعلمتُ الغناءَ،
غنيتُها.
أحملُها وجعًا كآلةِ الطحينِ يفتِّتُني
أحملُها سلا يجفِّفُني فلا أكون
وسرطانا يورِّمُني فيزدحم الكون بي.
أبعثُني،
أحملُها غضبًا بحجم الأرضِ
ليستْ تفيضُ مني.
 
هذا زمني،
أجئُ طالعةٌ مني سيوفٌ تشتهي مُلَيِّلَ الليلِ إذا ما أينعَ الرأسُ،
أشتعلُ
أزرعُ الشمسَ، أنصرفُ إذا حان القطافُ.
هذا زمني، هؤلاء أحبتي
يكفي ركنٌ في قلب حبيبي
يكفي كسرةُ خبزٍ مغموسةٍ بدمع حبيبي.
في الأرض متَّسعٌ لي
في قلبي أريكةٌ لكل من مارسوا طقس ختان الجُمَّيز واغتسلوا في المصارفْ
كنا نمارس طقسَ ختانِ الجُمَّيزِ، نغتسل في المصارفِ/وطنِ الملحِ والأسماك، نعشقُ الملحَ والأسماكَ، نغني:
’سمعتُ في شطِّكَ الجميل  ما قالتِ  الريحُ   للنخيل
 يسبِّحُ   الطيرُ  أم  يغني   ويشرح الحبَّ  للخميل‘
 
يقومُ الوباءُ في الأرضِ،
لا يكفي أن يكون الغناءُ جميلا
أصارعُ الوباءَ، أفقدُ بعضي، يتَّصلُ دمي بالأرض
أحوِّلُني إلى قلب الأرضِ
أورطاي هذا أم النيلُ
بديهيٌّ أن أعشقَ الأرضَ/ كيف تعشقني دون أن تذوقَ دمي
هذا دمي الرئويُّ يتدَّفَقُ فيكِ فاعشقيني
أورطاي هذا أم النيلُ…
يمتدُّ الوباءُ في الأرضِ والنهرُ يجفُّ
حوَّلْتُ دمع أمي من الجبانات إلى النهرِ والنهرُ يجفُّ
كان دمع أمي إذا سافر في السحابِ ازدحمَتِ الصحراوات بطمي من شيَّعتْهم واخضرتْ بأشجار الحزن.
النهرُ يجفُّ./ هذا سيفي
في الأرضِ متَّسعٌ لي
لابدَّ من أرضٍ بريئة وتوتٍ حلوبٍ
هذا سيفي.
 
2
الأرضُ أرملةٌ
تُزَفُّ إليَّ في عُرْسِ المطرْ
الأرضُ،
أحملها على كتفي مخافةَ أن يمسَّ الوحلُ زينتها
فيغرقَ في حشا القلبِ الوباءْ.
أغضبُ مني وأكاد أقتلُني،
أدفعه إلى سفن التذكُّرِ.
هاأنتِ ذي زوجي/ أزيحُ مني كلَّ شيءٍ، تبقينَ وسيفي،
أدخلُ فيكِ وتدخلينَ فيَّ
يصيرُ رحمُك مشتلا لغضبي،
وزِّعي غضبي على أبنائكِ اليتامى.
أبخِّرُني/ أكثِّفُني مطرًا على طمي أجسادهم
يترعرعُ سنطُ الغضب في دواخلهم.
لو بدت غابة السنطِ
لمار الوباءُ مورا وازَّيَّنت الأرضُ بالفرحْ.
 
يتيم (1)
 
اندمجتْ فجيعةٌ، صاعقةٌ، حزنٌ، ورعدٌ
جئتُ،
في سن الفطامِ جابَ قلبي عالمَ الأسى
في صرَّةٍ تكوَّرَ الأسى واحتلَّ مني القلبَ
شقَّ مسمعي صوتٌ يقول:
’أطعمْ
غذاكَ ليس نافدا
فأطعم وسبِّحْ بالأسى‘.
وجبتُ أزمانا، حفظتُ تاريخ الأسى
فما بكى طفلٌ وليس في الفؤادِ قطعةٌ تورمتْ حزنًا على عيونهِ وما بكتْ أرملةٌ وليس في الفؤادِ قطعةٌ تورمتْ حزنًا على عيونها...
أزحفُ في جبانةٍ
أمتصُّ حزنَ العالمين فيَّ
أبني القلبَ من طمي الأسى
هذا فؤادي وتواريخُ الأسى مكتوبةٌ فاقرأ، كفى بالحزنِ لك اليومَ كتابًا منه تخرجُ الصواعقُ ومنه كلُّ فتَّكٍ يبدِّدُ الطغاةْ.
-قالوا: تمرَّغْ في الترابِ تخرجْ ضاحكًا
-الأرضُ حزنٌ، هل يذيبُ الحزنَ حزنْ
-قالوا: اغتسلْ في النهرِ تخرجْ دون حزنْ
-لو اغتسلتُ ترتوي الحقولُ
بالأحزان تُثقَلُ الغصونْ.
في الأرضِ لا أزرعُ حزنا
في مياه النهر لا أغتسلُ.
أحملُ في كفٍّ صواعقي وفي كفٍّ مياه النهرِ، أمضي لأصبَّ النارَ في حدائقِ الخمورِ والغواني، أدلقَ النهرَ على جحيمنا.
أُزاحُ للحدودِ، تختفي صواعقي
ويندلق ماء النهرِ/ أنطفي،
حدائقُ الخمورِ تبقى
في قلوبنا الجحيمُ باقٍ
والعظامُ في الصحارى تنكشفْ
وحزنُ أمِّي في القرى ينكشفْ
كم خطفتْ غربانُهم أفراخَها
عورةُ أمِّي تنكشفْ،
تجمع في الحارات روْثَ الماشيةْ
يمكن للنيرانِ أن تشبَّ من جديد
في كفِّها آثارُ حرقٍ من صناعة الفطيرْ
تمضغُ قطعةً من اللِّفتِ
تشيلُ طفلها الرضيعَ
يمتصُّ الرضيعُ الملحَ من ثدي الغضبْ
يمكنه أن يبعثَ الصواعقَ، وأن يلمَّ ماءَ النهرِ، أن يمتصَّ حزنَها، ويلقي النارَ في حدائقِ الخمورِ، يدلقَ النهرَ على جحيمنا، ولا يُزاحُ للحدودْ.
 
3
 
انسابَ بعضٌ من حزني فكان السحابُ وكان النهرُ
انفلقَ بعضٌ من ناري فكانت الشمسُ وكانت النجومُ
تفرَّقَ النهرُ في الحقولِ فكان أرزٌ وكانت حنطةٌ
وطلعت الشمسُ فكانتْ سنبلةٌ وسنبلةٌ
وكل السنابلِ منك يا ذاتَ اليدِ المحترِقةْ
فدعيني ألعقْ جرحَكِ،
أمتصَّ الحرقَ في دمي يا ذاتَ اليدِ المحترقةْ.
أفتتُ الأرزة والقمحة وهي منك
فتتيني كما أفتتُ الأرزَ والقمح.
تصيرين أنا، أصير أنتِ
وزعيني على أبنائكِ اليتامى
حوليني حليبا في أفواههم/ تترعرعْ غابةُ السنطِ في دواخلهم
لو بدت غابة السنطِ
لمار الوباء مورا وازينتِ الأرضُ بالفرح.
 
يتيم (2)
 
في هامتي من شعلةِ الماردِ ما يكفي لحرق جنةٍ
في هامتي
جنِّيِّةٌ تسيرُ فوق الماءِ
تجدلُ الضفائرَ وتسحرُ الرجالَ
والعفاريتُ يضجُّون ويضحكونَ
هل رأسيَ رأسٌ أم بيوتٌ للعفاريتِ، بيوتٌ للثعابين التي جناحها من السمومِ والتي تحملني، تقذفني لحَيَّةٍ، تخرجني، تحرقني في شعلة الماردِ، هذا المفزِعِ الذي يجوب ليلَ قريتي؟
في هامتي حكايةٌ عن الذي أغرتْه بنتُ الأرضِ، صار زوجها وصار سلطانا على مملكة سفلية يحكمُ فيما لا رأتْ عينٌ ولا جال على قلبِ بشرْ
في ثوبِه الرَّثِّ يجوبُ ليلَ قريتي.
 
في رئتيَّ من دخانِ الروْثِ ما يكفي لخنقِ بلدةٍ
وفيَّ ملحٌ من عتيق الجبنِ والمخلَّلاتِ
تصبح الترعةُ لو تهضمُني كأنها بلاَّص مشِّنا القديمِ
فيَّ نارٌ من عتيق الحزنِ لو تشبُّ تحرقُ الدُّنى.
ملتصقا بالأرضِ أولدُ
كما الأطفالِ في كلِّ القرى
أحبو، أسفُّ من تراب الأرضِ تارةً
وأعجنُ الترابَ تارةً
أصنعُ كعكة الجياعِ، أطعمُ الأيتامَ حولي
وأشبُّ أطردُ الماردَ والعفريتَ
يبقى الأرضُ والأيتامُ في القلبَ
لهم مني سحابٌ
ولهم مني جنانٌ ذاتُ بهجةْ.
أشبُّ
فيَّ من هوى الترابِ ما يقيمُ كونا عادلا
ومن هوى الأيتامِ ما يجعلني أشوي الفؤادَ
أطعمُ الأيتامَ في كلِّ القرى.
 

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads