الرئيسية » » زهرة خبّازى قرمزية | وداد نبي

زهرة خبّازى قرمزية | وداد نبي

Written By هشام الصباحي on الجمعة، 15 أغسطس 2014 | أغسطس 15, 2014

الحبّ هواءٌ من رخام يا بغماليون. لا تُشكّلْني تمثالاً حجرياً كحلمٍ من مستحيلٍ لا يُطال. ما أنا إلا نايٌ حزين بيد أورفيوس، أعود من جديد إلى الغابات الموحشة كزهرة خبّازى قرمزية تنمو على حواف معزوفة النصر لأندره ريو، لاهيةً بالرقص عن الجرس الذي يقرع لحربٍ ما؛ زهرة خبّازى قرمزية تقرأ "أغنية حب" لريلكه، وتمنح عشب قلبها للوردة التي قتلت الشاعر. لا لون لي، يا بغماليون. لا حزن في عينيّ. لا دهشة تطير على كتفي. ولا ضوء يعمي ناظري. فقط زهرة خبّازى قرمزية تتحرر من اللون والضوء، لتردع الأفعى من لدغ قلبها؛ زهرة خبّازى قرمزية تشيخ في الغياب، وتعود طفلةً في الحضور، لتركض بقدمين حافيتين فوق الأرض الخراب في المدن السورية، فيلتقطها مهرّبو القوارب الصغيرة ويزيّنون ببتلاتها توابيت الغرقى.
حطِّمْ تماثيلي القديمة، يا بغماليون. ها أنا أعود من جديد طيراً، موسيقى نائية، وطريقاً طويلاً لحلمٍ حلو ينبت كل ليلة على شرفة بلادٍ غريبة؛ بلاد لها رائحة الحبّ على الملاءات البيضاء لعاشقَين قديمين؛ بلاد لا أوليس يبحر لبينيلوب تنتظره؛ بلاد لها حزن منذ الولادة موشوم بروح القصيدة، ككعب أخيل ينخر بقلب الغريب.
بغماليون، ها أنا أعود من جديد نهراً، قوس قزح، وزهرة خبّازى قرمزية. فالتقطني بأزمليك واصنع تمثالاً من الحنين لروحي الخالدة.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads