الرئيسية » » طبيعة صامتة | أمجد ناصر

طبيعة صامتة | أمجد ناصر

Written By هشام الصباحي on الأربعاء، 20 أغسطس 2014 | أغسطس 20, 2014

طبيعة صامتة

لا خلاصَ من المواعيد والبلبلةِ،لا خلاصَ من الحرائقِ التي تجيَُء في أطراف الأصابعِ، فقبلَ أن تُحكمَ اغلاقَ الثغراتِ بالطوابعِ القديمةِ والأفكارِ الحاسمةِ،
كانت الأغَصانُ تهبُّ على النافذة، فتحرِّكُ الجرارَ المسنودةَ بالحصى.

لا خلاصَ من الرغباتِ المحتشدةِ في المناكبِ والقمصان، ومن القراراتِ النهائيةِ، فالمرأةُ تجيُء في إهابٍ من أزهار الليمون، وتشرعُ في مداهمة ارتجافات اليدين، واهتزاز الطبقات الداخلية للأغنية. لا خلاصَ من البلبلة التي تفضُّ الرسائلَ الموجهةَ للجانٍ غامضةٍ، فالأقمارُ، وطائراتُ الورق تتساقطُ في صندوق البريد، والجفافُ يضربُ حافةَ السّرير. ولا خلاصَ من الجواربِ والقفازاتِ المهملةِ في أدراج المكتب ومجلدات التاريخ الوسيط، التبغِ الذي يتمترسُ في الفرجات، وفي شَعاب الأنف، إلاحتقاناتِ اَلتي ترافقُ الصباحَ الكسيرَ، أو قولَ "كلَّ شيءٍ على ما يرام"، الأغاني التي تتكومُ علي المشاجب، الطموحاتِ الضحلةِ للضابطِ المتقاعدِ في سلاح المشاةِ، نساءِ الجنودِ الشبقاتِ في الأزقة والصوَّرِ العائليةِ، "صباحِ الخيرِ" الكريهةِ لرجلِ المهماتِ الخاصّةِ، الانسجامِ الكاذبِ للمخلوقاتِ المتكئةِ إلى جدارِ المحبَّةِ،المواعيدِ والبلبلةِ، العقودِ والصفقات، والغرفِ المُشَّبعةِ بغازات الألفةِ وأحماضِ التآخي. لا خلاصَ من الأمل، والحنانِ الفاضح لموظفةِ الأرشيف، فالمهاجرون يلوكون الذكرياتِ، ويتمخطونَ، وفي الساعةِ الواحدةِ بعد منتصف الليل يتهدجون بالكحول والمواويل، ويتذكرونَ محاسنَ الأرز القادمِ من طريق التجارةِ القديمِ.

من ديوان "رعاة العزلة"، دار منارات (عمان) 1986
نيقوسيا
3/1983


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads