الرئيسية » , » مجرة النهايات | شريف رزق | الإصدار الرابع والخمسون

مجرة النهايات | شريف رزق | الإصدار الرابع والخمسون

Written By غير معرف on السبت، 7 يونيو 2014 | يونيو 07, 2014












                              

                   

 
                                                        

                 إليَّ










وَارْتضيتُ عُزْلَتي
كَمَا ارْتضَاهَا الفِرِجَارُ
يدورُ حولَ مُحيطِهِ
ولكنَّ القَدَرَ جَعَلَني ، في النِّهايةِ ، كالنُّقطةِ
في وَسَطِ الدَّائرةْ .



                    حَافِظ الشِّيرازيُّ













تَنْهَضُ بَاكِيًا
تَحْتَ مَجْزرَةِ السَّمَاءِ
لَقَدْ كَانَت الرِّحلةُ حُلْمًا
وَهَاهِيَ الطُّرُقاتُ التي ظَلْتَ تَعْبُرُ
قَدْ تَشَظَّتْ
كَحُزْمَةٍ مِنْ نَيَازِكَ
في ضُلوعِكَ ...











اِبْدَءوا بِي 
مِنْ هُنَا


بِي ، بِانْفِجَارِي 


بِالانْهِيارِ الَّذي يتعثَّرُ في سَرْدِهِ على أنْقَاضِهِ


بِي ، مِنْ هُنَا
مِنْ جِنَازَة ٍ، تَسْتَنِدُ على عِظَامِي شَارِدَةْ ...










عَمَّا قليلٍ سيبتدِىءُ الفَرَاغُ
، وَينْتَهِي الوقتُ
       ( ولاأعْنِي بِذلِكَ مَجَازَاتٍ مُحْتَمَلَةً
        أوْ نُبُؤاتٍ مَا )                                              
وَالهَوَاءُ الذي تَعَلَّقَ بِالنَّافِذَةِ
- أيضًا - سَيَنْهَارُ
، على المَدِينةِ الَّتي عَبَرَتْ
سَأَسْكُبُ ُأحْشَائِي على المَشْهَدِ العَاتي
مَائِلاً
      وَأَسْتَدْرِجُ العَاصِفَاتْ  ...














سَأَمْشِي على نَظَرَاتي البعيدةِ حَتَّى نِهَايَاتي                         
 وَأَسْتنطِقُ الجَمْهَرَاتِ الهادِرَةَ في طَرِيقي    
      رَائِحَتي تدلُّ على انْفِجَارَاتي                      
        وَألواحِي ثعابينُ الرَّمادْ ...











  

               خُذْهَاوَلاْتَخَفْ





أنْتَ أيُّها المُتمدِّدُ الذَّاهِلُ ، في بُحَيْرتِكَ السَّاكنةِ تهْـذِي ،
فلا يَصِفُ هَدِيرَكَ إلاَّ جُنونُكَ المُفَاجِيءُ ، أنْتَ الـَّـذي
تتكسَّرُ في أنَاةٍ ، سَادِرٌ في غِيَّكَ ، كأنَّكَ في عَرْشِـكَ
المَلكيِّ حَدَّادٌ ، تنهضُ مِثلَ دَرِيئــةٍ ، رُحْ أيُّها الهَادِرُ
المُتوَّجُ في خَرَابِ الدَّولةِ ، وَانْسَ الهَزَائمَ كُلَّها ولا تَنْسَ
رَأْسَكَ ، أيُّها الذَّاهِبُ ، خُذْها مَعــَــكَ ، وَاحْـفظِ
الأعْشَاشَ المنثورَةَ فيها ، حَتَّى لا تطيرَ. أنْتَ أيُّــهَا
الرَّاحِلُ الهائِجُ ، في هُجومِكَ الأعْمَى ، تَسُوقُ عَائِلةَ الضَّبابِ ، تقولُ عن الشَّمسِ : هذهِ فجِيعَتِي ، رأْسُــكَ
نافورَةٌ ، خُذْ الهياكِلَ كُلَّها ، خُذْها وَرَاءَكَ ، مَزِّقْ الهَوَاءَ
بِهَدِيرِكَ النُّحَاسِيِّ ، بِظُفْــرِكَ المَعْدِنيِّ حُكَّ الصَّــهيِلَ
            ، أيُّها الرَّاكِضُ ، في ساحةِ مَوْتِكَ ، وَحْدَكَ ، يا مُشْتَعِلَ





السَّاقينِ ، في حَقلِ الضََّبابِ ، أرْفعُ صَوْبَكَ يُمْنَايَ ، خُذْهَا وَلاْ تخَفْ ، أنْتَ يا قاتلِي ، يا حَبِيْبِي ، بِغِيِّكَ ، تعالَ أنَا جُنُونُكَ ، جَنْبِي ؛ لِنَسْرِقَ الرُّؤيَا ، أطْرافُكَ اشْتَعَلَتْ ؛ لِنَلْحَقَ الجُثَّةَ يا حَبِيْبِي ، وَنَجْرِفَ الدَّولةَ في عُهْرِهَا الوَطنيِّ ، وَنَضْحَكَ في غُبَارِ الانْهيَاراتِ ، نَسْحَبُ الموْتَ ونرْكُضُ في الأعَالي ، سَأُريكَ أعْشَاشَ السِّباعِ ، أُعْطِيكَ مَرْمَرِي ، وَأحْمِلُكَ على حِصَانِي الأزرقِ ، يَا حَبِيْبِي ، وَأضْرِبُهُ على فَخْذِهِ هَكَذا ، هَكَذا ، وَأنْتَ تَضْحَكُ ، حَتَّى يندفعَ الحِصَانُ ، رُحْ وئيدًا ، وئيدًا ، في الهَدْمِ هَذَا ، رُحْ يا حَبِيْبِي وَلاْ تَرْحَمْ ، أنَا في ضُلوعِكَ ، فَاحْترِسْ بي ، وَاحْذَرْ لئلاَّ تُوقِعَنِي في الصَّهيلِ ، أيُّهَا الجَامِحُ – أنَا وَعَائِلتكَ المُخْتَارَةَ – ارْتَعْ وَلا تَأْمَنْ ، يا حَبِيْبِي ، يَاشَرِيفْ  ...
                                                                       








          إلى ممرّاتِ الجَحِيم




كُلُّ عَاصِفَةٍ ستعرِفُنَا ، وَتدفَعُنَا إلى مَمَرَّاتِ الجَحِيم ِ، كُلُّ حَائَمَةٍ ستأخُذُنا إلى الكَوَامِنِ ، سَوْفَ تنْهَدِمُ المَدَاخِلُ الَّتي تَرَانا ، فَاتْرُكْ عُوَاءَكَ هَاهُنَا وَارْتَفِقْنِي ، وَاتْرُكْ أعَاصِيرَكَ ؛ الَّتي سَكَبَتْهَا أحْشَاؤكَ في جِيوبِكَ كَمَا هِيَ ، دَع ْكلَّ شَيءٍ على حَالِهِ ، كَمَا هُوَ، وَلاْ تَخْشَ شَيئًا على شَيءٍ ، تَعَالَ مَعِي ؛ فتأتنِسَ بِنَا الخَرَائبُ ، وَالصَّبَاحَاتُ الَّتي تَتَبرَّجُ في الأعَالي ، نحنُ في أوَّلِ الرُّؤيا، وَموْتُكَ لنْ ينوبَ عَنْكَ في هَذا المَسَاءْ                               

سَنزْدَرِدُ الفَنَاءُ ، على مَهَلٍ مَعًا مَعًا يَاشَرِيفُ  ...





                 وَلاْتَقْصُصْ رُؤياكَ على أحَدٍ




فِيمَ تُفكِّرُ ، أعْضَاؤكَ احْتَرَقَتْ ، وَإطْرَاقتُكَ المُسْتدِيمةُ تَسْتَدْرْجُ المَوْتَى، إلى هبوبِكَ ، مَاذا يحمِلُ أصْحَابُكَ المَوْتَى إليكَ ؟ ، خَفِّضْ مِنْ  صَوْتِكَ ، حِيْنَ تَلْتقِي بِالْمَوتَى الأخِلاَّءِ ، تَمَهَّلْ ، وَدَعْ  شُرْفَةً ، وَاحْذَرْ جِيرَانَكَ المُبْتَلِّينَ بِابْتِسَامٍ ترتجِفُ على جِبَاهِهِمْ بِالْكُئوسِ يداهُ ، وَهُمْ يحفرونَكَ بِالعيونِ ، فَكِّرْ ،  وَأَنْتَ تُبَادِلُهُم الابتِسَامَ بِابْتِسَامِكَ الشَّاردَ ، وَارْجَعْ  ...                          



لا تَذْرَع الحُجْرَةَ في عُوَاءٍ
             اكْتَمِلْ في انْشِطَارِكَ ...





طَوِّحْ كِتَابَكَ هَذَا ، طَوِّحْ كِتَابَكَ وَاشْهَدْ ، شَرِّحْ هَذِهِ                        
الاسْتعَارَاتِ المَضَروبَةَ حَوْلَكَ ، كُنْ هَادِئًا كَمَا أنْتَ وَأَوْغِلْ ، يَحَمِيكَ قلبُكَ الَّذي مِنْ فُولاذٍ وإسْتبرقٍ يرتفعُ               
على ميادينِ المِياهِ ، هَادئًا ، كَمَا أنْتَ أوْغِلْ ، وَدَعْ تَحَرُّشاتِ الضَّوءِ تُمْعِنُ ، سَدِّدْ خَلاياكَ ، وَعُدْ ، هَادئًا ، كَمَا أنْتَ ، وَلاْتَقْصُصْ رُؤيَاكَ على أحَدٍ ...



بنَّاءونَ ، وَشَحَّاذونَ ، وَحَدَّادونَ ، يدقُّونَ الأعْمِدَةَ في الهَوَاءِ المُواجِهِ ، سَيَّارَاتُ نَقْلٍ فارِغَةٌ ، وَسَيَّاراتٌ    أخْرَى تَزْدَحِمُ بِالفَرَاغِ ، أطْفالٌ يتبوَّلونَ على أناشِيدِ الأمَّهاتِ ، ثُغَاءٌ ، وَبَائِعَاتٌ يخْطُرْنَ على شَهَوَاتِ الرِّجالِ البنَّائينَ ، وَهُمْ يَسْتَرِيحُونَ في الهَوَاءِ المُواجِهِ
، قُرْفُصَاء ، وَيُدخِّنونَ لُفافَاتٍ تُضِيءُ بِضَوْئِهَا الخَافِتِ - على الوجُوهِ النُّحاسِيَّةِ - أشْوَاقًا تُضِيءُ ، وَمَاذَا   بَعْدُ ؟...حَيَّرتَنِي في شُرودِكَ أغْلِقْ هَذِهِ النَّافِذَةَ ، لاْ جَدِيْدْ ...



                      هُوَ ذَا فِرَاق
   




حَيَّرتَنِي في شُرودِكَ ، أَلَمْ أقُلْ لَكَ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَْبرًا ؟ ؛ فأمْهَلْتَنِي ، وَارْتَحَلْنا، جَمِّعْ عِظَامَكَ هَذِه وَاتَّبِعْنِي ، تَقَدَّمْ ، لا تُدَمْدِمْ في شُرودِكَ هَكَذَا ، أنْتَ إسْطَبْلٌ ، فَغَادِرْ ، إذًا : هَذَا فِرَاق ...







  



                     يَوْمَهَا كُنَّا هُنَا




                أنْتَ لاْ تذكُرُ بالتَّأكِيْدِ
يَوْمَهَا ، جَلَسْنَا على هَذِهِ المَائِدَةِ
خَلَعْنَا أعْضَاءَنا عُضْوا فَعُضْوا
وَابْتََسَمْنَا
وَضَعْنَا الأصَابِعَ في هَذِهِ الأطْبَاقِ
أتَيْنَا بِوَرْدٍ
الشِّفاهُ كانَتْ فاكِهَةً
    والعُيونُ مَصَابِيح المَسَاءِ
أنْتَ لاْ تذكُُرُ بالتَّأكِيدِ
يَوْمَهَا ، فَرَشْنَا مَائدةً مِنْ لَحْمِنَا
، وَانْتَبَهْنَا إلى جَلَبَةِ المَوْتَى الضُّيوفِ
، وَهُمْ يدخُلونَ علينا مِنْ كُلِّ بابٍ
، ... سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ
     سَلامْ 

أَنْتَ لاْ تذكُرُني يَاشَرِيفُ ؟ .
 
    




























                            جُثَّتي المحتَمَلَةُ
   

                         1  
            


أَهَذِهِ جُثَّتِي ؟ اِحْمِلُوهَا مَعِي أيُّهَا المَيِّتونَ - كَقَضَاءٍ نَائمٍ  - على الأعْنَاقِ ، وَانْطَلِقوا بِهَا صَامِتينَ ، وَئيدًا بِهَا ؛ بِالمشِيئةِ المُسْتَرِيْحَةِ على أعْنَاقِكُمْ . هِيَ اكْتَمَلَتْ فَافْرَحُوا ، وَارْفَعُوهَا عَاليًا ، وَارْكُضُوا . أقدَامُكُمْ أجْنِحَةٌ تَتَصَاخَبُ في فَضَاءِ النِّهَايَاتِ، لنْ تُفْلِتوا ، سَتَرْفَعُكُمْ إلى نهايَاتِ البيَاضِ، سُكارَى شاخِصِينَ ، تنبَّهوا ، وَاشْهَدوها ، سَتَنْزِعُكُمْ من أعْضَائِكُمْ ، وَتَخْتَفِي ، وَتَتْرُكُكُمْ على المَعَارِجِ تلهَثونَ ..                               

                         أعِيْدِيْنَا

سَنَرْمِيكِ أيَّتُها الكَامِنَةُ بِالنَّدى وَالزَّعفرَانِ
، طَالِعِيْنَ على الصَّباحَاتِ الشَّرِيدةِ 
، هَادِئينَ ؛ حَتَّى لانُزْعِجَ انْشِغَالَكِ في الأعَالي ، أوْ يُزْعِجَكِ النِّداءُ ذو الأجْنِحَةِ المُسْتَرِيْبةِ ،
 وَاللهيبِ ،
وَليْسَ علينا سِوَى مَاعَلَينَا :
 حَنُوطُ النِّهَايَاتِ وَأعْوِيةٌ ..

                     ضَعِيْنَا في غِيَابِكِ


        
 جُثّةٌ مَنْ يَا جُثَّتِي ؟


                       سَنَتَّبِعُ ارْتِحَالَكِ في دَهَاليزِ
                       الفَنَاءِ ، بُدَاةً ، فَاتِحِيْنَ ،
                       حَتَّى نَصِلَ إلى غِيَابِكِ ، 
                       نَازِفِيْنَ ، وَسَوْفَ يَحُطُّ غَيْمٌ
                        فَوْقَنَا ، وَسَنَسْتَبِيْنْ ..                         

   أَبِيْنِي  
    لَمْ نَعُدْ نَقْوَى ..                                    

                       2


سَأَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الجُثَّةِ كَمَا جِئْتُهَا، عَارِيًا ، وَوَحِيْدًا، بِهَوَائِي ، وَأَضْرِحَتي ، وَأشْعَارِي المُرِيْعَةِ ، ضَاريًا ، سَأَخْرُجُ مِنْهَا كَعَاصِفَةٍ تَسْتَبِيْحُ ، بآلائِي ، إلى المَذْبَحَةِ ، مُسْتَثِيْرًا ، طَاوِيًا ، سَأَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الجُثَّةِ مُتََضَرِّجًا بِتَضَارِيسِهَا ، وَبالجُثَثِ المَصْفوفَةِ التَِّي تُؤَازِرُني فيها ، قَاذِفًا بِيَمِيْنِي مَدَاخِنَ المَوْتِ وَأَسْتَارَهُ ، وَأبنَاؤهَا يُطِلُّونَ عَليَّ مِنْ شُرُفَاتِهِمْ القَمِيْئَةِ ، هَادِئِيْنَ ، يلوكُونَ الصَّباحَاتِ البَلِيْدَةِ ، سَأَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الجُثَّةِ مُتَّجِهًا إلى ضَيَاعِي ، قَاذِفًا بِأَضْرِحَتِي وَخَلايايَ ، وَأحْشَائِي ؛ لِيَعْلَمَ القَتْلَى المُسْتَرِيبُونَ أنَّهُ خُرُوْجِي المُسْتَفِيضُ ، سََينَْتشِرونَ عَلى الأهِلَّةِ ، جَاثِمِيْنَ : أغِثْنَا يَا شَرِيْفُ ، وَاْرفَعْ هَذِهِ الجُثَّةَ عَنَّا ، هَكَذَا ، هَكَذَا ، وَأَنَا مَاضٍ إلى سَعِيْرِي ، لا أُبَالِي ، مَاضٍ مُضِيْئًا ؛ كَهَوَاءِ القِيَامَةِ ، إلى مَا ليْسَ يَعْرِفُنِي ، قَتِيْلا ..


      
  جُثَّتِي ، جُثَّةُ مَنْ ؟           
 لَمْ
 أَعُدْ أَقْوَى ..
                       
                   
                        3

، أَوْ أرْتَمِي ، مِنْ جُثَّتِي ، مُتَضَرِّجًا بِحَرَائِقِي الأُوْلى ، وَأصْعَدُ فَوْقَ مَنْثُورِي ؛ مُرِيْبًا كَالصَّبَاحِ ، وَبَاسِلاً ، كَعُصَارَتِي الأُوْلَى ، عَلى رَمْلٍ يَنوحُ ، لَعَلَّنِي لا أَسْتَرِدُّ حَقِيْقَتِي الأُوْلَى ، وَلكِنِّي سَأَنْسَى ، رُبَّمَا أنْسَى ، أأنْسَى ؟ ...


                        4


كُنْتُ أقِفُ عَلى جُثَّتِي وَحْدِي ، وَأعْلَمُ أنَّهَا لَمْ تَعُدْ حُدُودِي ، وَأعْلَمُ أنَّنِي سَأسْتَغْرِقُ في جُمُودِي هَكَذَا ، مُسْتَجِيْزًا ، وَلَكنَّني لَنْ أسْتَمِعَ إلى شَهِيْقِي في مَدَاهَا ، وَلا إلى عَشْوَائيَّةِ التَّفاصِيْلِ ، مُؤكَّدٌ أنَّهَا لَمْ تَعُدْ تَحْتَوِيني ، وَأنَّهُمْ غَادَرُوهَا جَمِيْعًا ، سَأُغْمِضُ عَيْنَيَّ بِقُوَّةٍ ؛ لِكَيلا تَزولَ، عَلى زَوَالِي ، وَتَتَْركُنِي لافْتِرَاسِي ، هَاهُنَا , مَرَّةً أُخْرَى ، وَحِيْدًا ، سَأُغْمِضُ عَيْنَيَّ بِقُوَّةٍ عَلى جِسْمِهَا وَأعْصُرُهُ ، سَأُغْمِضُ عَيْنَيَّ بِقُوَّةٍ عَلى المَشْهَدِ الأَخِيْرْ .. 


                           
   أُرَجِّحُ أَنَّني لَمْ أَكُنْ وَحْدِي ، 

هُنَاكَ                                             
                          وَالأَرْجَحُ ، أنَّني لَمْ أَكُنْ في جُثَّتِي ، في
              هَذِهِ الليلة 

أيضًا                                                                                 
                        وَالأَرْجَحُ ، أنَّهَا لَمْ تَكُنْ جُثَّتِي


                 5


صِحْتُ : لِي جُثَّةٌ في أعَالِي الجَحِيْمِ احْمِلُونِي إليهَا ،
وَرُدُّوا لِحِضْنِ الجَحِيْمِ الجَحِيْمَ ، أَعِيْدُوا                          
............................................                              
............................................




                    6


 سَتُبَاغِتُنَا وَتَخْتَفِي مِنَّا ، كَعَادَتِها ، هَذِهِ الجُثَّةُ المَفْتُونَةُ ، وَنَحْنُ نَحْمِلُها إلى جَحِيْمِهَا الأخِيْرِ ، كَعَادَتِها ، وَلكنَّهَا سَتَفْجَؤنَا ، في الطَّرِيقِ ، وَتَسْألُنَا عَنْ بَقَايَاهَا الخَجُولَةِ.. 

                     7


هَكَذَا جَاءَتْ المَرْأةُ الأخْرَى                                             
وَفَكَّتْ لِيْ ضُلوعِي                                                      
فَجَمَعْتُهَا في جِيوبِي                                                          
وَنَثَرْتُهَا في جَحِيمٍ                                                                     
وَهَكَذَا جِئْتُ                                         


                 لِلْفَرَاغِ الَّذي لايَنْتَهِي                       
أُوَزِّعُ رَائِحَتي عَلى الضَّوَاحِي                          
عَاريًّا مِنْ مَسَاحَيْقِ الغِوَايَةِ


                   - جُثَّتِي ؟                                
                    ، لَيْسَتْ ذِي جُثَّتِي فِيْمَا أظُنُّ                          
                    ………………………..
                    ، ………………………؟                          
                     ………………………. 
                    ، ………………………؟                                        
                 
            دَعُوهَا تَتَضَخَّمُ  
            أَوْ                     
            دَعُوهَا تَتَسَاقَطُ في مَرَاسِيْمِ الفَنَاءِ    

                 8

………………………                      
………………………  
……………………… 
……………………… 

                       لَمْ أكُنْ في ذَلكَ المَشْهَدِ                     
                       كَي أشُد َّ لِثَامَهَا                         
                       وَأُرِيْحَ نَفْسِي                   
                       …………
                       …………
                       رُبَّمَا كَانَتْ

 أَرِيْحِيْنِي


                  9

أُؤكِّدُ أنَّهَا الطَّلقَةُ الَّتي اخْتَرَقَتْنِي في جُثَّتِي الأُولَى      
أُؤكِّدُ أنَّهَا الطَّلقَةُ الَّتي بَعْثَرَتْنِي  
عَلى الظَّهيرةِ هَكَذَا ، هَكَذَا
وَلكنَّنِي لَمْ أكُنْ في جَسَدي الَّذي تَهَّدَمَ وَقْتَها 
- كُنْتُ أَرْكُضُ في فَضَاءٍ كَامِنٍ - 
أُؤكِّدُ أنَّهَا الطَّلقَةُ الَّتي  
لَمْ أكُنْ في جُثَّتِي  
             مَنْ                                         
             ؟                                                                                        



                       دَعِي
                        أنَا الَّذِي ضَاجَعْتُ أُنثي الشَّياطين


] ش [

رَأْسِي : رَأْسُ نَخْلَةٍ ، تَشْتَعِِلُ في دِمَائِي ، رَأْسِي : شُعْلَةٌ
مِنْ جَحِيْمٍ ، رَأْسِي : يَا مَدِينةً شَاغِرَةً تَسْتَقِيءُ السَّمَاءَ ،
رَأْسِي : أيُّهَا الخَرَابُ  المُبَجَّلُ ، يَا فَارعٌ في فَضَاءِ النِّهَاياتِ ، إلى مَتى سَتَبْقَى هَذِه العَاصِفَةُ الأنِيْقَةُ الَّتي تَتَلظَّى ، في ربوعِكَ ؟ ، إلى مَتى هَذِه المُغَامَرةُ المُسْتَجِيْشَةُ ، وَأنْتَ تَعْلو ، في غُبَارٍ ، كُلُّ قَذِيفةٍ تَبْتَغِيْكَ ، أيُّهَا المُوْصَدُ ، وَأنْتَ تَهْذِي ، كُلَّمَا ارْتَكَبَتْكَ عَاصِفَةٌ تَرُوْمُ ، وَأَنْتَ تَسْتَدْعِي ، ألا تَهْوِي ؟ ، نَظَرْتُكَ – مَرَّةً – تَقْذِفُ عَيْنَيْكَ في عَرَاءٍ ، وَتَمْضِي ، عَلى مَهَلٍ ، هُنَاكَ : تَنَزَّهَتْ العَواصِفُ الَّتي اخْتَرَقتْ فَرَاغَ عَيْنَيْكَ ، في رُبُوعِكَ ، فَبَصَقْتَهَا في جَحِيْمٍ ، يَمْضِي ؛ فَأَسَّسَتَ الصَّواعِقَ ، في الأعَالي . مَاذَا سَيَفْعَلُ جِسْمُكَ الَّذِي يَتَلوَّى – بِدِونِكَ – في الرِّمَالِ ؟ ، وَحَتَّى مَتَى ، سَيَبْقَى ارْتِحَالُكَ ، أيُّهَا الطَّاغِي ؟ ، رَأْسِي : أيُّهَا الخَرَابُ المُحَلِّقُ ، يَا طَالِعٌ في فَضَاءِ الجَنَازَاتِ ، رَأْسِي : أيُّهَا الحَائِمُ ، في الدَّيَاجِيْرِ ، كَأنَّكَ أُرْجُوحَةُ الفَنَاءِ ، رَأْسِي


] ر [


الآنَ يُمْكِنُكَ يَا حَبِيْبِي  أنْ تَقْرَأَ كُلَّ المَرَاثِي عَلى هَذهِ القِيَامَةِ ، 

فاَرْفَعْ عَاليًا هَذَا الكِتَابَ ، وَصَوِّحْ ، عَلى رِسْلِكَ أيُّهَا السَّيِّدُ، 

وَاسْكُبْ أحْشَاءَكَ عَلى جَمْهَرَاتِ الخَرَائِبِ ، حَتَّى تُصْبِحَ أنْتَ 

مَأْوَاكَ أنْتَ ، وَاسْحَب الْهَوَاءَ المُتَجَرِّدَ النَّافِقَ ، خَلْفَ مَقْطُورِتكَ 

المَمْلؤةِ بالكَوَابِيْسِ الَّتي تَعْوِي ، إلى أنْ تَعُودَ الأعَاصِيْرُ إلى رُشْدِهَا 

وَلا تَنَمْ أيُّهَا الحُوْذِيُّ ، في هَذِه الليلَةِ المُبَارَكَةِ ، ازْجَرْ حِصَانَكَ ، 

الذِي يَسْتَدْرِجُ النَّوْمَ فَيَسْتَدْرِجُهُ ، حَتَّى يَغِيْبَ ، وَقِفْ على هَذِه 

البُقْعَةِ ، وَاسْتَدْعِ الغَرَائِزَ، الليلةَ ، مِنْ أعْشَاشِهَا ، وَارْقُبْ
...

] ي [

لِمَاذَا تُريْدُنِي أنْ أقْتَفِيْكَ ؟ ، يَا لَخُطَْوَتِكَ اللئيْمَةِ ! ، أنْتَ
تَعْرِفُ أكْثَرُ مِنْ غَيْرِكَ ، لا شَكَّ ، هَذَا ، فَلِمَاذَا ، إذاً ،
تَتَحَيَّنُ الهَزَائِمَ ؟ ، انْظُرْ أيُّهَا العَنِيدُ المُسْتَدِيمُ ، إلى مَتَى
تَتَجَوَّلُ في ضُلوعِكَ الجَناَئِزُ ؟ ، أيُّهَا المُوْغِلُ في مَاءِ
النِّهَايَاتِ ، حَتَّى مَتَى يَتَصَحَّرُكَ الجَحِيمُْ ؟ تَمَهَّلْ ، وَلا
تَتَوَغَّلْ فِي كَوَابِيْسِ المُؤامَرَاتِ ، رَيْثَمَا يَتَجَشَّأُ المَوْتُ
رُقْعَةَ الكَوَابِيْسِ ، فَنَسْحَبُها للانْقِصَافِ مَعًا ، أنَا وَأنْتَ
، هَكَذَا ، وَهِيَ تَمْضِي خَلْفَنَا ، مَوْهُوْمَةً بِلَذَّةَ الانْتِحَارِ ،
 وَأنْتَ تَسْحَقُ بِنَعْليكَ شَهْوَةَ الجَنَادِبِ ، إذًا نَنْتَظِرُ يَا
 شَرِيفُ ، سَتَأخُذُنِي - بِحَيَوَانَاتِي وَأدْغَالِي وَطَمْيِي -
 إلى غَيْمَةٍ ، تَفْتَحُ نَهْدَيْهَا ، عَلى هَدِيْرِنَا، سَنَصْرُخُ خَلْفَ
ذِيولِ الدّيَناصُورَاتِ. انْتَظِرْ يَا شَرِيفُ ، تَرَبَّصْ
مَعِي ، وَتَحَسَّسْ مِطَواتَكَ الَّتي كَصَبَاحٍ في بَنْطَلونٍ
، لا تَنْدَفِعْ ، وَتَمهَّلْ مَعِي يَا شَرِيفُ 
...

] ف         [        


عَبّأَتُنِي في جُثَّةٍ ، وَجِئْتُكَ مُسْتَْجِيْرًا ، مَاذَا أرَى ؟ ، أهَذَا

كُلُّ شَيءٍ ؟ ، سَاهِمٌ في فَضَاءٍ زَاخِرٍ بِالنِّهاياتِ - وأنْتَ

لا تَدْري - أوْ لَعَلَّكَ تَدْري - بِالكِلابِ الَّتي تَرْتَعُ في رَأسِكَ  الشَّاغِرِ ، 

هَلْ أنْتَ مِتَّ وَعَلَّقْتَ عَيْنَيْكَ عَلى هَذِهِ النِّهَايَاتِِِ ؟، أتُرَاكَ مَتَّ وَأنْتَ لا تَدْرِي ؟. سَاهِمٌ كَأنَّكَ تِمْثَالُكَ الأقْصَى ، جِئْتُكَ يَا حَبِيْبْي ، أنْتَ الَّذِي 

ضَاجَعْتَ أُنْثَى الشَّيَاطِيْنَ ، لنْ أُمْهِلَكَ الليلةَ ، هَا هُنَا ، أكْثَرَ ، هَلْ 

سَتَخْدَعُنِي ؟ ، عَلى أيَّةِ حَالٍ لمْ يَعُدْ هُناكَ مُحْتَمَلٌ ، الكُلُّ وَلَّى ، حَتَّى 

العَواصِفُ الَّتي احْتَفَلَتْكَ وَلَّتْ ، وَالزَّلازِلُ الَّتي كَانَتْ تَتَخَاصَرُ في 

الهَاوِيَاتِ السَّحِيقَةِ ، وَتَرْتَجّ زَاعِقةً ؛ فَتُبَعْثِرُ شَعْرَ الشَّيَاطِيْنِ ، كَفَّتْ عنْ شَظَايَاهَا ؛ الَّتِي كَانَتْ تَتَدَافَعُ في شُرُودِكَ ، عَاقِدًا ذِرَاعَيْكَ عَلى 

صَدْرِكَ ، هَكَذَا ، كَمَا أنْتَ ، سَأَقْبِضُ رُوحَكَ الآنَ ، انْتَهَى الوَقْتُ الأَخِيْرْ
 ...




       


          
 







          
          ارْفعِيْنَا إلى ثُريَّاتِ الجُنُون


الهَوَاءُ خِبْرَتُنَا الأخِيْرَة ُ

            سِيْرَتُنَا إلى نِهَايَاتِ البَيَاضِ

 نُطَوِّحُ أرْجُلَنَا وَنَجِيءُ

         ، بِلا أرْوقَةٍ نَمْتَطِيْهَا

         ، وَلا أقْمِصَةٍ أوْ رِتُوشٍ

         ، بِلا وَهَنٍ على هَدْمٍ ، وَأحْشَاؤنَا إلى الخَارِجِ

أجْسَادُنَا تَرْشَحُ بِالجَنَازَاتِ

        ، ولانَبْتَغِي شَيْئًا ...

..........................



الأسْئِلَةُ الَّتي حَرَّقَتْنَا سَحَقْنَاهَا بِالنِّعَالِ 

         ، وَابْتَرَدْنَا على المَدَاخِلِ

         ؛ على المَدَاخِلِ الَّتي لمْ تَتَّسعْ لِسِوَانَا

، وَلَمْ نَنْتَظِرْ أحَدَا ...

.....................

عَبَرْنَا على بَقَايَا كَلامٍ

، وَشَوَاظٍ أنْكَرَتْنَا

؛ فَازْدَرَدْنَا غَمَامًا وَأبْخِرَةً

، وَارْتَحَلْنَا وَاجِمِيْنْ ...

.......................


الرَّائِحَةُ الَّتي بَزَغَتْ عَلَّقَتْنَا في الهَوَاءْ

؛ في الهَوَاءِ الَّذي لمْ يَنْفَتِحْ لِسِوَانَا

، وَغَادَرَتْنَا خُلْسَةً ...

.................


عَرفْنَاكِ مِنَ البَرْقِ وَالعَبِيْرِ

، عَرفْنَا رَائِحَةَ انْبِلاجِكِ في الأثيْرِ

، وَالصَّبَاحَاتِ الَّتي تَتَدَحْرَجُ مِنْ كُمُونِكِ

، في مَسَاءَاتٍ تُدَحْرِجُ على أعْضَائِنَا الدَّياجِيْرِ

، أنْتِ كَلِيْمَةٌ الصَّمْتِ وَالغُبَارِ

، وَخَبِيْئَةُ الانْفِجَارِ

هُبُوبُكِ هُبُوبُ الصَّاهِلاتِ على خُطَانَا

، وَلانَعْلَمُ كَيْفَ الوصُولُ إلى رِحَابِكِ


                  أدْرِكِيْنَا مَرَّةً

                  وَارْفَعِيْنَا إلى ثُرَيَّاتِ الجُنُونْ ...

                               ............................. 




















 أعمالُ الكاتب

أعمالٌ شِعريَّة

1-   عُزلةُ الأنقاض ، طبعة أولى ، 1994.
2-   لا تُطفِئ العتمةَ ، طبعة أولى ، 1996.
3-   مجرَّةُ النِّهايَاتِ ، طبعة أولى ، 1992.
4-   الجثَّةُ الأولى ، طبعة أولى ، 2001 .
5-   حيواتٌ مفقودةٌ ، طبعة أولى ، 2003. طبعة ثانية ،2010 .
6-   أنتَ أيُّهَا السَّهو ، أنتَ يامهبَّ العائلةِ الأخِيرَةِ ، 2014 .

أعمالٌ نقديَّة

1-     شِعرُ النَّثر العربيِّ في القرنِ العشرين ، 2010 .
2-    قصيدَةُ النَّثرِ في مشهدِ الشِّعرِ العربيِّ ، 2010 .
3-    آفاقُ الشِّعريَّةِ العربيَّةِ الجديدَةِ في قصيدَةِ النَّثرِ ، 2011 .
4-    قصيدَةُ النَّثرِ المصْريَّةِ : شِعريَّاتُ المشهَدِ الجديدِ ، 2012 .
5-    الأشكالُ النَّثرشِعريَّةُ في الأدبِ العربيِّ .
6-    النُّصُّ الجامعُ في الأدبِ العربيِّ .
7-    تحوُّلاتُ القصيدَةِ العربيَّةِ عَبْرَ العصورِ .



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads