الرئيسية » » البجعةُ لا تُذَكَّر | جمال القصاص

البجعةُ لا تُذَكَّر | جمال القصاص

Written By هشام الصباحي on الأحد، 13 سبتمبر 2020 | سبتمبر 13, 2020



 البجعةُ لا تُذَكَّر 

---------

تحيَّةً لجوربي الممَزَّقِ 

لوجعي

لأقراصِ الضغط‏.‏

تحيَّةً لولديَّ

لطفلٍ لم أكنُهُ

تحيَّةً لدمي

لبعض أصدقائي الخونةِ

لبسمةٍ محدودةِ الدّخَل‏.‏

تحيَّةً لوسادتي

لذنبٍ لم أقترفهُ

لشمسٍ لم يرهقهَا النّوم‏.‏


هل توحَّدَ كلُّ هؤلاءِ معكَ

هل دافعوا عن الحريّةِ

هل وقفوا علي مقبرةٍ

تلملمُ أشلاءَهَا من سَلّة التاريخ‏.‏


الإسكندريةُ نَأتْ

 لا رسائلَ مخبّأةً هناكَ

ولا تلويحةَ وداعٍ

هي لحظةٌ مَضَتْ

كأنّكَ عشتَهَا بقلبٍ مستعارٍ

كأنك ولِدتَ قبلَ أن ترتكبَ النّهايةُ حماقتَهَا‏.‏


لا شيءَ..‏

سلسلةٌ من الأخطاءِ

تنتهي هنا لتبدأَ هناك

من الخطأ أن تكونَ عاقلاً

من الخطأ أن تكونَ مجنونًا

من الخطأ أن تكونَ طيّبًا

من الخطأ أن تكونَ شريرًا

في كلِّ الأحوال ِ..‏

سيكون عليكَ أن تبتسمَ

ربما بالصّدفةِ 

أو بكذبةٍ أَرَق.


-‏ هل سنلعبُ‏..‏

أنتِ مضطربةٌ‏!‏

‏:‏ لم أستطع أن أنزعَ حشائشَ السّفَانا

خشيتُ أن يلحظَ مكوثيَ في الحَمّامِ

أو يفسِّرَ توَرُّدي بفاصلةٍ ممنوعةٍ من الصَّرف‏ِِ

‏-‏ لا بأسَ..‏

سنجدُ معادلاً لفظيًا لخشونةِ الهواءِ

هل لابدّ من هذه الَّلبْخَةِ

‏:‏ أنتَ مجرمٌ.‏

ضَعْ القطرةَ لنفسكَ

لن أُحَكْحِكَ قدميكَ

سأتركهما نائمينِ في جوربِ الشُّقوق‏.‏


العربةُ لم تكن زرقاءَ

والميدانُ لم يكن استوى علي ظلّهِ

أنا هنا‏..‏

أمامكَ / خلفكَ‏..‏ 

لم أعرفكِ‏ِ

 كأني أراكِ للمرّة الأولى.

عطرُكِ شهيٌّ.. 

هل قصَّرتِ شَعْركِ

نظارتكِ ابتلّتْ شمسُهَا

هيّا‏..


- ماذا أعددتَ لي

سِرباً من بحيرة البجعِ

- الطريقُ شيقةٌ

سَرَحتِ إلي أينَ

أَمازلتَ تحنُّ إليها

صدقني اخترتَ المرأةَ الخطأَ

خسرتَ كثيراً

‏-‏ الخسارةُ مكسبي الوحيدُ

   حقيبةُ عمري‏.‏


في المقهى

 ارتشحَتْ أمثولةُ الجسدينِ

هنا تموّجا ‏/‏ تشتّتا

تفتّتا ‏/‏ هنا‏...‏

في الفيلم‏..‏ اختفى الميدانُ

رفَعَتْ عقربةُ الثّلجِ عقيرتَهَا

وابتسمت‏:‏ أترك البابَ مواربًا

تسنَّدْ عليَّ / أطلعني علي الماكيت‏.‏

من هنا سيمرُّ خطُّ الحياةِ

سأكونُ في منتصفِ القوسِ

ارفع الغطاءَ / كُنْ نرجسيًّا مرّةً

لطشةٌ من الجنونِ تمنحُ الأشياءَ بهجَتَها‏.‏


أنا لم أخُنْ طفولتكِ

لم أعشّها

مجردُ إحساسٍ بالسكينةِ

مجردُ رسالةٍ أحببتُ أن أفضَّها

مجردُ فرصةٍ كي نكتشفَ السفينةَ

مجردُ رغبةٍ..

أن أسرقَ من شفتيكِ دسمَ الكعكةِ

أنا هنا لأبقى

لأعرفَ كيف أحبّكِ.‏‏.


رسائلكِ المجنونةُ أربَكَتْ الشبكةَ

‏-‏ أنتَ في حياتي

لا أصدّقُ

أحبّكَ

وحشتني قهوتكَ

لم ألمسكَ منذ يومينِ

لم ينَم خدي فوق يدكَ

لم نختبر رقّةَ الفنجان‏.‏

البجعةُ لا تُذكَّرُ

تُخْطفُ‏..‏ هكذا

من سرّة الّلحن.

هل ستكتبينَ روايةً أخرى

لا أريدُ أن أخدعكِ

الصورةُ لم تكن لبيكاسو

والخرزة ُ لم تكن زرقاءَ

وصانعُ القواربِ‏..‏ لم يكن أنا‏.‏


ماذا جرى لفتاة الكنيسةِ

كانت تشتهي طفلاً وقبعةً

جسمُها النَّحيلُ

كان طيبًا وسعيدًا

كان له رائحةُ النّبيذِ

كان لذيذًا حين ينتفضُ‏:‏

" من فضلك أَغلق الهاتف

 هذا الوقت ملكي أنا " .


هل تشعرُ بالوحدةِ

هل اتّسعَ مربَعُكَ الصغيرُ

لم أعُدْ صديقةَ نفسي

الأمسُ يختلطُ بالغدِ

لا أشعرُ بأنوثتي

الحياة مملّةٌ‏..‏

لا بدّ من بعضِ العبث‏ِ..


لي جسدٌ ولي روحٌ

لا أعرفُ كيف أتخلَّصُ من هذه الفراشةِ

في الليل‏ِ ِ..‏ تَزِنُّ في عطَبِ المِلاءةِ

تَنْكُشُ شَعْريَ 

 تتنفَّسني

ماذا يحدثُ لي ؟‏!‏


وحدكَ مازلتَ فوق هذا الورق

تَصْغُرُ‏..‏ وَتكْبُرُ

مثلَ طفلٍ لم يولدْ بعد‏.‏

ماذا أكلتَ اليومَ

: فريكًا محشوًّا بالفريك

أنا أعبثُ‏ُ..‏

أحببتُ أن أموِّهَ العُقدةَ 

أنْفضَ عن شاربها بقايا النَّوم.


في آخرِ مرّةٍ

لم تلحظ لونَ شَعْري

ولا خفّةَ ركبتيَّ

حاولتُ أن أفهمَ توتُّركَ

لم أركَ وأنتَ تدخلُ الغابةَ

انصرفتَ دون بسمةٍ..‏

حتى لمرآةِ السُّلم‏.‏


-‏ نحن نبتعدُ

‏: نحن نختارُ

ربما لنعيشَ بقرْبِهَا‏.‏

إنها الحريةُ يا صديقتي

أن تنكشفي لظلّكِ

أن تحتمي بعُرْيّكِ

أن تكوني صديقة نفسِك‏!‏


اعتدتُ وحدتي

اعتدتُ النومَ فوق أسوار قلبي‏.‏

كُنْ لي زوجًا في عطلة الأسبوع

لن أكلّفكَ شيئًا

لن أسرقَ مربعكَ الصغيرَ

يمكننا أن نتبادلَ الأدوارَ

مرّةً هنا‏..‏ ومرّةً هناك

كثيراً ما أكون وحدي

سنكون نسمةً خفيفةً

- جميلٌ أن نمنحَ الحياةَ عطلَّتَهَا

في ستةِ أيام‏ٍ..‏

وننامُ في اليوم السَّابع‏.‏


 ------------

* من ديواني " كولمبس على الحافة" دار المحروسة 2004

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads