الرئيسية » » جسدك العاري | أشرف الجمال

جسدك العاري | أشرف الجمال

Written By موقع يوم الغضب on الأحد، 22 أبريل 2018 | أبريل 22, 2018


 جسدك العاري | أشرف الجمال

وبينما كانت الوحوش تطاردني في منامي
كنتِ أنتِ تجوبين الغرفة برداء نومك
يبدو أنكِ كنتِ تشاهدين ما يحدث في كوابيسي .. فبتِ قلقةً
لا تندهشي لهذه البلادة التي تعتريني كلما اسيتقظتُ ونظرتُ لكِ
كَرجُلِ حربٍ اعتاد على رؤية الموتى 
اعتاد أن يعبر الطريق بين الجثث مؤمنا بأن الحرب لها قوانينها
وأن علينا أن نتقبلَ الأمرَ كما هو
على العكس
صوت المدافع يجعلنا أكثرَ رهافةً وقدرةً على أن نصغي لخفق قلوبنا
إنني أسمع نبضاتكِ الآن
وهي ترتجُ خلف نهديكِ كدقِّ الطبول في المعابد القديمة
أسمع رجفة الحنين في حلمتيك الطيبتين
اللتين تتعاطفان مع أساطيري دوما
وأنا كما تعرفين .. لم يعد يثيرني العري .. ربما لأن أشياءَ كثيرةً ماتت بداخلي
لكنها الرحلةُ المجهولةُ شديدة الحميمية .. في هذا الأخدود الذي يمنحه لي تقارب نهديكِ
سيلُ الأسئلة التي تجرفني في المنحنى : كيف لهذ الجمال أن يصير يوماً ترابا
أي روحٍ بثّها الله هنا ليمنحني سكينة الحصى في الكواكب غير المأهولة
أنت دافئة كفرخِ يَمامٍ في عُشه
هذا الدفء يخيفني كثيرا
إنه مرعبٌ وجليلٌ كليلةٍ يهبط فيها الوحي من السماء
على نبيٍّ يتحنث فوق جبلٍ بعيد وناءٍ عن البشر
يومض كنبعٍ يولد توّاً من حضن الرمل
كنورٍ يسطع فجأةً في سماءٍ مظلمةٍ ليُبشّرَ بالحقيقة
لا أعرف لِمَ تقتحمني كل هذه التصورات كلما تأملتُ جسدك العاري
لقد كنت حريصاً بشدةٍ أن أكون قرصاناً هذه الليلة
ربما لأنها لا تتكرر كثيراً بيننا
ليس من الحكمة أن يهدر رجلٌ ليلةً تجمعه بعشيقته
لكنه جنونُ الخمر في الأقداح
سَكرةُ اللهب في الشموع
تيهُ البخور في المجمرة
الصمتُ الذي يلقي بكِ كطفلةٍ بين أحضاني
الصمتُ المرُّ واللاذع والحامض كطعم الصنوبر في هَجْرة الحَرِّ
كرائحة الخشخاش والعرعر الذي ينبت صدفةً بين أحجار الصحارى
نحن متفقانِ بل ومؤمنانِ جداً بأن كلمة عشيقتي أكثرُ جمالاً من ( حبيبتي )
كلمةٌ عارية ٌهي .. لا تعرف المراوغة ولا بؤس الهروب من قداسة العالم
صادقةٌ أنتِ .. وأنا أيضاً
كانت عيناكِ شاحبتينِ كَدِيرٍ قديمٍ
قلتُ لك مراراً إنني أحب شحوبهما
ولا أحب هذا اللمعان الذي يبدو دائما في أعين القتلة
أوقن أنني أحبك جدا .. يا عشيقتي .. وعاهرتي .. 
عقيدتي الأكثر نبلاً وصدقاً
وأعرف جيداً أنك تحبينني بكل دمك
تقولين إنني الفاسقُ الوحيد
الذي يمنحكِ بحضنه رداءً لجسدك العاري
الكافر الوحيد الذي يؤمن بطهارة تعرّيك من الوجود والناس وأفكارهم العطنة
التي تفوح رائحتها من أفواههم دوما
نحن عاريانِ تماماً .. مثل شجرةٍ في الخريف
مثل صرخة نورسٍ في ليلةٍ ساكنةٍ
مثل نهرٍ يتدفق في صمتٍ بين الأحراش
مثل الموت
والميلاد
والتراب
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads