الرئيسية » , » ثلاثية الخلود | محمد منصور

ثلاثية الخلود | محمد منصور

Written By Gpp on الأربعاء، 4 أكتوبر 2017 | أكتوبر 04, 2017


ثلاثية الخلود





1- غابة الهواجس

حينما انقطعَ النورُ عن غرفتي كنتُ أرسمُ نفسي..

أمزج الخطَّ باللونِ واللونَ بالخطِّ في ثقةِ المبدعينَ الكبارِ، كأني حفظت ملامحَ وجهيَ 

عن ظهر قلبٍ، كأنَّ الفريسةَ سوف تظلُّ على حالها في المكانِ إلى أن أعدِّلَ 

سهمي وقوسي..

حينما انقطعَ النورُ لم أنتبه للفراغِ الذي ملأته الهواجسُ حتى رأيتُ الذي كنتُ أرسمه 

يمزج الخطَّ باللونِ واللونَ بالخطِّ في ثقةِ المبدعينَ الكبارِ، ويرسمني باقتدارٍ، ولا يكتفي 

بالملامح، بل كان يرسم ظني وحدسي!




2- لوحة في إطار

بعدما احتار في كلِّ شيءٍ، وصار وحيدًا، وممتلئًا بالهزائمِ، عَلَّقَ أفكاره كالملابسِ فوقَ 

المساميرِ، ثم تأمَّلَهَا كالذي يتأمل لوحاتِ "جويا"، ويغرق في الهذيانْ..

الإضاءةُ خافتةٌ، والشعاعُ الذي انسلَّ -مثل الملاكِ- يشاركه الفرجةَ. الغرفةُ امتلأتْ 

بالأنينِ، وأرواحُ من حضروا العرضَ صارت تحيط به كالدخانْ..

لم يكن يتخيلُ أنَّ بإمكانِ فنانِ إسبانيا أن يعيدَ له الغائبينَ، ويجعله -في الحقيقةِ- حرَّا من 

الآخرينَ، وممتلئًا بالجميعِ؛ مضيئًا بوحدته، وخفيفًا على الأرض؛ يخرج من نفسه، 

ويعود إليها، كحشرجةِ الناي، أو مثلَ نبضةِ قلبِ الكمانْ..

الزمانُ الذي فاتَ عادَ، وصارَ المكانُ الذي كانَ أضيقَ من حزنه واسعًا كالخيالِ، وسربٌ 

من البُومِ باتَ يحلق في رأسهِ كالسحابِ، وأفكاره احترقَتْ حينما دققَ الوقتُ فيه، ودققَ 

في الوقتِ، حتى رأى نفسه لوحةً في إطارٍ، يشاهدها بعضُ عشاقِ "جويا"، ويمتدحونَ 

تفاصيلَهَا بافتتان!


3- حلم حقيقي


أمسِ نمتُ على الأرضِ من شِدِّةِ الحرِّ حتى ظننتُ الترابَ سحابا..

والسماءَ غطاءَ حريرٍ، وشمسَ الضحى ذهبًا غارقًا في الندى. والغزالاتُ حولي تدقق في 

صفحةِ الماءِ حتى ترى نفسها لبؤاتٍ، فتحسبُ أنَّ بأمكانها أن تطاردَ، حتى ولو في 

الخيالِ، الذئابا..

أمسِ قبلَ المنامِ تساءلتُ: هل حين أغرقُ في النومِ أولدُ ثانيةً في مكانٍ بعيدٍ؟ وحين أنامُ 

هناكَ، أعود هنا؟ ثم هل كان إدجار الان بو على ثقةٍ أنه سوف يبعثه الله بعد المماتِ 

غرابا؟

يكتبُ الشعرَ فوقَ الهواءِ لتقرأه الريحُ! أو أنَّ محفوظَ ماتَ لمدةِ خمسِ ثوانٍ، وعادَ ليُملي 

على مَلَكِ الموتِ حلمًا جديدًا سيكبر حتى يصيرَ كتابا؟

أمسِ نمتُ على الأرضِ ممتلئًا بالحياةِ، وحين صحوتُ 

صحوتُ ترابا!
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads