الرئيسية » » مدارات الاغتباط | حسين حبش

مدارات الاغتباط | حسين حبش

Written By Unknown on الخميس، 15 يونيو 2017 | يونيو 15, 2017


مدارات الاغتباط




اغتبطي يا كائنات المديح فإننا ورثنا عتبات الأوج  
بمدائحنا الأرجوانية للينابيع
وشرايينها التي تغرف من أخاديد التراب 
جرحاً مسفوكاً في الحقول والبساتين.
اغتبطي فإننا خلعنا المحاريث وارتطمنا بالأفق 
نعلِّي مصير الزرقة من فوق الأباطيل،
نزوِّدها بتيجان الشهوة وقناديل الفراغ المزدحمة
بالأحلام المتلألئة ومرجان النوم.
اغتبطي فإننا اختبرنا الموت في شروده
واقتحمنا لهوه بثقة العشاق
نحمل رعشة النبات في الأعماق 
مروِّدين قطيع النهر إلى حكمته 
من فمه الأملس ومن غشيانه الأشقر.
اغتبطي يا عروش الصقور 
فإننا ورثنا الأبراج العالية من أختام البنائين 
وأقاصي اليقظة، ننقضُّ على الظلام 
ونقفل على عمائه المسالك 
ونكون الدليل إلى الفجوات والأرخبيلات 
المفتونة بالعراك والدويِّ الذي تحدثه 
جدران أعماقها الهائجة.
اغتبطي فإننا نوالي الخفقان في ضرباته 
السريعة 
وهبوب خطواته المختالة
من رنين الإغواء ومن قدوم كماله 
من مطالع المشيئة،
نهيء له الظل الأثير للروح.
اغتبطي فإننا نؤرخ هبات المصادفات 
من خزائن العدم ونعثر على محبرة الخفيِّ
نكتب بيانات البرق على ميزان 
النهاية المشغولة 
بإنجاز ما لا ينجز 
وإمساك ما لا يمسك
وحفظ ما لا يحفظ.
اغتبطي يا أنفاس الرعد فإننا ورثنا 
كيمياء الكواكب من زقاق الخيال 
وصداقة البرق وأجواء نعمته 
الطاغية في سقوطه المتعمد 
على وجه الصخور المربوطة 
بعناية الله غلى سفوح الجبال.
اغتبطي فإننا عمَّدنا الأمواج بملاءات الإوز 
وأعناق البجع في إحتفال باسط الذراعين
أمام إتساع البحر ونهبه المتسارع.
لا ميثاق يوقفنا ولا إجفال يغمض 
أعيننا المترصدة 
للذبذبات اللاهثة في نهاية السرِّ
والفجاءات المرتجلة من الأعالي إلى الخضم.
اغتبطي فإننا قلَّصنا المسافة بين السماء والأرض 
وحلجنا قطن المسرات لأعشاش الطيور المرتعشة،
لا تخبط ولا خوف بعد الآن، 
لترقد أرياشها في أمان باذخ 
وترف مطمئن وطويل.
اغتبطي يا خيام الغفوة فإننا أرهفنا السمع للغيِّ 
واحتدمنا مع البطش 
نقاومه ويقاومنا، 
نعانده ويعاندنا.. 
حتى أوصلنا القمم إلى القمم 
والجهات إلى الجهات
وربطنا الهواء بالهواء.. 
موقدين فوانيس المشارف البعيدة.
اغتبطي فإننا نثرنا الزنابق على الجسور 
وتماهين مع بهاء الشهقة
في طلوعها التنكريِّ من خيلاء المعنى،
نخوض معها تجربة الألفة 
على منعطفات السماء السابعة 
نفتح مشيئة الأقدار.
اغتبطي فإننا عرينا اليأس من مشاربه 
وخلعنا أنياب النمور الشرسة،
أنذرنا الرقباء وأقمنا مأدبة الياقوت 
فوق كمين الخسارات.
اغتبطي يا الرغبات 
يا لجسارات
يا الأقدار
يا المصائر الهائمة في مجاهيل 
القلق 
والسؤال 
والجنون
ا غ  ت  ب  ط  ي...


حسين حبش/ شاعر كردي
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads